«البلطجة» أسلوب حكم في الجزائر والكذب خط تحريري لإعلامها

محمد إنفي

لقد أكدت الجزائر للعالم، من خلال تصرفات أجهزتها الأمنية والجمركية والعسكرية وحتى الرياضية مع الفريق الرياضي البركاني الذي تم احتجازه في ظروف سيئة لأكثر من عشر ساعات بمطار الهواري بومدين – الذي يديره المختار المديوني العسكري السابق والذي تمت مكافأته بهذا المنصب جزاء له على عدائه للمغرب ودعوته للبوليساريو بارتكاب أعمال إرهابية في مدن مغربية مثل مراكش وطنجة وغيرهما- أكدت الجزائر، إذن، بمثل هذا التصرف بأن «البلطجة» أصبحت فيها أسلوب حكم ومنهجية سلوك في التعامل مع الآخر. وخير دليل على هذا الأمر، هو العلاقات المتوترة مع كل دول الجوار؛ وذلك، بسبب تدخلها في الشؤون الداخلية لجيرانها وتعاملها باستعلاء وعنجهية في علاقاتها الثنائية. وهو ما جعلها تعيش في عزلة تكاد تكون شبه تامة، ليس على مستوى الشمال الإفريقي فقط؛ بل كذلك على المستوى العربي والقاري والدولي، وخير دليل على ما نقول، الهزائم الديبلوماسية التي تتجرعها تباعا وفي كل المحافل، فحتى مجموعة الـ»بريكس» رفضت طلبها بالانضمام إليها .
وما يصدر عن النظام الجزائري بكل مؤسساته السياسية والديبلوماسية والعسكرية والأمنية والمدنية والإعلامية والرياضية من سلوك، يؤكد بأنهم يريدون إثبات ذاتهم بالقوة؛ فأن يقول الرئيس عبد المجيد تبون بأن الجزائر قوة ضاربة؛ وأن يقول رئيس الأركان سعيد شنقريحة بأن الجزائر أقوى دولة في المنطقة، وما يتم بثه من شعارات جوفاء وفقاعات إعلامية لن يؤدي، في النهاية، إلا إلى نتائج عكسية لما يراد منها.
ومع ذلك، فالإعلام الجزائري لا يهتم بالأوضاع المأساوية التي يعيشها الشعب الجزائري رغم ما تزخر به بلاده من ثروات طبيعية، وعلى رأسها البترول والغاز، لقد تمت عسكرة هذا الإعلام وتحديد مهمته في الإساءة إلى المغرب، وسوف نقصر حديثنا على الإعلام الرياضي الذي جعلت منه نهضة بركان أكبر فشل إعلامي عرفه التاريخ الرياضي. فقميص نهضة بركان زعزع أركان دولة بكاملها، ومع ذلك، يتهموننا بإدخال السياسة في الرياضة، وهو القميص المسجل رسميا لدى «الكاف»، لعب به الفريق في دول إفريقية تعادي وحدتنا الترابية، ولم يكن موضع احتجاج من طرفها، لكن الجزائر المناهضة للمغرب، رأت فيه مساسا وانتقاصا من سيادتها. فما علاقة الخريطة المغربية بسيادة الجزائر؟ وكيف لقميص رياضي أن يهدد سيادتها ويزعزع البلاد كلها. وهذه عقدة أخرى تنضاف إلى العقد الكثيرة التي يعانون منها هناك، ومن حسنات واقعة نهضة بركان أنها فضحت جهل السياسيين والرياضيين والإعلاميين في هذا البلد الطاقي الذي أصبح، اجتماعيا واقتصاديا، على حافة المجاعة، وسياسيا وديبلوماسيا، على حافة الانهيار. فالجهل بالقوانين والأعراف والأخلاق الرياضية، أصبح سمة بارزة في الجزائر سواء لدى المسؤولين الرياضيين أو لدى الإعلاميين. أما الجمهور فقد خبرناه في مناسبات عدة من خلال الشعارات المعادية للمغرب والمغاربة أو من خلال الاعتداءات الجسدية على اللاعبين، وحتى الصغار منهم.
لقد أظهرت واقعة نهضة بركان حقيقة الإعلام الجزائري واكتشفنا أننا كنا مخدوعين فيه، إذ كنا نعتقد أنهم منطقيون وموضوعيون وواقعيون في تحليلاتهم، لكن نهضة بركان جعلتهم يرددون نفس السخافات التي ألفنها لدى هذا الإعلام، لا فرق في ذلك بين الشيوخ والشباب، وعلي بن الشيخ، خير مثال، والذي كان يُنظر إليه على أنه شخص احترافي في مهنته بفضل تجربته الطويلة؛ فإذا به يردد نفس الترهات التي يروجها النظام العسكري.
خلاصة القول، لقد وقع النظام الجزائري في شر أعماله لما افتعل معركة مع فريق رياضي، اسمه نهضة بركان، لقد ربح هذا الفريق المعركة، رياضيا وسياسيا، وهزم دولة العسكر بمختلف أجهزتها، وسجل بذلك سابقة تاريخية في المجال الرياضي والسياسي، وأظهر للعالم مدى هشاشة هذا النظام. فلم يستطع الصمود حتى أمام فريق رياضي سلاحه قميصه الحامل لخريطة بلاده وزاده الإيمان بقضيته. وقد أضافت الرياضة الجزائرية «إنجازا كبيرا» آخر، حيث انسحب الفريق الجزائري من البطولة العربية لكرة اليد للشباب (2024) المقامة حاليا بالمغرب؛ وذلك لنفس السبب؛ أي الخارطة المغربية التي أصبحت تقض مضجع كل المؤسسات الجزائرية، بدءا من رئاسة الجمهورية ورئاسة الأركان، مرورا بالمؤسسات الرسمية وكل أجهزة الدولة والمؤسسات السياسية والرياضية، وصولا إلى أصغر فريق رياضي ساقه حظه إلى مواجهة نظيره المغربي.

الكاتب : محمد إنفي - بتاريخ : 25/04/2024

التعليقات مغلقة.