أي قراءة لانكماش الاقتصاد الوطني حسب توقعات بنك المغرب ؟؟
إدريس العاشري
ونحن نودع سنة 2020 المليئة بالأزمات الصحية، الاجتماعية والاقتصادية نتيجة جائحة كوفيد 19، التي مازالت تحصد الأرواح وتجعل الشك يخيم على الفاعلين الاقتصاديين، لابأس من أن نحلل تقرير بنك المغرب الصادر عن اجتماعه ليوم الثلاثاء 15 دجنبر 2020 المتعلق بالتوقعات الاقتصادية.
رغم الرفع التدريجي للحجر الصحي، منذ بداية شهر يونيو 2020، الذي كان يرجى منه إنقاذ الاقتصاد الوطني، فإن النمو البطيء للعجلة الاقتصادية وحالة الشك التي مازالت تخيم على الحياة اليومية وتسيطر عليها، جعلا توقعات بنك المغرب تفاجئ الفاعلين الاقتصاديين بعد الإعلان أن انكماش الاقتصاد الوطني سيقفز من نسبة 6.3% المحددة في شهر شتنبر المنصرم إلى مانسبته 6.6% بسبب أزمة كوفيد 19، التي مازالت تؤثر على الاقتصاد الوطني كما هو الحال بالنسبة للاقتصادات العالمية، نتيجة القيود والحجر الصحي المستمر إلى موعد لم يحدد بعد.
هذا الانكماش يمكن إرجاعه إلى عدة أسباب تهم جل القطاعات الاقتصادية التي مازالت شبه مشلولة رغم كل الإجراءات التحفيزية المتخذة لمواجهة أزمة كوفيد بما في ذلك الإعفاء الضريبي ودعم المقاولة المغربية بالإضافة إلى تعديلات في معدلات الفائدة كان بنك المغرب قد اتخذها مؤخرا.
من بين المؤشرات الماكرو اقتصادية المنصوصة في تقرير بنك المغرب المتسببة في هذا الانكماش نذكر:
تراجع القيمة المضافة الفلاحية التي حددها بنك المغرب في نسبة 5.3 في المائة وغير الفلاحية بنسبة 6.6 في المائة.
إذا كان القطاع الفلاحي له علاقة بالظروف المناخية وهندسة الأراضي الفلاحية المشتتة إلى هكتارات صغيرة لا تكفي الاكتفاء الذاتي نتيجة توزيع الإرث بين الفلاحين فإن هذا المعطى يجعلنا نستورد القمح من الخارج مما يؤدي إلى استنزاف ميزان الأداء، بالنسبة للقطاع السياحي فإنه يعد من القطاعات الحيوية لكنه لسوء الحظ، يعتمد على السياحة الأجنبية، وهو يعتبر من القطاعات الأكثر تضررا من حيث فقدان عدد هائل من اليد العاملة وتراجع مداخيل العملة الصعبة التي ستؤثر على ميزان الأداءات نتيجة استمرار بطء الحركة الجوية.
بالإضافة إلى هذه العوامل لابد من الإشارة إلى أن جائحة كوفيد 19 أكدت أن واقع الاقتصاد الوطني يعتمد بنسبة كبيرة على القطاع غير المهيكل والمقاولة العائلية، كما هو مجسد في العدد الضئيل من الشركات المدرجة أسهمها ببورصة الدارالبيضاء مما يجعل المساهمة في الناتج الداخلي الصافي يتأثر بالأزمات.
رغم أن توقعات بنك المغرب تراهن على تسجيل انتعاش بـ4.7 في المائة، وبـ 3.5 في المائة سنة 2022، فإن سوق الشغل قد فقد 581 ألف منصب خلال الفصل الثالث من السنة الجارية مقارنة مع نفس المدة من سنة 2019 مما يجعلنا نطرح عدة تساؤلات عن مصير هذه اليد العاملة العاطلة وتأثيرها على الإنتاج والاستهلاك.
إذا كانت جائحة كوفيد 19 هي سبب هذه الأزمة التي يعيشها العالم فهل حملة التلقيح ضده، التي ينتظرها المغاربة وساكنة العالم، ستكون سببا في إنقاذ الاقتصاد الوطني والرجوع إلى الحياة العادية، ولما لا تكذب كل التوقعات بدون اللجوء إلى سياسة التقويم؟
الكاتب : إدريس العاشري - بتاريخ : 17/12/2020