في السياق : «وهم اقتصاد السوق »..!

محمد رامي

الآن فقط تأكد لنا بأن بعض الذين يقولون عن أنفسهم إنهم رجال أعمال ومقاولون وأرباب شركات.. ليسوا في حقيقة الأمر إلا «أصحاب الشكارة»، الآن يمكننا الجزم بأن النظام الاقتصادي المعمول به عندنا لايمت لليبرالية ولا لقانون حرية الأسعار ولا للإشتراكية أو أي نظام اقتصادي بصلة.
إنه نظام اقتصادي مغربي محض، يشكل مجموعة من المسؤولين الكبار قطبه، وتدور في فلكهم مجموعة من العناصر، منهم من يتحرك في ارتباط مباشر معهم، وآخرون يقتاتون من فتات مشاريعهم ومؤسساتهم، وإن أوهمونا بغير ذلك.
مناسبة هذا القول، أوضاع الأسعار عندنا في علاقتها بالأوضاع الاقتصادية العالمية وتراجع أسعار المواد الأولية؛ من قبل، وعندما كانت هذه الأسعار العالمية تلتهب ارتفاعا، قامت الدنيا ولم تقعد، وشرعت أسعار موادنا الأساسية في الإرتفاع، قفز سعر اللتر من الزيت إلى مستويات قياسية، الدقيق لم يسلم بدوره من لسعة الإرتفاع، وكذلك الأمر بالنسبة للعجائن والحليب والزبدة والسكر والمربى دون الحديث عن المواد الاستهلاكية الأخرى غير الأساسية، والتي لا تسلم بدورها من زيادات في كل وقت وحين، وحتى المواد التي قالوا لنا بأن سعرها لن يعرف ارتفاعا، تم التحايل علينا بالنقص من وزنها أو جودتها! والأمثلة على ذلك كثيرة.
ارتفع سعر البنزين إلى مستويات مرتفعة بالرغم من القول بأن ثمنه ليس حقيقيا بالمقارنة مع الأسعار العالمية وهو أمر مردود عليه في نظر خبراء اقتصاديين وتم إعداد قانون المالية للسنة المقبلة على أساس هذا الإرتفاع.
أسعار السكن الاقتصادي عرفت بدورها موجة ارتفاعات فاقت الخمسين في المائة في بعض المناطق، و قيل لنا بأن الاقتصاد الوطني ينضبط لنظام حرية الأسعار، وأن الدولة لايمكن لها أن تتدخل، لأن هذا هو نظام اقتصاد السوق، فأسعار الحديد والإسمنت والخشب.. قفزت إلى مستويات عالية، والزيادات قانونية لاغبار عليها.
اندلعت شرارة الاحتجاجات هنا وهناك وراهن المسؤولون على الزمن والنسيان، فتقبل المغاربة الأمر مصدقين «وهم اقتصاد السوق عندنا»..!
لكن انهيار أسعار المواد الأولية عالميا، والتراجع الصاروخي لأسعار المحروقات، أسقط ورقة التوت، ففي الوقت الذي كنا ننتظر أن تطبق حقيقة الأسعار، وتتراجع بالتالي أسعار المواد الأساسية والمحروقات إلى مستويات معقولة، وفي الوقت الذي كنا ننتظر أن تنخفض أسعار الشقق الاقتصادية والمتوسطة على الأقل، لتعود إلى مستوياتها السابقة، التزم الجميع الصمت، وسلكت الجهات المعنية سياسة غض الطرف! واختفى الحديث عن حقيقة الأسعار! وتحرير السوق والزيادات القانونية المرتبطة بالأسواق العالمية! فهي بدورها ستستفيد من هذا الوضع من خلال التوازنات المالية.
إنه اقتصاد «مول الشكارة» وسياسة الكيل بمكيالين، الذي يؤدي ثمنه المواطن العادي البسيط، إنه نظام اقتصادي مغربي محض.

الكاتب : محمد رامي - بتاريخ : 27/11/2017