عفوا جمهور الرجاء.. !
عزيز بلبودالي
بكل صدق، لنا أن نفتخر في كرة القدم المغربية، بوجود جمهور كبير مثل جمهور الرجاء، ليس الأمر فيه أي مجاملة، هي حقيقة وواقع، مَن يمكن أن يتباهى من فرقنا وأنديتنا الوطنية بجمهور كجمهور الرجاء؟ من ينكر أنه جمهور مخلص، وفي، عاشق لفريقه، لا تهزه سلبية النتائج، ولا تحركه خلافات المسيرين ونزاعاتهم، ولا تؤثر فيه قرارات العمال وعمداء الأمن في كل المدن التي تصر على رفض استقبال الرجاء.
حاضر شتاء وصيفا، في المباريات الكبيرة أوالصغيرة، ولا تعنيه أمورهم خارج الملعب، ولا يلتفت لما يجري ويدور في «الوازيس» أو في كبريات المطاعم أو أفخم الفنادق. ما يهمه وما يعنيه، هو توفير الدفء في أي مدرجات يُسمح له فيها بالحضور. لا فرق عنده، سواء غلت أسعار التذاكر أو توفرت بالمجان أو سُيجت الملاعب بالعصي و»الزراويط» للتخويف وللترهيب، هو حاضر يتحدى كل الظروف وكل المتاعب من أجل خاطر عيون محبوبته الرجاء.
قبل مباراة الرجاء والمغرب التطواني، لا أحد كان يعلم أين ستقام المباراة، ولا من سيقرر تحديد اسم الملعب، حتى أن الجميع أصيب بالإحباط والملل من تكرار نفس «الديسك»: ممنوع على الرجاء لدواع أمنية. إلا هو، الجمهور الرجاوي العظيم، ظل متفائلا، صبورا، ينتظر الفرج، ويترقب أي ملعب سيتكرم باحتضان الرجاء، حتى وإن لعبت في أبعد مدينة جنوبا أو شرقا، غربا أو شمالا، ستجده حاضرا مساندا موزعا أعلام الفرح الرجاوي الأخضر في كل مكان.
لنا، في كرة القدم الوطنية، أن نفتخر بوجود جمهور كجمهور الرجاء، هو العالمي، ومن بعده تأتي عالمية الرجاء. ثم، أليس من العبث أن تغلق ملاعب أنشئت أساسا لاحتضان الفرجة الكروية أمام المتعة الكروية التي يقدمها الرجاء بجمهوره الكبير.. ألا يعتبر ذلك العبث عينه ؟
من قبل، كان محبو وأنصار الفرق التي تنافس على الصعود من بطولة القسم الوطني الثاني يعبرون عن حلمهم بالقول:» نتمنى أن يصعد فريقنا للقسم الأول حتى يصبح بإمكاننا استقبال الرجاء، الوداد والجيش وغيرها من الفرق الكبيرة».
اليوم، مع افتتاح أي ملعب جديد في أي مدينة، يوقع المسؤول الأول عن المدينة وثيقة الافتتاح مرفقة بشرط واضح لا تنازل عنه: «ممنوع فتح الملعب في وجه الرجاء..لدواع أمنية».
الأمر يثير فينا قمة الاندهاش، ماذا يعني مسؤولو المدن التي ترفض استقبال الرجاء بعبارة لدواع أمنية؟ ألهذه الدرجة فشلتم في تدبير مباراة في كرة القدم؟ ألهذه الدرجة أصبح الرجاء بعبعا يخيفكم ويقلق منامكم؟
هل من المقبول أن تصدر عنكم تصريحات رسمية من هذا القبيل والمغاربة في مختلف القطاعات الحياتية يجتهدون من أجل ترويج أفضل الصور للمغرب سياحيا، رياضيا وأمنيا؟
هل من المقبول أن نتحدث عن « دواع أمنية» في بلد يتهيأ للمنافسة على احتضان أكبر تظاهرة كونية في كرة القدم؟ أليست هي العبارة التي يمكن أن تزعزع كل ثوابت ملفنا لاحتضان مونديال 2026؟
تحية تقدير صادقة لجمهور الرجاء، ولجمهور الوداد، ولكل جمهور يتحدى الصعاب من أجل فريقه.
نتذكر، ويجب أن نتذكر، كيف وقف الجمهور في سنة 2013 خلف الرجاء، يدفعه، يشجعه، يؤازره حتى وصل المباراة النهائية أمام البايرن الألماني في ذلك «الموندياليتو» الذي سيخلد في ذاكرتنا الرياضية كمرجعية نفتخر بها أمام الأمم. مَن غير الجمهور كان واثقا متفائلا ناقلا لتلك الثقة للاعبي الرجاء؟
حتى في عز أزمات الرجاء وفراغ الصندوق، مَن غير الجمهور يضفي الدفء على الصندوق الفارغ، وهو يحضر بتذاكره وبآلاف الدراهم في مالية الفريق؟
من منكم ممن يهيئ للجمع العام الاستثنائي أو العادي، فكر في هذا الجمهور؟ على الأقل، كونوا على مستوى ما يحمله الجمهور من عشق حقيقي غير مزيف، ضعوا نزاعاتكم جانبا، وبرهنوا عن حسن نواياكم وأنتم تضعون عناوين برنامج واقعي يعيد الرجاء للتوازن وللسكة الصحيحة.
فمن العار والعبث، أن يعيش فريق يعشقه جمهور بهذا الحجم، أزمات لا تريد أن تنتهي..
نطلب منك العفو والمعذرة.. ولا تؤاخذنا جمهور الرجاء بما فعله مسؤولو ملاعبنا ومدننا!
بكل صدق، تحية تقدير واحترام لك جمهور الرجاء!
الكاتب : عزيز بلبودالي - بتاريخ : 20/12/2017