هل تخرج الانتخابات المقبلة ليبيا من حالة الحرب والانقسام؟

باريس- يوسف لهلالي

هل يمكن أن نعتبر مؤتمر باريس الدولي الموسع حول ليبيا هو آخر محطة لخروج ليبيا من حالة الحرب، والتي مرت عليها عشر سنوات وخلفت أكثر من 15 ألف قتيل وتشريد وتهجير مئات آلاف الليبيين من منازلهم، دون الحديث عن الخسائر المادية التي تسببت فيها حالة الفوضى وغياب مؤسسة الدولة؟
هذا اللقاء الدولي الموسع ترأسته فرنسا، ألمانيا، إيطاليا وحضرته نائبة الرئيس الأمريكي كمالا هاريس ووزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف والأمم المتحدة وحضره ممثلو حوالي 30 بلدا بالإضافة إلى دول الجوار، أو بلدان المنطقة التي ساهمت في حل الأزمة سياسيا كالمغرب الذي رعى» اتفاق الصخيرات»، وما تلته من لقاءات سواء في بوزنيقة أو طنجة، وهو اتفاق تبنته الأمم المتحدة ويعتبر حتى اليوم أساس الاتفاق السياسي الذي يسمح بإدارة المؤسسات بليبيا.
الرهان اليوم هو على الانتخابات التشريعية والرئاسية التي من المتوقع أن تتم في 24 من ديسمبر المقبل، ومن أجل دعمها أقر مؤتمر باريس الموسع فرض عقوبات على أي طرف داخلي أو خارجي يعرقل الانتخابات أويحول دون إجرائها، رغم أنه لم يتم الاتفاق حتى الآن على قواعد اختيار المرشحين إليها، وهو ما يجعل الطريق إليها محفوفا بالصعوبات.
خلال هذا المؤتمر الدولي، تم تسليط الضوء على اتفاق الصخيرات السياسي لعام 2015، الذي وضع أسس المصالحة بين مختلف أطراف الأزمة الليبية، وتمت الإشارة إلى هذا الاتفاق، الذي يعد المرجعية الأساسية من أجل التسوية السياسية لهذه الأزمة، على الخصوص، من طرف الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، من بين مختلف المبادرات الدولية المنفذة خلال السنوات الأخيرة بهدف إخراج ليبيا من الأزمة السياسية التي يعيشها هذا البلد منذ سقوط نظام القذافي.
وقال رئيس الجمهورية الفرنسية خلال الندوة الصحفية المشتركة مع المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل، رئيس مجلس الوزراء الإيطالي ماريو دراغي، رئيس المجلس الرئاسي الليبي محمد المنفي والوزير الأول الليبي عبد الحميد الدبيبة، إنه «تم القيام بعمل كبير خلال السنوات الأخيرة شاركنا فيه جميعا، مع العديد من المبادرات؛ بباريس في عامي 2017 و2018؛ في باليرمو؛ في برلين؛ في طرابلس مؤخرا. ولا أنسى مبادرة القاهرة واتفاقات الصخيرات…».
إلى جانب ذلك، أشار المشاركون في بيانهم الختامي الصادر عقب أشغال هذا المؤتمر الدولي، إلى الاتفاق الليبي المبرم في الصخيرات، والذي اعتبره مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة «الإطار الوحيد القابل للتطبيق من أجل وضع حد للأزمة السياسية في ليبيا».
وخلال هذا المؤتمر الدولي، قدم ناصر بوريطة المقاربة الملكية من أجل تسوية الأزمة الليبية وإرادة الملك محمد السادس لجعل المغرب أرضا لاستقبال الحوار الليبي.
ويعتبر وجود قوات أجنبية أو مرتزقة أحد العقبات أمام هذا الحل السياسي، فقد دعا مؤتمر باريس البلدان المعنية بهذا النزاع إلى سحب قواتها والمرتزقة المتواجدون فوق أراضي ليبيا. ومباشرة بعد نهاية اللقاء قالت تركيا إنها غير معنية بمطالبة الرئيس الفرنسي بهذا الانسحاب وأن حضورها بليبيا يمثل «قوة استقرار»، وذلك غداة مطالبة الرئيس إيمانويل ماكرون تركيا وروسيا بسحب «مرتزقتهما وقواتهما» من هذا البلد «بدون تأخير.
الناطق باسم الرئاسة التركية قال إنه يتم التعامل مع قوات بلده، كما لو كان الوجود التركي المشكلة الرئيسية في ليبيا. «الأمر ليس كذلك. (…) نحن هناك كقوة استقرار ولمساعدة الشعب الليبي». وأضاف «عسكريونا هناك بموجب اتفاق مع الحكومة الليبية. لذلك لا يمكن وضعهم في مستوى المرتزقة الذين جيء بهم من دول أخرى».
من توصيات المؤتمر الدولي حول ليبيا في باريس «خطة العمل الشاملة لسحب المرتزقة والمقاتلين الأجانب والقوى الأجنبية من الأراضي الليبية، التي أعدتها اللجنة العسكرية المشتركة التابعة للحوار» الليبي. ولكن حتى الآن لا يزال عدة آلاف من المرتزقة الروس من مجموعة «فاغنر» الخاصة والتشاديين والسودانيين، ومقاتلين سوريين موالين لتركيا، موجودين في ليبيا بحسب الرئاسة الفرنسية.
لكن تركيا لا تظهر عجلة للشروع في سحب قواتها، فيما ينفي الكرملين إرسال عسكريين أو مرتزقة إلى ليبيا وكذلك أي صلة بشركة «فاغنر».
لهذا سيكون سحب القوات الأجنبية والمرتزقة بالإضافة إلى اختيار قواعد الترشيح لهذه الانتخابات هما العقبتان الأخيرتان أمام انتخاب رئيس وبرلمان، من أجل خروج ليبيا من هذه الأزمة التي استمرت طويلا منذ الإطاحة بنظام القذافي سنة 2011.
فهل يدفع التهديد بالعقوبات الذي تم التلويح به خلال مؤتمر باريس الموسع حول هذه الأزمة البلدان الأجنبية وحلفاءهم، وكل من يسعى إلى عرقلة إجراء الانتخابات، إلى الانضباط لطلبات المنتظم الدولي، هذا الحل اليوم يوجد بيد الليبيين، وهو ما أكد عليه اتفاق الصخيرات، أي عندما نترك المبادرة لليبيين للعمل في ما بينهم دون تدخل أجنبي فإن النتائج تكون إيجابية، فهل يترك الخارج ليبيا في سلام؟

الكاتب : باريس- يوسف لهلالي - بتاريخ : 16/11/2021