من العاصمة : 500 مليار دولار… المال الجزائري المراق مجانا

محمد الطالبي
أرقام صادمة تكشف عبث الجارة الشرقية لبلدنا المغرب من خلال الإنفاق بسخاء لدعم المشروع الانفصالي المدعوم والممول كليا من أموال وعرق الشعب الجزائري.
تُظهر التقارير أن الجارة الشرقية أنفقت ما يناهز 500 مليار دولار على دعم مشروع انفصالي لا يستند إلى أي مبرر تاريخي أو جغرافي أو لغوي أو ديني. وهو رقم مهول، يفوق ديون العديد من دول العالم العربي مجتمعة، ويعكس حجم التبذير في سبيل قضية مفتعلة، لا تخدم سوى أجندات تعاكس منطق الأخوة واستقرار المنطقة. هذا الرقم الهلامي يكفي لإنقاذ كل العالم الإسلامي والعالم الثالث من الفقر والخصاص، ويكفي لإعمار فلسطين عشرين مرة وجعلها قوة عالمية، إلا أنه وللأسف، تتحول الأموال الطائلة إلى أداة ومحاولة لاختراق وحدة بلد جار على حساب التنمية، ولنتخيل أن هذا المال صرف في ما يجب من تعليم وصحة واقتصاد، ألن يكون المغرب الكبير قوة عنيدة تواجه أوروبا والغرب بأكمله، اقتصاديا وتجاريا وثقافيا، بدل أن تظل الجزائر مجرد مصدر للمهاجرين الفارين من القهر والفقر .
خطر ببالي هذا الرقم المهول وأنا أستمع لصديق من أصول جزائرية مغربية، ونحن نتحدث عن معاناة آلاف الأسر التي تشتتت أحلامها وعلاقاتها على مشجب حدود مغلقة وصراع سياسي بين الجارين الشقيقين. كانت المعاناة صادمة حين علمت أن الوصول من الجزائر إلى منطقة محاذية لمدينة وجدة، والذي لا يتعدى على الأكثر ربع الساعة لا غير، يتطلب عشرين ساعة طيران وتكلفة قد تصل إلى ألف دولار، فقط بسبب إغلاق الحدود وصدّها في وجه الروابط الإنسانية، في وقتٍ لا يكف فيه المغرب عن تجديد النداء الرسمي بفتحها، بروحٍ أخلاقية وأخوية تقابلها الجزائر بلغة الجفاء والصمت والعناد، دون أدنى اعتبار للكلفة الإنسانية.
روى لي الصديق مشهداً يختزل حجم هذه المعاناة: أسرة مغربية-جزائرية على جانبي الحدود، عند نقطة الوادي، تصرخ وتتوسل لرؤية بعضها، امرأة ترفع طفلاً عالياً لتراه جدّته من خلف القضبان، كأنهم يعيشون زمن الأسلاك الشائكة لا زمن الوحدة المغاربية. كان المشهد مريعاً بقدر ما كان إنسانياً، وخلفه تختبئ قسوة الاختيارات الرسمية المصرّة على إغلاق القلوب قبل الحدود.
وفي المقابل، شاركته تجربتي الشخصية حين زرت الجزائر في وقت سابق، كانت الجزائر الشعبية مختلفة تماماً عن الجزائر الرسمية. استُقبلت هناك بالأحضان والكرم والإخوة الصادقة. كان منطق «خاوة-خاوة» حقيقياً، لا شعاراً، شعرت أنني وسط أهلي وناسي، كما لو لم تكن هناك حدود أو خلافات سياسية. وما زلت أؤمن أن الشعوب لا تعرف الحقد، بل تتوق إلى الوصل، وأن القطيعة لا تصنعها إلا السياسات العاجزة عن الارتقاء إلى نبض الناس.
وأخيراً، كما قال لي أحد الإخوة الجزائريين في حديث ودي عن القضية المفتعلة في الصحراء المغربية:
«أنتم في المغرب تدافعون عن قضية تعتبرونها وطنية، أما نحن في الجزائر فنضيع أموالنا وجهدنا في ما لا نملك فيه لا رأياً ولا نصيباً، نحن نحارب من أجل إقامة كيان لم يوجد في التاريخ ولا في الجغرافية» .
تلك، في نظري، هي مأساة الجزائر الشقيقة… وستظل شقيقة، ورغم كل هذا العناد لا يمكن لي ذراع الحقيقة إلى الأبد !
الكاتب : محمد الطالبي - بتاريخ : 03/05/2025