كلمة .. البرلمان والديموقراطية
محمد الطالبي
يكاد المشهد البرلماني أن يصبح بلا طعم ولا رائحة، نتيجة غياب الوزراء عن الجلسات الأسبوعية، بشكل منهجي، وحتى حين يحضرون تكون الإجابات باردة جدا وتقنية جدا وغالبا متجاوزة زمنيا، لأن البرمجة تأتي أحيانا بأسئلة عفا عنها الزمن
الأمر يعود أساسا إلى النظام الداخلي الذي سيج العمل البرلماني، سواء من حيث طريقة تدبير هذه المحطات زمنيا، فغالبا الكلمة الأكثر تكرارا واجترارا هي «انتهى الوقت»متبوعة باحتجاج المسيرين، وفي كثير من الأحيان لا يجد ممثلو الأمة ولا أعضاء الحكومة الوقت الكافي للتفاعل وتقديم ما يجب من إفادات، والأمر يجعل من الجلسات وكأنها حلقات من مسلسلات بلا نهاية، ولا يخلص الجمهور إلى نتيجة من متابعة جلسات مجلسي النواب .
والأمر الثاني مرتبط بكثرة الأسئلة الشفهية والقطاعات التي تبرمج أسبوعيا .
جزء من النقاش العمومي في البرلمان يكون داخل اللجان ويستمر طويلا، ويكون النقاش ساخنا جدا في بعض الأحيان ومفيدا، لكنه ممنوع على العموم، ولا يتم تتبعه إعلاميا إلا استثناء، ويكون السجن في انتظار من ينشر أخباره حتى الحقيقية منها، لأن هذه اللجان وأشغالها تسيج بالسرية وبعيدا عن أعين الإعلام .
يحتاج البرلمان، إذن، إلى إعادة التفكير في طريقة تسويق إنتاجه إعلاميا للعموم، مع احترام ذكاء المتلقي، الذي هو المواطن المغربي أولا، وعموم المتتبعين، ولعل التفكير في مدونة السلوك والأخلاقيات يجب أن يرتبط أساسا بالمحتوى الذي يقدمه المشرعون المغاربة من خلال النصوص، وكذلك مراقبة العمل الحكومي .
والمشرع أو البرلماني هو ممثل للناس وللمواطنين وليس تابعا للحكومة أو مصفقا لها بمنطق الأغلبية والمعارضة، لأن الانتماء للأغلبية لا يعفي البرلماني والبرلمانية من دوره الرقابي والتشريعي، لأن هذه هي الأدوار التي حددها دستور البلاد.
إن إعادة الاعتبار للمؤسسة الاستراتيجية في البناء الديموقراطي يتطلب دعم تطوير دور البرلمان في توطيد الديمقراطية عبر دعم جهود البرلمان المغربي في مراقبة وتقييم السياسات العمومية، ودعم انفتاح البرلمان على المواطنين والمجتمع المدني والشركاء الآخرين، من أجل تعزيز ودعم الديمقراطية التشاركية، بشكل فعال في المغرب، وتعزيز الحوار بين البرلمان المغربي ونظرائه في العالم.
الكاتب : محمد الطالبي - بتاريخ : 23/05/2024