كلمة :  الوطن ليس غنيمة 

محمد الطالبي

بذلت المملكة المغربية جهودا كبيرا بقيادة جلالة الملك محمد السادس لتطويق الفاجعة ومعالجة عواقبها المباشرة والحد من تداعياتها في زمن قياسي، وكانت هذه الجهود مثار إشادة دولية كما ساهمت في تخفيف آثار الزلزال المدمر الذي عرفته البلاد.
لكني صدمت وأنا أطالع بيان الأغلبية الثلاثية النافذة في الحكومة المغربية، والتي استغلت الزلزال من أجل التباكي أمام شعب مكلوم جراء واقعة طبيعية أليمة خلفت أثرا نفسيا عميقا، والغريب أن التحالف الثلاثي استغل الفاجعة ليؤكد لنا انسجامه وتضامنه، وكأن أمر استمرار انسجامهم يهم المغاربة والعالم ومما جاء فيه «اتفق قادة الأغلبية على تجاوزها والتدخل المباشر لمعالجة كل ما من شأنه التشويش على انسجام الأغلبية ووحدة صفها، وإعمال جهود أكبر للدفع بالتنسيق والتعاون والإسناد الناجع القائم اليوم بين الحكومة وأغلبيتها داخل غرفتي البرلمان» !
وفي فقرة سادسة تشيد رئاسة الأغلبية بروح الانسجام والتضامن والتعاون الذي يطبع عمل مختلف مكونات الأغلبية الحكومية، وتؤكد على مواصلة وتقوية التنسيق.
المنطق يقتضي والحال أن الأمر يكتسي صبغة وطنية وإجماعا مغربيا يقتضي الجلوس إلى المعارضة بكل أطيافها داخل وخارج البرلمان والمجتمع المدني، من أجل المواجهة الجماعية وليس التغني بالانسجام، وكأننا أمام فيلم غرامي كلاسيكي، وهذا السلوك» الأغلابوي» يدفعني شخصيا للتخوف من استغلال الحكومة لتدبير الكارثة عبر إعطاء الأولوية لأعضاء التحالف أفرادا ومؤسسات منتخبة، وأن يتم التعامل مع الكارثة بمنطق الغنيمة أو بعقلية مستشاري بعض الجماعات، في وقت سابق، حيث الأولوية للأتباع والأنصار وليس للوطن والمواطن.
في الواقع، الحكومة عاجزة من بدايتها عن مواجهة اختلالات المضاربين والمحتكرين للسلع والخدمات، بل إنها بإجراءاتها الاستعراضية تعطي الفضاء لهؤلاء للتمادي في افتراس القدرة الشرائية للمواطنات والمواطنين، وأيضا الحكومة مكنت بعض المضاربين في القوت اليومي للمغاربة من فرص الاغتناء الفاحش عبر سن إجراءات تنظيمية لتمكينهم من الاغتناء على ظهر القدرة الشرائية للمواطنين، وتتغنى بكونها منسجمة.
هناك قضايا مراجعة الضريبة على المحروقات وعلى بعض الخدمات والسلع ألأساسية وإعادة النظر في توجيهات المخطط الأخضر بالاعتماد على تحقيق الاكتفاء الذاتي في بعض المواد الأساسية كالقمح والخضر والفواكه، واعتماد المقاربة الاستراتيجية وليس المقاربة المحاسباتية الضيقة، محاربة الاحتكار والريع والفساد واعتماد الشفافية وإعطاء الأولوية للبعد الاجتماعي عبر تضامن مجالي لرفع الحيف عن مغرب سمي يوما غير نافع، ولكن حكومة ليبرالية في مكوناتها لا يستقيم أن تنتصر للمنطق الاجتماعي وإلا صارت السياسة والاختيارات الإديولوجية مجرد ترف فكري لا غير، وهو إمعان في قتل السياسة…

الكاتب : محمد الطالبي - بتاريخ : 28/09/2023