بالمباشر … كلنا معنيون..
عزيز بلبودالي
لا نشك أبدا في القدرة التدبيرية لفوزي لقجع وفريق عمله داخل جامعة الكرة، ونثق بتفاؤل كبير في المخطط الموضوع المحيط بملفنا لاحتضان كأس العالم 2026، ولا شك أن المغرب راكم من التجارب ومن الخبرة ما يجعل لقجع وفريقه بمنأى عن السقوط في مجموعة من الثغرات فوتت علينا فرصة تنظيم هذا المحفل الكروي العالمي في أربع محاولات ومنذ مونديال 1994.
ستلاحظون أننا قمنا ب»تعيين» فوزي لقجع مسؤولا أولا عن ملفنا المرفوع للجهات النافذة داخل الاتحاد الدولي لكرة القدم، فالواقع يفرض ذلك، في الوقت الذي لم يتم بعد خلق لجنة مسؤولة عن الملف، كما جرت العادة في الأربع مناسبات السابقة التي قدم فيها المغرب طلب احتضان المونديال. ليكن ذلك، ولنعتبر أن رئيس الجامعة هو المسؤول الأول عن الملف، ماذا أعد لقجع وفريقه إذن لملفنا من خطة ومن استراتيجية للتعريف بخصوصيات ملفنا، وبمقومات بلدنا وبتلك « الأسلحة» التي ستمكننا من الدفاع عن حق انتزع منا في المرات السابقة؟
لحد اليوم، وقرابة ستة أشهر تفصلنا عن موعد اختيار البلد الذي سيحتضن مونديال 2026، ليس هناك أي مؤشر يوحي لنا أن العمل قد انطلق فعلا للتعريف بمزايا ملفنا، ما نعرفه، هو أن المغرب قدم رسميا ملف طلب احتضان كأس العالم 2026، غير ذلك، لا يوجد أي عنوان لأي تحرك عملي لمسؤولي ملفنا، وأتمنى أن أكون مخطئا، وأتلقى توضيحا يقول عكس ما نلاحظه من جمود وركود، وكأننا ضمنا موافقة الفيفا، ولا نحتاج للتحرك أو الدفاع عن حظوظنا.
حاولنا سابقا وفشلنا في إقناع صناع القرار في الاتحاد الدولي لكرة القدم، لأسباب منها ما كانت موضوعية خصوصا على مستوى ضعف البنية التحتية الرياضية عندنا، مقارنة مع منافسينا الأمريكان في 1994 مثلا، أو في 1998 أمام فرنسا، أو حتى في 2006 أمام الألمان، ولا في 2010 السنة التي اقتربنا فيها من تحقيق الحلم لولا تفوق «نيلسون مانديلا» الذي رفع بلده جنوب إفريقيا للصف الأول متقدما على كل المنافسين الآخرين وليطير بحق تنظيم مونديال 2010 لسماء بلاده. وتعثرنا لأسباب أخرى انتظرنا لعقود قبل أن تتبين بعض من عناوينها التي تقول إن الفساد المالي والارتشاء في أعلى جهاز عالمي يسير كرة القدم، فوت على المغرب فرصة احتضان المونديالات الأربعة السابقة، خاصة مونديالي 2006 و2010.
ليكن ذلك، المفروض أن نتعلم من تلك الدروس، وحتى خلال ترؤس إدريس بنهيمة أو من بعده محمد الكتاني للجنة المشرفة على الملف المغربي 2006 و2010، لا ننكر أنه كان هناك مجهود بذل وعمل قدم، لكن العديد من الأسئلة المقلقة ظلت تراوح مكانها دون رد في ما يخص التفاصيل غير المعلنة وغير المرئية التي تمت بها معالجة الملفين معا، وكيف تم تدبير الجانب المالي من طرف بنهيمة ومن بعده الكتاني. ويذكر المتتبعون مظاهر البذخ المالي الكبير الذي رافق الملفين معا، وكيف كنا نعاين ذلك المقر مثلا الذي وضعه بنهيمة رهن إشارة فريقه في اللجنة، ومدى ضخامة التجهيزات واللوجيستيك التي اعتمدت في المكان، حيث ظل مصير تلك التجهيزات غامضا بعد انتهاء عمل اللجنة لا يعلم أحد أين ذهبت، ولا كيف صرفت كل تلك الميزانية الضخمة، ولا نعرف من تكلف بالمراقبة ولا الجهة التي كان من المفروض أن تقوم بالمحاسبة، وكأن تلك الأموال التي صرفت ليست مالا عاما، وتكرر الأمر أيضا في تجربة الكتاني ومن معه، ولو أن هذا الأخير، حاول تقديم تفسيراته وتقاريره خلال ندوة عقدها بأحد أفخم فنادق الدارالبيضاء وكلفت بدورها مالا كثيرا.
كل ذلك، يجب أن يقرأه فوزي لقجع، وأن يستنبط منه الدروس اللازمة، ولا أعتقد أن لقجع ب « علمه» الواسع في المجال المالي سيمر مرور الكرام دون أن ينتبه إلى مثل هذه التفاصيل التي بإمكانها تغليب كفة ملفنا.
لحد الآن، لم يعلن عن تعيين أية لجنة تناط بها مسؤولية الإشراف على الملف المغربي، ما يعني أن فوزي لقجع سيكون المسؤول الأول في الدفاع عن ملفنا. نثق بكل صدق في إمكانياته وفي طاقته للوصول بملفنا نحو محطة التوفيق، لكننا نأمل، في نفس الوقت، أن يعلن عن فريق عمله، وأن يضع أمامنا، ونحن المغاربة المعنيون بالأمر مثله، تفاصيل مخططه واستراتيجيته، فربما يأتيه من مواطن مغربي عادي ما لن يأتيه من خبير استراتيجي !
أتذكر أن إدريس بنهيمة ومحمد الكتاني، وسيرا على عادة كل الدول التي تود وترغب في احتضان المونديال، قاما بالاستعانة ب» سفراء» للملف المغربي، واليوم، لن نخرج عن تلك العادة، ونأمل أن تراعى في الاختيار العوامل الموضوعية، لدينا نجوم بأسماء كبيرة من الممكن أن تفيد ملفنا وتدعمه، كما لدينا أصدقاء عرب وأوربيون عبروا في مناسبات سابقة عن دعمهم الكامل وعن استعدادهم للعمل تطوعيا لصالح ملفنا أمام هيئات الفيفا.
نحلم، ونتفاءل، ونعمل، وسيتحقق المراد!!
الكاتب : عزيز بلبودالي - بتاريخ : 21/10/2017