الاتحاد الاشتراكي ورهانات التنظيم الحزبي والانفتاح على اليسار والتجديد في آليات التواصل

محمد السوعلي

 مسار محفوف بالتحديات نحو انتخابات 2026

 

تمثل المبادرة للمصالحة الداخلية التي أطلقها الكاتب الأول للاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، إدريس لشكر، بمناسبة الذكرى الستين لتأسيس حزب الاتحاد الوطني/الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، نقطة تحول مهمة في تاريخ الحزب وفي تاريخ المغرب. في هذا المقال، سأنطلق من نداء الأفق الاتحادي الذي يتعلق بالانفتاح والمصالحة، الموجه إلى جميع الاتحاديات والاتحاديين، احتفاءً بمرور ستين عامًا على العطاء الاتحادي، الذي يستحق كل الاعتزاز والافتخار لدى المنتمين لهذه المنظمة السياسية التي لم تألُ جهدًا في تقديم التضحيات الجسام من أجل النهوض بالبلد، محاولا تقييم آثاره على مسار الحزب خلال السنوات الأخيرة ومدى مساهمته في إعادة الوهج للحزب وفي تعزيز موقعه في المشهد السياسي على المستوى الوطني.
ونحن نستحضر هذه المناسبة، يليق بنا كاتحاديات واتحاديين أن نطلع الأجيال الصاعدة على عطاءات حزب الاتحاد، على صمود مناضليه وعلى تضحياتهم في وسط مشهد سياسي مضطرب ومتأزم. التذكير بإنجازات وبعطاءات الحزب ليس هدفه التفاخر بماضيه، ولكن استحضارها من شأنه أن يشكل حافزا ليس فقط لمناضلي الحزب، ولكن أيضًا لقوى اليسار بشكل عام وللشباب خصوصًا، لإدراك أن التصدي لمشروع قوى اليمين في أيامنا هذه ممكن، وأن طرح خيارات أخرى هو كذلك أمر ممكن، وبأن الانطباع الذي تحاول الأحزاب المشكلة للحكومة تكريسه بأن العرض السياسي الذي تعمل على تنفيذه، إن كان لها فعلاً عرض سياسي ولم تكن فقط بصدد تجريب وصفات ليست هي من وضعت تصورها، هو أقصى ما يمكن القيام به في إطار التجاوب مع مطالب وانتظارات المواطنين، أمر فيه الكثير من التضليل ومن احتقار لذكاء المغاربة.
ومن حقنا، ولربما من واجبنا، التذكير بكل ذلك ونحن نستحضر ما جاء في نداء الأفق الاتحادي، الذي يدعو إلى الانفتاح والمصالحة، من حقنا أن نفتخر بحزبنا وأن نثمن إنجازاته خاصة أن «لنا نصيب في حلم كل مغربي، وأثر في كل إنجاز مغربي، وفي كل شبر من أرضنا قطرة من عرقنا، ولبلادنا أفق… نحن من صنعناه بتضحياتنا وعزتنا وكرامتنا».
في نفس الوقت، من واجبنا ألا نقف عند استحضار إنجازاتنا، لكن علينا أيضا أن نتساءل عما تحقق على أرض الواقع بعد الانفتاح والمصالحة، التي أرست أسس مرحلة جديدة يغلب عليها الالتزام بالقيم الأساسية للاتحاد الاشتراكي، كالانخراط في إدارة الاختلاف، والالتزام بالعدالة الاجتماعية، والسعي نحو تحقيق التنمية المستدامة، بالإضافة إلى مواجهة القوى الظلامية واليمينية المتعجرفة. كما يمكننا التساؤل كذلك عما إذا كان الحزب قد نجح في تعزيز مكانته في الساحة السياسية المغربية، وفي تأكيد دوره كقوة محركة للتغيير الإيجابي والإصلاحات الطموحة استعدادًا لاستحقاقات 2026، وعما قام به من أجل تطوير قنوات التواصل مع القواعد الشعبية، والشباب، والنساء، والفئات الاجتماعية المختلفة داخل المجتمع، بما يحافظ على مكانته كحزب جماهيري وتاريخي يمثل تطلعات ومصالح جميع المغاربة، سواء في الداخل أو الخارج.
من الجدير بالذكر أن الاتحاد الاشتراكي، على الرغم من كونه لاعبًا محوريًا في الساحة السياسية المغربية، فقد بدا للبعض بأنه يفقد بعض قوته مع مرور الوقت، لكن الحقيقة هي أن المصالحة والانفتاح قد لعبا دورًا حاسمًا في إعادة تنشيط الحزب وتعزيز موقعه المتميز، فضلاً عن تقوية جبهته الداخلية وتعزيز مكانته في الساحة السياسية الوطنية.
الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية منذ نشأته وهو يواجه مجموعة من التحديات، سواء من داخله أو من المحيط السياسي الذي يحيط به. وفي كل أزمة يعيشها الحزب، يخرج منها أكثر متانة وأكثر تنظيمًا. إنها سيرورة الاتحاد الاشتراكي التي تبلورت في المؤتمرات الحزبية المختلفة. فقد ساهمت هذه المؤتمرات في صياغة الأفكار والرؤى التي جعلت من الحزب قوة سياسية فاعلة وقادرة على مواجهة التحديات.
إن الاتحاد الاشتراكي، من خلال انفتاحه ومصالحته وتجديده المستمر، يسعى دائمًا إلى تحقيق مستقبل مزدهر للمغرب، يجمع بين العدالة الاجتماعية والتنمية المستدامة والتصدي للتغول، مما يجعله ركيزة أساسية في المشهد السياسي المغربي.

المؤتمر الحادي عشر للحزب: نقطة تحول في مسار الاتحاد الاشتراكي نحو الانفتاح والمصالحة والتجديد

في ظل الاحتفال بالذكرى الخامسة والستين لتأسيس حزب القوات الشعبية، يبرز نجاح المؤتمر الوطني الحادي عشر للاتحاد الاشتراكي كمثال بارز، حيث هناك إجماع على تميزه. هذا الإنجاز يشكل خطوة مهمة نحو تجديد وتنشيط هياكل الحزب. خلال السنوات الخمس الماضية، أظهر الحزب تصميمًا قويًا على مواصلة سياسة الانفتاح والمصالحة، من خلال مبادرات ومواقف تعكس التزامه الراسخ بالديمقراطية والحداثة، سواء داخل الحزب أو في سياق أوسع. وقد قدم الحزب رؤية تركز على الديمقراطية، التضامن، والتنسيق كأسس لتحقيق تنمية مستدامة وشاملة للبلاد.
ولفهم أهمية المبادرات السياسية التي يقودها حزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية على جميع الأصعدة، يمكن التركيز على أهم ما تم تحقيقه على أرض الواقع بعد نجاح المؤتمر الأخير للحزب:
في الانتخابات البرلمانية: تمكن الحزب من الارتقاء من المركز السادس في انتخابات 2016 إلى المركز الرابع في انتخابات 2021. هذا الإنجاز أدى إلى تشكيل فريقين برلمانيين ضمن مجلس النواب ومجلس المستشارين، مما يعكس تعزيز الحزب لقاعدته الانتخابية وتلبيته لتطلعات الناخبين في شتى القضايا الوطنية. ويدل هذا التحسن في عدد المقاعد على التحام المواطنين حول المشروع الاتحادي وتوجهاته السياسية والاقتصادية والاجتماعية، ويؤكد على تنامي الثقة بين الناخبين والحزب. هذا التقدم هو الذي جعل الحزب يقود مبادرة التفكير في طرح ملتمس للرقابة بهدف الإطاحة بالحكومة السائدة بتعاون مع الشركاء اليساريين والديمقراطيين.
ملتمس الرقابة، وإن كان الحزب واعيا منذ البداية بصعوبة تحقيقه للغاية المتوخاة منه، يمثل أحد أدوات مراقبة العمل الحكومي، ويمكِّن البرلمان من أداء دوره في إثارة الوعي العام حول مستويات التدهور والفساد التي وصلت إليها البلاد. تسعى هذه الآلية لتسليط الضوء على عدم الثقة بالحكومة وقد تؤدي إلى إقالتها إذا حصلت على أغلبية الأصوات داخل البرلمان. والحزب وإن كان يعلم تماما أن تنفيذ ملتمس الرقابة سيواجه مجموعة من العراقيل، لكنه أراد من وراء إثارة نقاش حول هذا الموضوع فرصة لزعزعة المشهد السياسي وخلق الحوار والنقاش داخل المجتمع، مما يدفع الحكومة إلى بذل الجهد لشرح ما قامت به عند منتصف ولايتها.
التنسيق مع الأحزاب اليسارية: أخذ الحزب المبادرة وأعطى الانطلاقة لتوحيد الصف اليساري والديمقراطي، بالتعاون مع حزب التقدم والاشتراكية. يهدف هذا التعاون إلى تعزيز النفوذ السياسي الموحد وإنشاء قطب يساري فعّال يركز على القضايا الاجتماعية والاقتصادية الرئيسية للمواطنين، مع القدرة على المشاركة في تدبير الشأن الوطني استعدادًا لانتخابات 2026. من الخطوات العملية التي تم تنفيذها، توحيد الأفكار والأهداف، تحديد الأولويات المشتركة، وإنشاء لجنة مختلطة لتطبيق هذه الأولويات وتطوير استراتيجيات مشتركة لتحقيق الأهداف المتفق عليها. تشمل هذه الجهود تنظيم لقاءات وندوات مشتركة بين القيادات والتنظيمات النسائية والشبابية لكلا الحزبين، بالإضافة إلى التعاون في صياغة مقترحات وتعديلات مدونة الأسرة.الاتحاديات والاتحاديون يؤمنون بأنه سيأتي اليوم الذي سيتحقق فيه توحيد قوى اليسار، ويتعزز حضوره في الساحة السياسية المغربية.
في مجال الإعلام والصحافة: لم يتوقف حزب القوات الشعبية عن انتقاد المشهد الإعلامي الذي تهيمن عليه مصالح رأس المال، مؤكدًا على ضرورة وجود صحافة يسارية تستطيع مقاومة الهيمنة وتقديم وجهة نظر مختلفة حول القضايا الاجتماعية والسياسية والاقتصادية، صحافة تقدس حق المواطنين في الحصول على المعلومات التي تساعدهم في تكوين وجهات نظرهم حول ما يعتمل حولهم من أحداث ووقائع وتحترم ذكاء المتلقين وتساهم بشكل إيجابي في النقاش العام.
الاتحاد الاشتراكي، من خلال انفتاحه المتواصل، وسعيه إلى تحقيق المصالحة بين أعضائه والحرص على تكريس مقاربات نقدية وسط أعضائه تجعلهم يبحثون عن التجديد، تجديد في الأفكار وتجديد في مناهج العمل، يهدف إلى الحفاظ على وهج الفكرة الاتحادية وإلى الحفاظ على الأمل بأن مشروعا مجتمعيا غير الذي تسعى إلى تكريسه قوى اليمين أمر ممكن.ولعل هذا ما جعله يحقق نتائج إيجابية في آخر انتخابات ويعزز تمثيليته البرلمانية في سياق كان يوحي بأن كل شيء ضده، وجعله يحافظ على ديناميكيته وعلى التزامه بقيم الديمقراطية والحداثة، مما يجعله ركيزة أساسية في المشهد السياسي المغربي، وفاعلا رئيسيا في تعزيز الانفتاح، المصالحة، والتقدم الاجتماعي في المغرب، وفي إرساء دعامات تعاون وثيق مع القوى التقدمية الأخرى بهدف تشكيل معارضة قوية ومتماسكة داخل قطب سياسي يساري يشكل قوة اقتراحية يسارية في الساحة السياسية المغربية.
في السياق التنظيمي: يشهد الاتحاد الاشتراكي ديناميكية بارزة تميزه في المشهد الحزبي، من خلال تنظيم سلسلة من المؤتمرات الإقليمية التي تعكس نموذجًا للحيوية والتجديد غير المسبوق في الساحة الحزبية المغربية. انعقدت هذه المؤتمرات في مختلف المناطق بما في ذلك الدار البيضاء، الرباط، مراكش، الحسيمة، وجدة، تازة، والقنيطرة، تحت شعارات تدعو إلى الرقي بالعمل السياسي وربط السياسي بالاقتصادي والتنموي واحترام كرامة المواطنين والتخفيف من معاناتهم اليومية بسبب البطالة والغلاء وضرب للحريات الفردية والجماعية. هذه المؤتمرات، التي تجلت فيها استراتيجية الحزب لتعزيز بنيته التنظيمية وتفعيل قاعدته الحزبية على مختلف المستويات، تشجع على المشاركة الفعالة من قبل أعضاء الحزب في عملية صنع القرار. مما من شأنه أن يساهم في تعزيز الديمقراطية الداخلية وجعل الحزب أكثر تمثيلاً واستجابة لتطلعات أعضائه وتوقعات المواطنين، ومما يفسح المجال أمام إمكانية تنفيذ السياسات والبرامج الحزبية بشكل فعال. المؤتمرات الإقليمية، التي عُقدت في مختلف المناطق، قدمت فضاءً حرًا ونزيهًا لمناقشة القضايا المحلية والتحديات الخاصة بكل منطقة، وتطوير استراتيجيات ملائمة لمعالجتها كما يتضح في البيانات السياسية والاقتصادية الصادرة عن كل إقليم وعمالة. بالإضافة إلى ذلك، عملت هذه المؤتمرات على تجديد القيادات الحزبية وفتح الأبواب أمام الشباب الاتحادي لتحمل المسؤولية والمساهمة في استمرارية وتجديد الحزب.

الاتحاد الاشتراكي: استراتيجيات جديدة لمواجهة إخفاقات الأغلبية الحكومية

في هذا الباب، أود أن ألخص النقاط الرئيسية التي أكدها المكتب السياسي للاتحاد الاشتراكي بشكل متكرر، والتي تشير إلى التحديات التي تواجه الأحزاب السياسية في إدارة الشؤون العامة بفعالية وجدية، خصوصًا في قطاعات حيوية مثل المياه، الفلاحة، التعليم، والصحة. وما الإضرابات المتكررة في هذه القطاعات سوى دليل قاطع على عدم قدرة الحكومة الحالية على إدارة حوار اجتماعي بناء مع النقابات والالتزام بتنفيذ نتائجه، إذا تم التوصل إليها. هذه الأوضاع يمكن أن تؤدي إلى تداعيات سلبية على الاقتصاد الوطني، بما في ذلك زيادة التضخم وارتفاع أسعار المواد الاستهلاكية، مما يؤثر سلبًا على جودة حياة المواطنين.
الانتقادات التي صاغها الاتحاد الاشتراكي في هذا الصدد تهدف إلى لفت انتباه السلطات العمومية إلى هذه الثغرات، وإلى ضرورة إبراز الإصلاحات الاستعجالية التي يجب الإسراع في إنجازها في ما تبقى من عمر الحكومة. ومن منظور آخر، لم يفوت الاتحاد الاشتراكي الفرصة للتأكيد أنه على الرغم من أن التعليمات والتوجيهات الملكية توفر خارطة طريق واضحة للأحزاب السياسية، إلا أن الحكومة القائمة تواجه صعوبات في تنفيذها بشكل مناسب. وهذا يتجلى بشكل خاص في تنزيل الدولة الاجتماعية والنموذج التنموي الجديد.
علاوة على ذلك، لا يمكن لأحد أن يتجاهل الفجوة بين النوايا الحكومية المعلن عنها من جهة، والإجراءات المنزلة على أرض الواقع من جهة أخرى، ولا يمكن أيضًا عدم ملاحظة استمرار العديد من التحديات في مجال الحكامة القطاعية والترابية وتنفيذ السياسات المالية والضريبية والنقدية المصاحبة لقانون المالية والميزانية على علته.
على مستوى الحماية الاجتماعية، فشلت الحكومة الحالية بشكل ملحوظ في تحديد معايير الأهلية والاستحقاق للمساعدات الاجتماعية بطريقة عادلة، مما جعل العديد من المواطنين الذين من المفروض أن تشملهم مثل هذه المبادرات مقصيين منها. بالإضافة إلى ذلك، يشاهد المتتبع للسياسة الاجتماعية للحكومة عدم توافق هذه المساعدات الاجتماعية المباشرة مع تكلفة الحياة المتزايدة، والتي تفاقمت بسبب عجز الحكومة عن تنظيم الأسعار وتخفيف آثار التضخم على الموظفين والعمال والأجراء بصفة خاصة وعلى الطبقة الوسطى بصفة عامة.
ومن الجدير بالذكر، استخدام المساعدات المالية المخصصة لاقتناء السكن من أجل الحصول على أصوات الناخبين في الانتخابات المقبلة، الأمر الذي يتعارض مع مقتضيات الدستور. هذا السلوك ينتهك أسس العدالة الاجتماعية والمساواة، ويمكن أن يؤدي إلى تقويض الثقة في العملية الانتخابية والنظام السياسي بأكمله، كما يخل بالتزامات الدولة تجاه مواطنيها ويشوه الغاية الأساسية من العملية الانتخابية، وهي صيانة المسلسل الديمقراطي من كل الشبهات، وبالتالي يؤثر على صورة المغرب في الداخل والخارج.
في ختام هذا النقاش، نعود إلى روح نداء الأفق الاتحادي للانفتاح والمصالحة بعد مرور 65 سنة على تأسيس الاتحاد الوطني/الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية. يذكر هذا النداء الاتحاديات والاتحاديين والمتعاطفين مع الحزب بأنهم مطالبون بالتعبئة المتواصلة لكسب الرهان السياسي والمجتمعي المطروح على بلادنا حاليًا ومستقبلاً، من خلال الانخراط في الدينامية الراهنة. غايتنا جميعًا أن نستمر في خدمة بلدنا بفعالية أكبر، مهمتنا أن نسهم في ترسيخ الديمقراطية والتحديث، مسؤوليتنا أن نحرص على تطوير الحزب وتقوية اليسار، التزامنا أن نظل أوفياء للعائلة الاتحادية وللمبادئ والقيم المشتركة، رهاننا هو بناء حزب بوهج جديد ونخبة سياسية متنورة لإعلاء كلمة الوطن وخدمة الشعب.
من خلال هذه الرؤية، يسعى الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية إلى مواجهة كل التحديات التي تشوه المشهد السياسي بالمغرب. يعتمد الحزب على استراتيجيات شاملة لتعزيز الديمقراطية الداخلية، وتجديد هياكله التنظيمية، وتنشيط قاعدته الحزبية على مختلف المستويات. كما يركز على تفعيل دور الشباب والنساء في عملية صنع القرار، مما يعزز من قدرته على تنفيذ السياسات والبرامج بشكل فعال ومستدام.
وأخيرًا، يسعى الاتحاد الاشتراكي، من خلال استراتيجياته الجديدة، إلى تقديم بدائل سياسية واقتصادية واجتماعية تلبي تطلعات المواطنين. كما يؤكد الحزب على أهمية العمل المشترك مع القوى التقدمية الأخرى لتعزيز مكانة اليسار في الساحة السياسية المغربية، مما يسهم في بناء مستقبل أكثر عدالة واستدامة للمغرب.
وفي سياق تحقيق هذا الهدف، يبقى التركيز على آليات ملتمس الرقابة وتوحيد اليسار مستمرًا ومتجددًا، حيث يدرك الاتحاد الاشتراكي التحديات الكبيرة التي تواجه تنفيذ هذه المبادرات. الحزب يأخذ زمام المبادرة بوعي تام بالصعوبات، ولكنه ملتزم بتحقيق الأهداف المرسومة يوماً ما.
يتجلى هذا الالتزام في جهود الحزب لتعميق النقاش حول إخفاقات الحكومة الحالية في تحقيق الدولة الاجتماعية وتطبيق النموذج التنموي الجديد، فضلًا عن مواجهة التحديات في مجال الحكامة القطاعية والترابية وتنفيذ السياسات المالية والضريبية والنقدية المصاحبة لقانون المالية.
وبالإضافة إلى ذلك، يشدد الاتحاد الاشتراكي على ضرورة تحسين الحوار الاجتماعي مع النقابات لتجنب الإضرابات المتكررة في القطاعات الحيوية مثل المياه، الفلاحة، التعليم، والصحة. هذا الحوار البناء من شأنه أن يعزز الاستقرار الاجتماعي ويقلل من تداعيات التضخم وارتفاع الأسعار على المواطنين.
الجهود المشتركة مع الأحزاب اليسارية، مثل حزب التقدم والاشتراكية، تهدف إلى توحيد الصفوف وإنشاء قطب يساري قوي يكون له تأثير كبير على السياسات العامة والمشاركة في تدبير الشأن الحكومي عند الاقتضاء. يتضمن هذا التعاون تنظيم لقاءات وندوات مشتركة، وتطوير استراتيجيات موحدة لمعالجة القضايا الاجتماعية والاقتصادية.
الاتحاد الاشتراكي لا يكتفي بتقديم الانتقادات، بل يسعى أيضاً إلى تقديم حلول واقعية ومبتكرة لتعزيز العدالة الاجتماعية وتحسين حياة المواطنين. من خلال هذا النهج الشامل والمستدام، يظل الاتحاد الاشتراكي لاعبًا أساسيًا في المشهد السياسي المغربي، ملتزمًا بتعزيز الديمقراطية والحداثة وتحقيق تطلعات الشعب المغربي نحو مستقبل أفضل.

(*)عضو لجنة التحكيم والأخلاقيات بالحزب

الكاتب : محمد السوعلي - بتاريخ : 07/06/2024