أي إصلاح للمؤسسات العمومية

إدريس الفينة

 

بعد الخطاب الملكي الأخير الذي أكد على ضرورة التعجيل بإصلاح قطاع المؤسسات العمومية، بعد الاختلالات العميقة التي شهدتها والتي عرت عنها العديد من تقارير المجلس الأعلى للحسابات وتقارير المفتشية العامة لوزارة المالية، وذلك بخلق وكالة وطنية لتدبير المحفظة العمومية ومساهمات الدولة، قدمت وزارة الاقتصاد والمالية تصورها لهذا الورش الاستراتيجي، وهو التصور الذي يحتاج لنقاش بين المختصين، كما أنها مطالبة بتوضيح للرؤية التي قدمتها لهذا الإصلاح الكبير الذي كان منتظرا منذ سنوات، فعدد من الأسئلة تبقى مطروحة بهذا الصدد وعلى رأسها:
هل التصور الذي تم تقديمه صائب، أي هل سوف يعطي النتائج المنتظرة ؟ وهو الأمر غير المؤكد لأن وزارة الاقتصاد والمالية لا تتوفر على دراسة دقيقة في هذا المجال. ماذا نريد من هذه المؤسسات والشركات؟ أين توجد مكامن الخلل داخل المؤسسات العمومية؟
هل يشكل عدد المؤسسات والشركات والفروع التي تتوفر عليها إشكالا حقيقيا أم لا؟ بالنسبة للشركات والمؤسسات التي وضعتها وزارة المالية في اللائحة التي يجب حذفها، هل هذا القرار سليم؟
هناك إذن العديد من الأسئلة الكبيرة المطروحة على وزارة الاقتصاد والمالية ولا أعتقد أن وزارة المالية لها تقرير مفصل يجيب عن هذه الاسئلة بشكل سليم.
كما يعلم المتتبعون لهذا القطاع أن وزارة الاقتصاد والمالية طرف كبير في هذا الوضع المختل الذي وصلت إليه المؤسسات العمومية، فهي الوزارة التي تمثل الدولة في إدارتها ومراقبتها الداخلية ومحاسبوها يتواجدون داخل هذه المؤسسات بشكل يومي، كما أن ميزانيات التدبير لا تمر قبل أن تصادق عليها، وكل مناصب التشغيل داخلها تتقاسم مسؤوليتها مع مديري هذه المؤسسات، كل هذا يعني باختصار أن هذه الوزارة هي جزء من إشكال المؤسسات العمومية، وهي اليوم تتقدم كمصلح لها، هذا يعني أنها ستقدم حلولا تتلاءم ووضعها المؤسسي لتأجيل الإصلاح الحقيقي لمرحلة أخرى.
هذه المؤسسات التي تنقسم لمؤسسات استراتيجية وأخرى غير استراتيجية تعيش ثلاثة إشكالات جوهرية: مشكل المشرفين على تدبير هذه المؤسسات وكيفية انتقائهم، ومشكل أجهزة الحكامة ذات الطابع الشكلي، وهم أعضاء مجال الإدارة والرقابة الذين يمثلون حصص الدولة في هذه الشركات وغالبيتهم وزراء، وأخيرا مشكل التتبع والتقييم والتنبيه الذي تتحمل فيه وزارة الاقتصاد والمالية المسؤولية الأولى.
أعتقد أن الإصلاح يمكن أن يتم عبر لجنة خاصة يشرف عليها المجلس الأعلى للحسابات، المفتشية العامة لوزارة المالية، رئيس البرلمان، وزير الصناعة والتجارة وبنك المغرب.
التصور الذي قدمه وزير الاقتصاد والمالية يمكن أن يشكل أرضية أولى للنقاش فقط.

الكاتب : إدريس الفينة - بتاريخ : 13/08/2020

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *