ما بين تونس والجزائر

نوفل البعمري

ما الذي قد يجمع ما بين المشروع الذي أطلقه قيس السعيد في تونس وما يقوم به العسكر الجزائري في الجزائر!؟
ما الذي قد يتقاسمانه، في ظل الوضع الحالي الذي تعيشه الانتخابات الرئاسية في البلدين، وكأننا نشهد نسخة طبق الأصل من انتخابات تتكرر بكل تراجيدياتها في كلاهما، نفس القمع ونفس الحصار على الأصوات المعارضة ونفس الاعتقالات للنشطاء ونفس الحصار المفروض على المرشحين الذين قرروا في كلا البلدين العدول عن منافسة انتخابية ليست فقط شكلية أو نتيجتها محسومة، بل في استحقاق لا يحمل من الانتخابات غير الاسم، في ظل المشاهد القادمة من تونس والجزائر، وهي مشاهد تقول إن العقلية التي سيطرت على الجزائر منذ عهد بومدين إلى الآن، هي نفسها عقلية التحكم والقمع وإطلاق يد العسكر والبوليس السياسي التي يتم إعادة إنتاجها بتونس، تونس التي انطلقت منها شرارة الانتفاضات التي شهدتها مختلف البلدان العربية، والتي انتهى غالبيتها بخريف مدمر لهذه البلدان، هي نفسها التي كان يسعى إليها الشعب التونسي لاستنشاق نسيم الربيع، تعمل اليوم على الارتماء في تجربة جزائرية بئيسة، لم تُنتج غير القمع وتحكم العسكر والجيش في مفاصل الدولة الجزائرية، تجربة ما كان لأكثر المتشائمين من المتابعين للشأن التونسي أن يتوقعوا تكرارها في هذا البلد، لم يتوقعوا إعادة إنتاج هذه التجربة التي لم تنته فقط بالفشل بل ببناء دول ضعيفة، منهكة إقليميا ومعزولة عن محيطها، فهل هذا ما يريدونه لتونس؟!
قد يبدو أن المقال فيه بعض «القسوة» على قراءة التجربة التونسية في نسختها الحالية، لكن من يتابع الانتخابات التونسية التي تزامنت مع الانتخابات الجزائرية في تطابق زمني يبدو أنه مدروس من قبل العقلية التي تريد التحكم في تونس ودفعها إلى الاستبداد، فسيكتشف كيف أن جل الأصوات المعارضة في تونس قاطعت الانتخابات، وحتى من اختار المشاركة انتهى به المطاف معتقلا ومحاكما في محاكمات صورية، بل من تم إنصافه قضائيا وجد نفسه بمجرد أن تنفس الحرية يعود إلى السجن من جديد…
هي مشاهد لم نكن نشاهدها إلا لدى العسكر الجزائري، وهاهي اليوم يُعاد إنتاجها في تونس التي كان يُفترض أن تكون خضراء !

الكاتب : نوفل البعمري - بتاريخ : 09/09/2024

التعليقات مغلقة.