أهدنا الحياة .. ومات!

أحمد المديني

لو قلت إن محمد بن عيسى، كما عرفت منذ عقود، وبمنجزه الدبلوماسي والثقافي والوطني والعربي ثم الدولي فلتة من فلتات وشعلة وضاءة الزمن المغربي الحديث والمعاصر لما كفاني هذا ولا وفيت حقه. نحن مع طينة من الرجال اجتمع فيه ما تفرّق في غيره، من الموهبة، والكفاءة، وتعدد الخبرات، وطاقة البذل والتأسيس للمشاريع الثقافية التنموية، وتمتين عرى التواصل على جميع الأصعدة البناءة وبالأفكار الخلاقة والمثابرة وجاذبية الشخصية.
فإلى جانب مهامه الدبلوماسية الوزارية والسِّفارية التي ربطته برؤساء دول كبار في العالم، قضى محمد بن عيسى قرابة نصف قرن في خدمة الثقافة الوطنية بالمغرب حسب تصوره وبرنامجه الذي بلوره مع رفيقه الراحل قبله الفنان التشكيلي محمد المليحي. أسّسا معًا منتدى أصيلة بعنوان واستراتيجية توظيف الثقافة لخدمة التنمية، وحقق هذا المحفل نجاحًا باهرًا بإنعاش المدينة وتحويلها محجًّا وطنيا لكتاب ومثقفي المغرب ومنارة عربية ودوليًّة للحوار الفكري الحضاري السياسي، استقطبت كبار الساسة والخبراء والدارسين والأدباء والفنانين من العالم أجمع.
لست وحدي من يفقد صديقًا حميمًا بل هذه الأطراف كلها تخسر هذا العلم الفذ بشعور يُتم جماعي، متبوع بمسؤولية جديرة بالاهتمام الكبير أن علينا أن نرعى هذ الإرث العظيم بعد رحيل مؤسسه وفاء لتاريخه وصداقته وشخصيته الفذة، بلا نظير .

الكاتب : أحمد المديني - بتاريخ : 03/03/2025