في الحاجة إلى إقناع الشعب بالذهاب إلى صناديق الاقتراع
عبد السلام المساوي
لا ديموقراطية على الأرض… فثمة ديموقراطية الأكثرية التي تجعل من الشعب أكثرية وأقلية… هناك لعبة ديموقراطية عبر صناديق الاقتراع… ما نحلم به أكبر وأنبل من لعبة الصناديق وكواليس السياسة…أن نطمح إلى دولة مدنية يتمتع فيها الجميع بحقوق المواطنة وواجباتها في ظل قانون لا أحد يقف فوق سطحه، يكون رجال الدين فيها داخل معابدهم فقط.
القاعدة الكلاسيكية تقول: لا ديموقراطية بدون ديموقراطيين، وفي واقعنا الحالي يمكن إضافة تحوير بسيط: لن تكون هناك لا ديموقراطية ولا ديموقراطيين من دون قاعدة اجتماعية موسعة حاضنة للمشروع الديموقراطي، وغير ذلك سيكون الخطاب السياسي الرسمي والحزبي حول الديموقراطية ومفاتنها كمن يبني قصور الأمل فوق الرمال.
وأن السياسة إذا غاب عنها الجمهور وتقلصت المشاركة في الانتخابات إلى لعبة نخب حضرية وقروية، بعيدا عن الكتلة الشعبية الواسعة (الماينستريم بلغة العلوم السياسية) تصبح ممارسة مقرفة وتتحول الانتخابات إلى محطة تزيد في تنفير الناس من السياسة والسياسيين.
لقد ظهر أن الإقبال التلقائي غير ممكن في انتخابات 2021، وظهر أيضا أن التصويت الإجباري غير مقبول عمليا وغير مضمون النتائج، لذلك يؤدي بنا معامل المسجلين في اللوائح الانتخابية إلى دفع الأحزاب نحو بذل مجهود أكبر في إقناع الناخبين بجدوى التنقل إلى صناديق الاقتراع.
ومن هذه الزاوية يحق لحزب العدالة والتنمية إن كان يعتبر نفسه مستهدفا، كما يظهر من العمليات الحسابية التي يقوم بها منظروه الانتخابيون أن ينزل إلى الناس، ويقنعهم بحصيلته الانتخابية، ويدفعهم إلى التصويت عليه من جديد، أما أن تحكم البلد والناس وتختزل مثلا 14 مليون ناخب في مليون ونصف صوت تستخرج منها ما يفوق المائة مقعد، فهذا حساب غير ديمقراطي، وحساب أقلية تريد أن تحكم الأغلبية بمنطق «تفويض شعبي» وهمي.
والحق يقال أن الإرادة الشعبية في انتخاباتنا توجد خارج صناديق الاقتراع وليس داخلها. الغالبية غير المنتخبة هي الكتلة السياسية الأولى التي تقول إنها غير راضية عن الأحزاب وعن الانتخابات، وعن كل ما يأتي به هذا المسار، فهل يستقيم والحالة هذه أن تتقاسم الأحزاب فيما بينها حلاوة المقاعد في البرلمان والحكومة والجماعات، بينما تترك للدولة مرارة الملايين من أصوات المقاطعين والممتنعين والمصوتين عشوائيا؟ سيكون من العدل والإنصاف أن يتقاسم الجميع، وبشكل تضامني، الأعطاب المرافقة لانتخاباتنا المغربية.
ويتيح لنا احتساب المقاعد بناء على معامل عدد المسجلين في اللوائح الانتخابية أن ندفع الناخبين المترددين نحو التصويت. إنهم سيشعرون في نهاية المطاف بأن صوتهم سواء أدلوا به أم لا يتم احتسابه في النتيجة، وقد يذهب إلى من لا يستحقه، ومن واجبهم التدخل لحماية ملكيتهم الانتخابية، ثم إن إدماج المقاطعين والعازفين في احتساب النتائج الانتخابية هو آلية أخرى لربط المسؤولية بالمحاسبة: أنت ترأس الحكومة وتشارك فيها دون أن أصوت عليك، وكي ترأسها من جديد ينبغي أن تقنعني بأن أصوت عليك فعليا، وقد أختار تصويتا عقابيا بأن أجعلك تتقاسم أصواتك مع منافسيك، كما قد أجعل منافسيك يقتسمون أصواتهم مع منافسيهم وهكذا دواليك.
في منهجية تحليل الانتخابات وفعل التصويت، تقاس فعالية كل عملية انتخابية ومردودية حزبية بثلاثة أمور: تدبير اقتصادي واجتماعي منتج للعدالة الاجتماعية والمجالية، توسيع القاعدة السياسية للنظام، وتوسيع القاعدة الاجتماعية للديموقراطية الناشئة.
و بخلاصة: الدستور والديمقراطية لا يسمحان بفرض التصويت الإجباري على الناس، لكن المعامل الانتخابي على أساس اللوائح يخلق حلا وسطا: تحويل التصويت الإجباري من طرف المواطنين إلى إقناع إجباري بالتصويت من طرف الأحزاب.
وما على جميع الأحزاب إلا أن تقنع الشعب بالذهاب إلى صناديق الاقتراع.
الكاتب : عبد السلام المساوي - بتاريخ : 25/01/2021