من العاصمة : اغلالو وبداية السقوط
محمد الطالبي
استقالت أسماء اغلالو من رئاسة عاصمة الأنوار، وهي التي استقدمت إليها محمولة على الأكتاف ومحمية ومسنودة من تحالف ثلاثي وبمباركة الأغلبية التي انطلقت من العاصمة لتوزع المؤسسات الترابية بالعدل والقسطاس انطلاقا من الجهات إلى الجماعات ومجالس العمالات حتى حرمان المعارضة من أمين المجلس ومحاسب التي يخولها لهما القانون، ولكنها القسمة، وما أدراك ما القسمة؟ ولو أن أحد الأمينين مازال بعيدا عن العودة ولهيب الملفات الحارقة مازال يقترب من العديدين .
بداية لابد من الإشادة بالمستقيلة وبعيدا عما تكون ارتكبته من أخطاء، فهي امرأة تمكنت من تسيير شأن العاصمة لمدة فاقت السنتين تحت «القصف والحصار»، ولن تنجلى حقيقة ما وقع ويقع إلا حين وقف إطلاق النار بين أطراف التغول الثلاثي المؤكد، لنكتشف كمواطنين حجم الأضرار الجسيمة التي لحقت بنا سياسيا وتدبيريا وأخلاقيا، لأن اغلالو لم تكن وحدها ولم تقرر وحدها ولم تصنع أغلبية بإرادتها ولا زورت تزكيتها، فالعملية مركبة وفيها أحزاب ثلاثة وجب أن تقول الحقيقة للمواطنين المغاربة، وبالأخص أهل الرباط، لأن ما وقع مؤكد أنه بفعل فاعل أو فاعلين سياسيين محددين، ولن نطارد الساحرات، الفاعلون معلومون والغائب هو تحمل المسؤولية، لا أدري ما هي الإشارة والدلالة من فرض استقالة أو إقالة امرأة من رئاسة مدينة ونحن على أبواب اليوم العالمي للمرأة، فهل هذه طريقة للاحتفاء بالنساء المغربيات؟
نحن أمام حالة سياسية وأخلاقية شاذة وصعبة من طرف تحالف جعل من سلوكاته وقراراته ومبادراته أمورا مقدسة وخارج المحاسبة، مما يسيج الحق السياسي ويزيده اختناقا وعجزا عن مسايرة التطور الديمقراطي الذي تتنفسه بلادنا وتعتمده آلية لبناء المستقبل .
أقول هذا لأن الحكومة صامتة عما يحدث في الرباط العاصمة الإدارية ومكوناتها الحزبية صامتة أيضا، بل وكأنهم غير معنيين بما يحدث وحدث على مرمى من مكاتبهم المكيفة.
هدا الصمت الرهيب طال الانتخابات الأخيرة وقضية «اسكوبار الصحراء»، ومتابعة مسؤولين مجاليين كبار، وكذا تساقط برلمانيين بتهم خطيرة جدا، لأن الحكومة حكومة للوطن وليست مؤسسة تابعة للأحزاب، وربما هنا الفرق بين رجالات الدولة الذين مارسوا الشأن الحكومي وبين أعضاء حكومتنا الحاليين، فقط مواجهة الرأي الآخر للمعارضة والصحافة يستنفر الحكومة للرد وكأنها تعتبر نفسها مجرد أشخاص لا مؤسسات دستورية منظمة بالقانون .
ولنجدد التأكيد أن ما وقع أو ما أوقعت نفسها فيه عمدة الرباط سيكون له ما بعده مركزيا وجهويا لأن التحالف بات أقرب إلى السقوط والمؤشرات الكبيرة لفشل من كانوا داعمين للعمدة وفرض عليهم التخلي عنها في لعبة كسر العظام بين التحالف !
الكاتب : محمد الطالبي - بتاريخ : 02/03/2024