لن تفسد زمـنـنـا
![](https://alittihad.info/wp-content/uploads/2017/03/badia.jpg)
أريد هذا الأسبوع أن أشارككم قرائي الأعزاء، تساؤلاتي ، وأنا أطلع على مضامين ميثاق الأغلبية، الذي وقعه أمناء الأحزاب السياسية المشاركة في الحكومة بداية هذا الأسبوع.
ومن منطلق إيماني أن الاختلاف في التصورات، لا يعد عائقا في منهجية التشارك ، فإني أعتبر هذا الميثاق وثيقة أدبية غير ملزمة، إلا في نقط التقاطع التي تجمعها مع التصريح الحكومي، باعتباره الوثيقة المادية التي صادقت عليها الأغلبية البرلمانية في الغرفتين الأولى والثانية، لتكون وثيقة يترتب عليها مبدأ المسؤولية والمحاسبة، أمام نواب الأمة، كما أمام الشعب المغربي، التواق إلى أن تنفيذ الحكومة كافة الالتزامات التي دونتها الأحزاب المشاركة ، في برامجها الانتخابية، و التي تشكل تعاقدا سياسيا وأخلاقيا مع المجتمع في كافة واجهاته السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية والمعرفية، وانتظاراته التي تضع العين على الملفات الملحة والآنية كي نستدرك ما عملت الخمس سنوات الماضية على إضاعة زمانه، وتأخير أوراشه وأهمها الورش الدستوري، مما انعكس سلبا على النهوض بقطاعات استراتيجية وهامة ولها التأثير المباشر على الوضع المعيشي للمواطن المغربي.
وإذ نعتبر اليوم أن التعاقد الفعلي، يكمن في نص التصريح الحكومي نفسه، فإننا لا نقلل من أهمية ميثاق الأغلبية كوثيقة «تعاقدية ومرجعا سياسيا وأخلاقيا تؤطر العمل المشترك للأغلبية»، كما لا نقلل من مرتكزاته التي تتعهد الأحزاب المشكلة للأغلبية بالعمل على تحقيقها،والممثلة في التشاركية في العمل والنجاعة في الإنجاز والشفافية في التدبير، والتضامن في المسؤولية، والحوار مع الشركاء.
لكن كل هذه التوجهات نؤمن بها، ونجسدها من خلال العمل المتواصل والمنسجم مع قناعاتنا في الدخول إلى الحكومة، التي نتحمل فيها المسؤولية، ليس في القطاعات التي يتكلف بها حزبنا، بل بمفهوم التشارك والتضامن الحكومي، الذي نؤمن بفاعليته في تدبير الملفات ، من موقع رئاسة الحكومة، التي دافعنا عن صلاحياتها، ونحن نناضل من أجل دسترة الحياة السياسية، كما دافعنا على ضرورة الوعي بأهميتها، عندما رأينا الرئيس الذي كان، في خمس سنوات الزمن الضائع يستهتر بصلاحياته، ويتنازل عنها بمناسبة وبدونها، ويستعمل مساطرها لموقعة الذات في أوضاع ، ودعنا تمظهراتها، إيمانا منا كمغاربة بالانتقالات الديمقراطية في بناء دولة المؤسسات القوية، ودولة الحق والقانون في مشروع حداثي ديمقراطي متكامل، وهو المشروع الذي لا يخجلنا اليوم أن نصحح مساره، بنموذج تنموي جديد، يحتاج إلى نقاش عميق بمساهمة الجميع، من منطلق أن البداية من الصفر لا تعني الهدم بالضرورة، بل تعني استعادة المبادرة ، بترتيب المجالات ، وإعادة القطار إلى سكته الصحيحة دون شخصنة، أو تصفية، تتناطح فيها الذوات لكسب الجديد من الزمن إلى صفوفها.
ولهذا فالميثاق في عمقه هو دعوة للانتصار للعمل المؤسساتي، كما هو دعوة إلى تصحيح بعض المغالطات التي ركبت بعض الأذهان ، كي يتم تذكيرها بأن التشكيك في العمل الحكومي هو وهم دفع للتسويق لمجموعة من المغالطات نجحت بعض الأقلام ومعها بعض الألسن التي يسجل التاريخ ، كيف تنفض الغبار على نواياها في تكريس مدينة للضباب، لأسباب نعرف أهدافها ومخططاتها.
وإذ نتشبث بكون التصريح الحكومي هو الميثاق الفعلي للأغلبية الحكومية، فإننا نعي جيدا حجم التحديات التي تواجه العمل الحكومي، في كافة قطاعاته، تلك التي تحتاج مزيدا من الجهد والتضامن الحكومي، والتنسيق، من أجل التوجه للمستقبل، بالمواجهة الحقيقية للمعطيات الواقعية، والعمل على تسطير خارطة الطريق نحو المشروع التنموي الجديد، الذي جددت فيه الرسالة الملكية الأخيرة الموجهة إلى المنتدى البرلماني الدولي الثالث للعدالة الاجتماعية، التذكير: «أن الهدف من الدعوة لمراجعة النموذج التنموي الجديد ليس مجرد القيام بإصلاحات قطاعية معزولة، وإعادة ترتيب بعض الاوراش الاقتصادية والبرامج الاجتماعية، بل بلورة رؤية للنموذج السياسي والاقتصادي لمنظومة الحكامة المركزية والترابية في كل أبعادها، تكون كفيلة بإعطائه دفعة قوية وتجاوز العراقيل التي تعيق تطوره، ومعالجة نقط الضعف والاختلالات التي أبانت عنها التجربة..وفي هذا الإطار يتعين على كافة الفاعلين أخذ بعين الاعتبار التغيرات المجتمعية التي يشهدها المغرب» .
وهي التغيرات التي لن تعيد الزمن إلى الخلف، في قطار انطلق، بعدما خرجنا من الزمن الذي كان، والذي اعتقد بعض المستفيدين من رياحه ، أن باستطاعتهم إفساد زمننا المتوجه إلى بناء نموذج تنموي جديد.