من العاصمة .. حكومة «الحكارة»

محمد الطالبي talbipress@gmail.com
هذه حكومة لا تجيد من فنون السياسة سوى احتقار الشعب المغربي، وهي تتبجح بادعاء الحوار بينما لا توجد أي ممارسات حقيقية تؤكد ذلك. أي حوار هذا الذي لم يشمل المعارضة المؤسساتية، ولم يفتح الباب أمام المجتمع المدني؟ الشعب يتذكر جيداً كيف تم تمرير قوانين تقيد حق الإضراب، وتستهدف النقابات، وتفرغها من مضمونها، وصولاً إلى ضرب العمل الحزبي وتجريده من أي محتوى فعلي.
أي قواعد شعبية تستند إليها هذه الحكومة؟ ومن أوصلها إلى كراسي المؤسسات المنتخبة إن لم يكن الشعب نفسه؟ ومع ذلك، تتعامل مع أي صوت معارض بالاستعلاء والازدراء، وكأن هذا الشعب لا يملك حق الاعتراض أو تقديم مقترحات.
المال العام صار غنيمة بيد بعض الوزراء الذين دخلوا فقراء، فإذا بهم في غضون أشهر يملكون الفيلات والضيعات والاستثمارات، بينما محيطهم من “الكفاءات المفترى عليها” تحول إلى ذئاب مفترسة تغتنم قوت الشعب. الدعم الذي وُزع في قطاعات الصحة والنقل واللحوم، والصفقات الكبرى التي صارت غنائم للمقربين، كل ذلك يثبت أن الهدف ليس خدمة المواطنين، بل إشباع طموحات شخصية وشراء ولاءات سياسية. هل يعقل أن يغتني هؤلاء في أسابيع قليلة بينما الشعب يكافح على لقمة العيش؟
ولم تكتفِ الحكومة بالمال والصفقات، بل امتدت يدها إلى قوانين الصحافة والنشر، التي تهدف بشكل ممنهج إلى قتل الصحافة الحرة وتشجيع التفاهة، وتحويل الإعلام إلى بوق للتحكم بالرأي العام. نحن ندفع ثمن ذلك غالياً من كرامتنا ومن وعينا الجماعي، في وقت يُهدد فيه أمننا الإعلامي وتُراد له السيطرة الكاملة بيد “شبكة مصالح” لا تريد سوى إبقاء الشعب تحت أقدامها، بلا صوت ولا حرية ولا مقاومة.
الحوار لم يعد سوى شعار فارغ، والسياسة عندهم ليست فعلا نضاليا يخدم الوطن، بل وسيلة للريع والإثراء. كل تعديل أو مقترح معارض يُقابل بالرفض المهين، وكأن الشعب مجرد رقم في سجلاتهم، أو صوت يُستغل عند الحاجة.
لقد بددت هذه الحكومة المليارات في صفقات مشبوهة، وجعلت المغاربة يعيشون مرارة عيد بلا أضحية، وألغت دعم الحقيبة المدرسية وضربت القدرة الشرائية للطبقات الوسطى والفقيرة، بينما منحت العطايا السخية للمقربين باسم “الإصلاح”.
وأقولها صريحة، هذه ليست مجرد ملاحظات عابرة، بل صرخة من قلب الشعب المغربي: لا خلاص لنا إلا باليقظة، بالوعي، بالمقاومة السياسية السلمية التي تفضح الكذب، وتواجه الاستبداد، وتستعيد للسياسة معناها الحقيقي خدمة للشعب لا خدمة للجيوب. الشعب المغربي لن يسكت بعد اليوم، وكرامته ليست للبيع.
الكاتب : محمد الطالبي talbipress@gmail.com - بتاريخ : 04/10/2025