ما بين حزب العمال الكردستاني و البوليساريو!

نوفل البعمري

بعد سنوات من الحرب والقتال وسقوط أكثر من أربعين ألف شخص ضحية الصراع المسلح الذي شهدته تركيا ما بين السلطة وحزب العمال الكردستاني، قرر هذا الأخير ، من خلال بلاغ ورسالة زعيمه، إلقاء السلاح ورفض استمرار القتال ودعم وحدة تركيا، حتى تجاوز حديث عبد الله أوجلان مطامح السلطة بتركيا نفسها، ليرفض أي حل ينبني على الفيدرالية أو الحكم الذاتي، و يؤكد على الوحدة الكاملة لتركيا!!
عبد الله أوجلان يفتّح فصلاً سياسياً جديداً في تركيا، وهو فصل عاشت فيه تركيا الحرب والاقتتال الداخلي الذي لم يتوقف، رغم اعتقال و محاكمة زعيم حزب العمال الكردستاني الذي فهمت قيادته أن قيام دولة كردية ستكون مجرد دولية هجينة لا مستقبل لها في ظل التحولات التي تشهدها المنطقة، خاصة سوريا والعراق، وتراجع قوي للنفوذ الإيراني والروسي بالمنطقة مع انهيار كلي لحزب الله بجنوب لبنان…هذه التحولات التقطتها قيادة الحزب و فتحت الباب أمام مرحلة جديدة ستشهد فيها تركيا حواراً سياسياً بين الدولة/السلطة و الحزب، لتطوي تركيا جزءاً من تاريخها الدموي و الصراع للحفاظ على وحدة وسيادة تركيا الكاملة على حل ترابها.
هذا الحدث لن يكون حدثاً عابراً، بل سيكون له ما بعده على مستوى امتداداته الجيواستراتيجية في مختلف مناطق النزاع، وهنا نستحضر تنظيم ميليشيات البوليساريو، وهل يلتقط بجرأة هذا التحول باعتباره آخر معقل من معاقل بقايا الحرب الباردة؟
هذا السؤال يطرح نفسه بقوة، لكن في الوقت نفسه يجد الباحث صعوبة جدية في الإجابة عليه لاعتبارات عدة منها:
– حزب العمال الكردستاني حافظ على “هويته” الإيديولوجية والسياسية كحزب قومي-ماركسي، يريد بناء دولة كردية، في حين جبهة البوليساريو لم تعد لها أية هوية، لا إيديولوجية و لا سياسية، بل تحول إلى ميليشيات مسلحة.
– حزب العمال الكردستاني حافظ على تواجده بالمنطقة التي كان يسعى لانفصالها عن تركيا، في حين تنظيم البوليساريو تواجد وأعلن عن ميلاده خارج الأقاليم الصحراوية، وتم تأسيسه داخل التراب الجزائري بقرار عسكري جزائري.
– حزب العمال الكردستاني رغم كل ما يمكن أن يقال عنه يبدو أن قرار الحرب والسلم كان بيده، في حين تنظيم ميليشيات البوليساريو مجرد ذيل تابع للعسكر والجنرالات الجزائريين الذين هم من يعينون زعماءه و يُعتبرون هم الماسكين بزمام القرار و صانعيه داخل التنظيم الميليشياتي و المخيمات.
هذه الملاحظات تجعل القول بأنه قد يكون هناك انعكاس إيجابي لقرار حزب العمال الكردستاني على تنظيم البوليساريو أمرا جد مستبعد في ظل الفوارق الكبيرة الموجودة بين التنظيمين، وهي فوارق يزكيها معطى كون صاحبك المصلحة في ملف الصحراء هي الجزائر و عسكرها، هذا الفارق يجعل في ظل تكلُس هذا النظام صعب تكرار هذا السيناريو ما لم يحدث تغيير جذري في بنية الدولة الجزائرية!!

الكاتب : نوفل البعمري - بتاريخ : 03/03/2025