من العاصمة .. إجرام بالصحة 

محمد الطالبي

قضت أحكام قضائية بسجن أكثر من 12 شخصا بتهم سرقة وبيع أدوات طبية من مستشفى عمومي بمدينة تازة، ما شكل ويشكل وضعا كارثيا، حيث أن الملف يمس بقطاع الصحة باعتباره قطاعا يحظى بأولوية من أجل تحقيق التنمية والأمن الصحي .
حسب التهم فقد جرى بيع أدوات طبية بمئات الملايين لمصحات خاصة بنفس المدينة، مما يشكل خطورة بالغة، قانونيا وأخلاقيا، ويطرح سؤالا عميقا تردد منذ  سنوات في بلادنا، حيث أن عدة شركات في قطاعات مربحة ليست سوى امتداد للقطاع العام يتم السطو عليها بطرق ملتوية عبر مؤسسات الوساطة والتدبير المفوض … وبالعودة إلى قطاع الصحة المفروض فيه حماية أرواح الإنسان كما يفترض في  المتهمين تجسيد توصيات ملك البلاد لتحقيق التنمية، كما جاء في كلمة ممثل النيابة العامة، إلا أن لا شيء يطبق بل إن بعض المؤسسات تبدد الأموال العامة والمعدات الطبية على طريقة «حاميها حراميها» في وضح النهار .
رغم قساوة المشهد فإن أسئلة كبيرة تطرح حول كيفية تمكن المتهمين من ترحيل أجهزة طبية من مكانها الطبيعي مع غياب أية آلية للمراقبة، محليا أو جهويا ومركزيا، بل إنها مسؤولية الوزير والحكومة جميعا، لكن مرة أخرى لن يستقيل أحد لأن الأمر يمس «المال السايب» والمثل يقول «المال السايب يعلم السرقة» !
ليس تحاملا ولكن المشهد أمامنا صعب تقبله، إنه قتل بشكل آخر للناس والمرضى خصوصا، فكيف لمسؤول أن يسرق ويبيع أجهزة طبية، أليس في الأمر قتل للناس جميعا عبر حرمانهم من حق التطبيب؟ أليس مؤلما أن تلج مستشفى ولا تجد الدواء والمعدات ؟؟ والناس يتألمون ويعانون؟
في الأمر حكايات يومية تتناسل في صمت أشبه بالتواطؤ، فمتى يستيقظ الإنسان في الإنسان؟
يجب تطوير منظومة العدالة للإجابة عن الفراغات التي يتصيدها عديمو الإنسانية، ويبحثون عن ثغرة، ولو كانت صغيرة، للسطو على المال العام !

الكاتب : محمد الطالبي - بتاريخ : 24/02/2024