الانفتاح على الكفاءات: قراءة في كلمة الكاتب الأول أمام المجلس الوطني
عبد السلام المساوي
يقول الكاتب الأول الأستاذ إدريس لشكر «نعقد مجلسنا الوطني، في ظرفية الدخول السياسي والاجتماعي، وهي ظرفية تتميز -هذه السنة- بانتظارات كبيرة، ليس بالنسبة لقانون المالية، فحسب، بل أيضا بالنسبة لقضايا أخرى كانت ومازالت تحتل مكانة متميزة في انشغالات المغاربة، مثل التربية والتعليم والصحة والتشغيل والسكن والنقل، أي كل المجالات الاجتماعية، التي أصبحت تتصدر سلم الأوليات بسبب تراكم الخصاص، الذي تضاعف في السنوات الأخيرة، دون أن ينال ما يستحقه من اهتمام بالغ وضروري .
وهنا لابد أن نستحضر الخطب الملكية التي تطرقت لهذا الوضع الاجتماعي المتفاقم، وإلى المشاكل المتراكمة أيضا في مجالات الاستثمار والإدارة وغيرها من الاختلالات المسجلة في العديد من المجالات»…
«إن الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية يجد نفسه في الخيارات الاستراتيجية والتوجهات السياسية والإصلاحات الهيكلية التي يبشر بها جلالة الملك، ويحث عليها في كل مناسبة وحين، بل وينكب على الإشراف على أجرأة الكثير منها…
إن الاتحاد الاشتراكي الوفي لتاريخه الوطني، المتشبع بهويته التقدمية، المستند إلى جذوره الاجتماعية-الشعبية، ليشكل في عالم اليوم قوة سياسية، حداثية، تنخرط بوعي ومسؤولية في المساهمة في صنع مستقبل البلاد، عبر مراهنتها المتبصرة، السياسية والتنظيمية، على دور الشباب، ودور المرأة، ودور الأطر الوطنية، ودور القوى المنتجة في البلاد في استيعاب، التحولات الإنتاجية الجارية، واستدماج الثورات التكنولوجية المتواصلة..»
يقول الكاتب الأول للاتحاد الاشتراكي «في ما يتعلق بالتجذر القوي في المجتمع، فلا حاجة للتذكير بأن التنظيم لا جدوى منه ما لم يكن متجذرا في نسيج المجتمع، وما لم يكن أطر الحزب ومناضلوه متواجدين في الواجهات الجمعوية ومؤطرين للحركات الاجتماعية، وعلى اتصال دائم بالناخبين والسكان وعموم المواطنين، في مواقع عملهم وسكناهم، لذلك فإن خارطة الطريق لعودة حزبنا بقوة للمجتمع، بمزيد من التجذر والحيوية، لابد أن يتم الإعداد لهاعلى مستوى المؤتمرات الجهوية والإقليمية، حسب خصوصيات كل جهة أو إقليم، وذلك بما يضمن شروط القرب والجدوى والفعالية، وفي هذا الاتجاه نعتزم عقد منتدى وطني للكفاءات الاتحادية، التي تتحمل المسؤوليات في الجمعيات الوطنية، والمنظمات غير الحكومية، والحركات الاجتماعية، من أجل تشخيص الأوضاع ورسم آفاق العمل بالنسبة للمرحلة المقبلة…». وهكذا كان المجلس الوطني مناسبة أكد من خلالها الكاتب الأول، على ضرورة النظر إلى أنفسنا وتنظيمنا الحزبي، المحلي، الإقليمي والجهوي. من هنا دعا جميع أعضاء المجلس الوطني، ومسؤولي التنظيمات الحزبية بالأقاليم والجهات إلى تقوية الحزب تنظيميا -الرصيد الأساسي لحزب القوات الشعبية- إن على مستوى الكم أوعلى مستوى الكيف، وذلك بالانفتاح على المؤهلات والفعاليات المجتمعية المؤمنة بالمشروع المجتمعي الديموقراطي الحداثي، بعيدا عن كل طموح ذاتي أومصلحة مادية آنية. على الاتحاديين والاتحاديات أن ينتفضوا تنظيميا ويحطموا الأوهام والأصنام، ويكسروا الانغلاق، ليتصالحوا مع الذات، مع المجتمع، مع الكفاءات والخبرات، مع الأطر الجدية والفعالة، المسؤولة والمواطنة. على المناضلين الاتحاديين التواصل الفعال مع المواطنين، من خلال الإنصات لمشاكلهم وهمومهم، والتعبير عن تطلعاتهم، القرب من المواطنين وفي الميدان. فالاتحاد الاشتراكي، بتنظيمه المحكم وبرؤيته الواضحة، بمصداقية مناضليه، وبانفتاحه على الفعاليات والكفاءات، قادر على كسب الرهان والمساهمة في البناء والتنمية . إن الرهان الأساسي المطروح على حزبنا، اليوم، هو رهان مرتبط بقدرته على الانفتاح واستقطاب أطر وكفاءات وطاقات من شأنها أن ترفع من القيمة المضافة لحزبنا، وأن تجعله قادرا على تقديم مشاريع ملموسة، فعلى الاتحاد الاشتراكي أن يكون قادرا على المزج بين الديموقراطية والفعالية، في تصوراته ومقاربته الواقع ورسم آفاق المستقبل .
وهكذا يكون الكاتب الأول للاتحاد الاشتراكي، منسجما ومتجاوبا مع خطاب جلالة الملك محمد السادس بمناسبة افتتاح الدورة الأولى من السنة التشريعية الثالثة من الولاية التشريعية العاشرة الجمعة 12 أكتوبر 2018، الذي أكد أن وجود أحزاب قوية في علاقتها بالجماهير مهم بالنسبة إلى النظام السياسي واستقراره، ولذلك لابد أن تعي الأحزاب هذا الموقع، والدور الموكول لها القيام به، فلا يجب أن تظل مجرد بنية منغلقة وجامدة، بل عليها الانفتاح على الكفاءات والنخب والمفكرين، من أجل تقوية دورها، ومن هذا الموقع، يستمد الخطاب الملكي مشروعيته، في تذكير الأحزاب غير ما مرة بدورها ودعوتها إلى التشبيب والتكيف مع المتغيرات وإعادة الهيكلة وتجديد النخب. إن إعادة تذكير الأحزاب بهذه المهام، هو تأكيد على موقعها في الحياة السياسية، ما يتطلب منها الانفتاح على الشباب، والكفاءات والأطر، القادرة على إعطاء مفهوم جديد للعمل السياسي، يقوم على المواطنة والدفاع عن المصلحة العامة .
في هذا الصدد الحكاية ليست حكاية مزيد من المال وكفى، مثلما أراد بعض المغرضين الإيهام، المسألة استجابة لحاجة ملحة تبدو على هاته الأحزاب، وهي لا تتوفر على نخب متخصصة كل في ميادينه، وتكتفي بجمع بعض من المناضلين داخلها، فيما تنفر منها الطبقات المتعلمة ذات التخصص العالي، لأنها غير مغرية لا ماديا ولا اجتماعيا، ما يفترض إعادة النظر حتى في طريقة اشتغال أحزابنا التقليدية، ومنحها الوسائل الكفيلة بتقريبها من هاته الطاقات، وتشجيع هاته الأخيرة على تقديم خبراتها لهاته الأحزاب إن من باب الانخراط فيها أو من باب العمل داخلها دون انخراط مما هو جار في كل أنحاء العالم المتحضر .
الكاتب : عبد السلام المساوي - بتاريخ : 19/10/2018