كلمة : لفتيت وثورة تأميم النقل الحضري

هي بوادر ثورة داخل قطاع النقل الحضري تلك التي أعلنها وزير الداخلية عبد الوافي لفتيت، أول أمس، من داخل مجلس الغرفة البرلمانية الثانية، حيث اتسع صدره للحديث عن الطوبيسات والطاكسيات ولا كريمات، وعن وضع كارثي لقطاع النقل لا يليق بالمغرب الحديث، والكلام للرجل الوصي عن القطاع وطنيا .
لفتيت أعلن نهاية زمن لي ذراع الدولة أو ابتزازها ولن يملي عليها أحد ما يشاء في مجال النقل الحضري، وأعلنها مدوية ولها ما بعدها، إذ تقرر إغلاق هذا الباب، وفتح باب جديد فيه الفصل التام بين الاستثمار والتسيير، وهذا الأخير سيكون لشركات بمواصفات حازمة لأن الدولة هي مالكة الحافلات والمواقف، وكل ما تعلق بالنقل.
إنه تأميم القطاع بلغة أخرى وخطوة ستصل عبر أزيد من 2300حافلة إلى عدة مدن بداية مثل مراكش وفاس وتطوان، وتوعد لفتيت بأن التأميم سيصل باقي المدن التي تعمل بها شركات عبر صفقات مازالت سارية إلى الآن .
لفتيت توعد أيضا بأسلوب جديد في مجال المأذونيات وتنظيم أكثر صرامة في مجال الطاكسيات، كما كانت لغته تسير في اتجاه رد الاعتبار للمنتخبين في الجماعات المحلية مشيدا بدورهم وبتفانيهم وبأهمية أدوارهم، في الوقت الذي سجلت حالة انحباس بسبب التغول السياسي وإقصاء متعمد لغير المنتمين للأغلبية، في حين ضرب مبدأ التضامن والتكاتف المحلي والجهوي بحكم تحالفات تمت في المركز وبناء على حسابات “عطيني نعطيك”، دون وجود خلفيات لا نعرف عنها إلا ما تمت الإشارة إليه عبر القضاء دون إضافة من عندنا .
خطاب عبد الوافي لفتيت يرسم منحى آخر وفهما آخر للمقاربة الاجتماعية للدولة التي تصرف المال من أجل نقل أفضل وبدون غرض للربح، كما أسست لذلك قطاعات أخرى في حكومة عزيز أخنوش، بحيث تحولت إلى شركات قابضة هدفها الربح أولا وأخيرا، ولا يهمها من المواطن إلا ما تجبيه منه من ربح ولو أدى إلى تفقيره بل وجعله خارج إمكانية العيش البسيط .
قلت في سياق عمود سابق بأن الداخلية تحولت إلى ملاذ لجماعات طالبت بالإنصاف بل وسميتها أم الجماعات، وقلت أيضا في نفس العمود نقلا عن لفتيت : “ما زلنا في مرحلة الخطر بسبب نقص المياه”، وأضاف: “أعجوبة أنقذت الدار البيضاء، والبركة من عند الله”.
وبالنسبة للموارد البشرية، أكد الوزير أن هناك نقصًا في الأطر داخل الجماعات الترابية، مثل الأطباء، المهندسين، والتقنيين، وحتى المباريات لا تلقى إقبالًا من هذه الفئات.
وقد حمل عدد كبير من رؤساء الجماعات، في مداخلاتهم، مطالب تخص مناطقهم تحديدًا، حيث تحولت وزارة الداخلية إلى ملاذ للإنصاف في ظل تغوّل سياسي وتغليب المصالح الانتخابية على حساب السكان. ويمكن القول إن وزارة الداخلية تحولت اليوم من “أم الوزارات” إلى “أم الجماعات”.
يمكننا أن نستشف من التحول القوي لاتخاذ قرارات كانت تبدو بعيدة أن زحمة وقت المونديال وتعثر ملفات كبيرة وتبخر وعود وعهود ومحاولات الهيمنة والتغول قد تعجل فعلا بإخراج حكومة المونديال، لأن المونديال مشروع دولة ومشروع مهيكل للدولة ولمستقبل البلاد، وكما هو حال الطوبيسات، فالدولة هي صاحبة الملاعب والبنية التحتية من مطارات ونقل وموانئ، فلا يعقل أن تبتز من طرف المسيرين، وأكيد أن دولة ما بعد المونديال لن تشبه الدولة التي سبقتها.
وحكاية “طوبيس” الغرفة الأولى بداية ونقطة نظام .
للبيت رب يحميه !