الدفاع عن نبي الرحمة لا يكون بالجهالة العمياء

عبد السلام المساوي

إدريس لشكر : كل مس بنبينا الكريم هو تطرف مرفوض ومدان

1_بقناعة الإيمان المؤسس على جوهر التدين المغربي ، وكمسلم مومن بالاسلام الحنيف ، هذا الدين السماوي القائم على الرحمة والحب والتسامح والتآخي …و كمناضل متشبع بالموروث الثقافي المغربي الأصيل ، وكقائد سياسي متشبع بقيم اليسار الكونية : العقل ، الحرية ، التسامح ، الإيمان بالاختلاف ، احترام المعتقدات ، الحوار….نبذ العنف ، التعصب ، الانغلاق والانعزالية ، الحقد والكراهية ، العنف والإرهاب …يقول الكاتب الأول للاتحاد الاشتراكي الأستاذ إدريس لشكر : ” لا يمكن أن نقبل المساس بمعتقداتنا المقدسة …وإن كل مس بنبينا الكريم هو تطرف مرفوض ومدان ، وهو ضرب لقيم التسامح والعقلانية …لا نقبل أي مساس بمعتقدات الآخرين ونحترمها كمغاربة لذلك على الآخرين احترام معتقداتنا وثوابتنا …”
هكذا تحدث الأستاذ إدريس لشكر كمسلم يدين أي فكر اوسلوك مؤدي للحقد والعنف والكراهية ويعلن رفضه لأي فكر إرهابي متطرف ، بعيدا عن الشعبوية والانتهازية الايديولوجية الانتخابوية لتنظيمات تتاجر بالدين الاسلامي وتستغله أسوأ استغلال في تحقيق مآربَ سياسية …
2_وان الجدال المحتدم في أوساط مختلفة حول الموقف الرسمي الفرنسي حيال الإسلام والمسلمين ، بمنزلة هدية مجانية لتنظيمات التطرف والإرهاب ، التي تجيد السباحة والتجديف في مثل هذه الأنواء ، وتوظيفها في جذب الشباب نحو الأفكار التي تروج لها ، ولا سيما ما يتعلق بعداء الغرب للاسلام واستغلال ذلك في الوقيعة وإقناع الشباب ليس في العالم الاسلامي فقط ، بل داخل الدول الغربية ذاتها سواء من أبناء المسلمين المهاجرين وتحديدا من الجيلين الثاني والثالث ، أو غيرهم ممن يسافرون للغرب للدراسة والعمل وغير ذلك ، بارتكاب جرائم إرهابية يدفع ثمنها ويتحمل عواقبها الجميع ، مسلمون وغير مسلمين .
ولا شك أن الجريمة ، التي اهتزت لها مشاعر الملايين داخل فرنسا وخارجها ، والخاصة بذبح مدرس تاريخ في مدرسة إعدادية بقرية فرنسية هادئة على يد شاب لاجئ من أصول شيشانية ، هي جريمة مدانة ومروعة ، جريمة هي ترجمة واضحة للفكر الإرهابي المتطرف ، الذي تسبب في مئات الاعتداءات والجرائم التي عانى منها العالم طيلة العقد الأخير ، ولكن الإشكالية التي تثير الجدل تبقى في تفسير وفهم الجريمة وربطها بالدين الاسلامي الحنيف ، وحدود هذا الربط ، فالمؤكد ان كثيرا من المتجادلين ، عدا هؤلاء المنتفعين والانتهازيين من تنظيمات الإرهاب ومروجي الفكر المتطرف ، يتفقون على إدانة الإرهاب ورفضه ، ولكن الربط بين الظاهرة الإرهابية والدين الاسلامي الحنيف ومحاولة الصاقه به هو محور وجوهر الخلاف .
3_ندين بدين الاسلام ، ونومن برسول الله ، ونضع رموز الاسلام على رأسنا ونعتبرها مسبقة على أقرب المقربين الينا ، ونقول بكل قناعة وصدق : الدفاع عن نبي الرحمة صلى الله عليه وسلم لا يكون بالجهالة العمياء ، ولا بالقتل ولا بالسباب ولا بالصراخ بكل جاهلية .
الدفاع عن نبي الرحمة والعقل والتسامح صلى الله عليه وسلم ، يكون باعتناق الرحمة والعقل والتسامح ، وإظهار ان أن المؤمن القوي هو فعلا أفضل بالنسبة للإله من المؤمن الضعيف . والمؤمن القوي في زمننا هذا هو المؤمن الذي يمتلك سلاح المعرفة واللغات وإنتاج العلم وتقديم الأشياء المفيدة لعالمنا الذي نعيش فيه .
المؤمن القابع في تلاليف ظلامه غير قادر حتى على صنع مصباح صغير لا يصلح لشيء . المؤمن الذي لا يتقن لغات الغير ، والذي لا يتقن أحيانا حتى اللغة الأصلية التي ولد بها ، والذي يكتفي بترديد ما يقال له مثل الببغاء لا يصلح لشيء . والمؤمن الذي لا يستطيع أن يدخل معترك هذا النقاش مع الغربيين بأسلحة وأدوات هؤلاء الغربيين أنفسهم هو أيضا لا يصلح لشيء.
في العصر العباسي الأول ، العصر الذهبي ، سخر الخليفة المأمون إمكانيات الدولة المادية والبشرية لنقل وترجمة علوم وفلسفة اليونان ، وأنشأ لهذا الغرض مؤسسة ” بيت الحكمة ” …وتشبع المعتزلة بالفكر العقلاني الفلسفي ، ووظفوا العقل للدفاع عن الاسلام والتصدي للفرس الذين كانوا يريدون هدم الاسلام وصولا الى إلى الإطاحة بدولة المسلمين وخلافتهم ، ولمواجهة هذا الخطر الخارجي ، لجأ المأمون الى العدو التقليدي للفرس ، فوظف الفلسفة اليونانية لمواجهة الغنوصية الفارسية ، ووظف أرسطو لمواجهة ماني وزرادتش ومزدك …وكانت مهمة علم الكلام المعتزلي هو الدفاع عن الاسلام بالأدلة العقلية والمنطقية …وهذا درس للمسلمين في كل زمان ومكان … ان مكافحة الإرهاب والتطرف ليست في ساحات القتال فقط ، بل تبدأ وتنتهي في الضمائر والعقل وأيضا النوايا …!
من هنا وجب علينا أن نخوض معركة الثقافة والعلم والمعرفة ، وأن نتفوق فيها لأن المسلمين الذين كانوا قادة العالم في وقت سابق قادوه بفضل انتصارهم في هذه المعركة ، ولم يقودوه بفضل سبابهم والشتائم والتهديد بالقتل والمقاطعة وبقية التفاهات .
هذه هي المعركة الأهم : أن نصبح منتجين للمعرفة والعلم عوض أن نبقى على قارعة الطريق ، نسب الناس أو نقتلهم ، أو في حالة العجز عن ذلك نهددهم بالقتل ونعتقد أننا نحسن صنيعا ….
نعم نومن بأنه لا يحق اللعب بالاسلام او الاستهتار. به وبرموزه وبنبيه عليه أفضل الصلاة والسلام ، ونومن أننا كمسلمين ، علينا أن ندين أي فكر أو عمل إرهابي مهما كان ضحاياه او الهدف الذي ارتكب من أجله ، ونعلن رفضنا لأي فكر ارهابي متطرف …وعلينا أن ندرك ان الإساءة للأديان تحت شعار حرية التعبير هي دعوة صريحة للكراهية والإرهاب ….كما يجب تفادي نشر الاسلاموفوبيا التي لا تقل خطرا عن الإرهاب والتطرف .

الكاتب : عبد السلام المساوي - بتاريخ : 02/11/2020