أوروبا والقضية الفلسطينية وبيانات الإدانة
سري القدوة
لا احد ينكر الدور الأوروبي المهم في دعم مكونات الدولة الفلسطينية، والسعي الدائم من قبل دول الاتحاد إلى تعزيز مكانة الدولة الفلسطينية، ومساندة ودعم مؤسساتها، دعما تخطى بكثير المادي منه والمعنوي إلى مراحل ومفاصل مهمة من التدريب للكادر البشري الفلسطيني في مختلف المؤسسات الأوروبية واطلاعه على التجارب في الاتحاد الأوربي، ومحاولة الاستفادة من ذلك على الصعيد الفلسطيني.
ولقد لعب الاتحاد الأوروبي دورا مهما في صناعة السلام بالمنطقة العربية، ووقف مساندا للشعب الفلسطيني لاسيما على مستوى إنهاء الصراع العربي الفلسطيني، وكذا في تقييم المسيرة السياسة، ووضع آليات للعمل خاصة مع تفاقم العدوان الإسرائيلي على الشعب الفلسطيني، وممارسة سياسة الإرهاب المنظم ضد الشعب الفلسطيني، ومؤسساته المدنية، ما استوجب ضرورة اتخاذ مواقف واضحة من ممارسة الاحتلال وخاصة في ظل تصعيد العدوان ليشمل التهديدات المتواصلة،التي تتعرض لها المدارس الفلسطينية والتجمعات البدوية من قبل الاحتلال والمستوطنين، واتخاذ سلطات الاحتلال لقرارات باستمرار التوسع الاستيطاني ومصادر المدارس وانغلاقها لصالح عمليات الاستيطان من أراضي الضفة الغربية المحتلة لاسيما المدن والقرى الواقعة في تجمع رأس التين، والتي تضم البلدات الفلسطينية كفر مالك، وخربة أبو فلاح، والمغير، التي تعاني من الحصار بشكل يومي بفعل ممارسات الاحتلال من حملات المداهمة، وتحديد الأراضي الرعوية، ومنع المواطنين من الحصول على أبسط المقومات الأساسية ومنها التزود بشبكات الكهرباء والمياه، وكذا فرض الضغوط الاقتصادية، وتهجير سكان المنطقة من البدو الذين ارتحلوا إليها منذ 30 عاما، وذلك بمنع إقامة شبكات المياه، والخلايا الشمسية، والاستيلاء على آليات الحفر، ومنع إقامة المنشآت.
فى ظل هذا العدوان، والمواقف المهمة للاتحاد الأوربي، ومتابعته الحثيثة لمجريات الأمور على أرض الواقع وما يجرى من عدوان ضد الشعب الفلسطيني، فإننا نرحب وننظر لبيان القوى الأوروبية الكبرى، الذي أدانت فيه مصادقة سلطات الاحتلال الإسرائيلي على بناء آلاف الوحدات الاستيطانية الجديدة في الأراضي الفلسطينية المحتلة، وتأكيدها على أنها لن تعترف بأية تغييرات على حدود الرابع من حزيران عام 1967.
هذا الموقف المهم، الذي عبرت عنه كل من خارجية ألمانيا، وفرنسا، وبريطانيا، وإيطاليا، وإسبانيا في بيان مشترك، يأتي انسجاما مع قرارات الشرعية الدولية، وآخرها قرار مجلس الأمن الدولي رقم 2334 الذي دعا لوقف الاستيطان في الأراضي الفلسطينية المحتلة، وبكل تأكيد فإن هذه المواقف المهمة، ستكرس قيام الدولة الفلسطينية المستقلة، وتأتي ضمن السياق الطبيعي لها، والتي تؤكد على الحقوق الثابتة للشعب الفلسطيني، التي أقرتها الشرعية الدولية، وتؤكد أن كل ما تقوم به حكومة الاحتلال من إجراءات، هي باطلة وتعبر عن هيمنة القوى القائمة بشكل احتلال عسكري للضفة الغربية وممارسة العربدة والغطرسة والعدوان الشامل ضد الحقوق الوطنية المشروعة للشعب العربي الفلسطيني.
وفي الوقت الذي نحيي فيه مواقف الاتحاد الأوربي، نطالب بضرورة أن تتعدى مواقف الاتحاد بيانات الإدانة للممارسات الاحتلال وعدوانه، واتخاذ عقوبات على الاحتلال ومؤسساته، ولا بد من مزيد من العمل لاتخاذ مواقف صريحة وقوية ضد الاحتلال والإدارة الأمريكية، وممارسة الضغوط عليهم للرضوخ للإرادة الدولية والإجماع الدولي والشرعية الدولية ومبادرة السلام العربية، والتأكيد على أن الطريق الوحيد للاستقرار والسلام في المنطقة، هو قيام الدولة الفلسطينية المستقلة على حدود الرابع من حزيران لعام 1967 وعاصمتها القدس الشرقية.
سفير الإعلام العربي في فلسطين، رئيس تحرير جريدة الصباح الفلسطينية
الكاتب : سري القدوة - بتاريخ : 20/10/2020