ملف الصحراء: إحاطة جديدة

نوفل البعمري

 

بناء على الندوة الصحفية التي عقدها المتحدث باسم الأمين العام للأمم المتحدة فإنه سيتم إطلاق مباحثات سياسية جديدة تمهيداً لرفع إحاطة لمجلس الأمن من طرف المبعوث الأممي ستافان دي مستورا، وذلك تنفيذاً لقرار المجلس الصادر في أكتوبر الماضي الذي ألزمه بتقديم تقرير/إحاطة بعد ستة أشهر من صدور القرار يستعرض فيها مدى تقدم العملية السياسية منذ آخر قرار، وما تم إنجازه طيلة هذه الستة أشهر.
إذن ستافان دي مستورا ملزم بتقديم إحاطته في شهر أبريل الجاري التي ستكون موضوع مناقشة، وستكون مناسبة للتداول في الجوانب المدنية والسياسية المتعلقة بالمباحثات والمبادرات السياسية التي يكون قد قام بها، كما يتم تقديم ضمن نفس السياق تقرير عن الوضع الأمني في المنطقة وقدرة تحرك بعثة المينورسو في المنطقة العازلة خاصة الجانب الشرقي من الجدار الرملي، الجديد هذه المرة هو ما تم الإعلان عنه: أن المبعوث سيقوم بمشاورات ستشمل سفراء المغرب، الولايات المتحدة الأمريكية، بريطانيا، إسبانيا وفرنسا بالأمم المتحدة بالإضافة إلى ممثل مكتب البوليساريو بنيويورك، الذي لا يحظى بأي صفة ديبلوماسية، هذه المشاورات يعني أنها ستشمل بالإضافة إلى الجزائر وموريتانيا والبوليساريو… باقي الدول المشكلة لما يعرف بمجموعة «أصدقاء الصحراء الغربية»، هنا لابد من طرح السؤال: هل الأمر يتعلق برغبة أممية في تغيير شكل الموائد المستديرة من طاولة رباعية إلى شكل أكبر؟! أم هي فقط رغبة شخصية/ذاتية للمبعوث الذي لم يستطع للآن أن يلزم الجزائر بالتعاطي الجدي مع العملية السياسية وإنهاء كل العقبات التي تضعها لعدم إطلاق عملية سياسية جديدة!؟
الجواب عن هذا السؤال ضروري وغير مرتبط بمضمون الإحاطة التي سيتم تقديمها، والتي لن يكون فيها أي جديد من الناحية السياسية مادام أن الوضع شبه جامد، إن لم يكن جامداً فعلا لأنه ومنذ إنهاء لقاء جنيف2 لم يستطع المبعوث السابق ولا الحالي إعادة الانطلاق في جولات سياسية جديدة تستكمل ما انتهت إليه المباحثات السابقة بسبب التعنت الجزائري، ومن الناحية الأمنية فقد أصبح الوضع آمنا بعد تحرير معبر الكركرات من الجانب الجنوبي، أما من الناحية الشرقية فإن مليشيات البوليساريو لم تعد قادرة على الاقتراب من الجدار، فيما الوضع في الأقاليم الجنوبية المغربية عادي جدا وطبيعي والمنطقة تشهد انفتاحا سياسياً وديبلوماسياً يعزز من السيادة المغربية على هذه الأقاليم.
الجديد/القديم هو هذا الجمود الذي دخله الملف ولم يخرج منه، والذي تبدو فيه الأمم المتحدة، رغم قراراتها الأممية التي تبنت المعايير السياسية لمبادرة الحكم الذاتي، غير مقتنعة بضرورة إيجاد آلية أممية سياسية يتم من خلالها فرض الحل السياسي الذي تتبناه والمتمثل في مبادرة الحكم الذاتي، ويبدو أن هناك توجها يتبلور يُستشف مما أعلنه المتحدث باسم الأمين العام للأمم المتحدة من أن هناك رغبة في تغيير شكل المباحثات أو الذهاب نحو مؤتمر دولي حول الصحراء، وهنا لابد من أن يكون المغرب منتبهاً لهذا التوجه الذي قد يبدو أنه يتشكل أو قد يكون مجرد جس نبض لمختلف الأطراف الأساسية المغرب/الجزائر، وهو جس نبض للمغرب الذي يجب أن يكون استباقياً في هذه النقطة بالذات لأن الذهاب نحو مؤتمر دولي لا يمكن أن يكون موضوع أي نقاش إذ سيُعد الأمر بمثابة انحراف وخروج عن المعايير التي وضعتها الأمم المتحدة لحل النزاع، والتي لا يدخل ضمنها مؤتمر دولي، بل طاولة رباعية طرفاها الأساسيان المغرب والجزائر تنطلق من جديد من حيث خلصت مباحثات جنيف1 وجنيف2، ومن قرارات مجلس الأمن الصادرة في الموضوع.

الكاتب : نوفل البعمري - بتاريخ : 03/04/2023