الرَّاكدْ: الراقد الميت عند عسكر الجارة الشرقية
مصطفى المتوكل الساحلي
الجميع يتتبع الوضع «الصحي» لنظام الحكم بالجزائر الذي يقض مضجع الشعب الجزائري الشقيق ويناوش ويبتز شعوب شمال إفريقيا التي تربطها أواصر عدة، تاريخية وثقافية وروحية، بمرتكزاتها الإفريقية والأمازيغية والإسلامية والعربية المتلاقحة مع حضارات أخرى من جنوب أوروبا وشرقها…
ففي الوقت الذي افتتح المغرب حركة الاستقلال وأخرج الاستعمار الفرنسي والإسباني من جل الأراضي المغربية التاريخية، واستمرار الكفاح الميداني لجيش التحرير والمقاومة المغربيين اللذين توجها وتفرغا لتحرير الصحراء المغربية بامتداداتها الجغرافية والسكانية، شرقا وجنوبا، وذلك لتحقيق واستكمال الاستقلال التام لكل تراب المملكة المغربية وإفشال المخطط الاستعماري الساعي للتحكم في السيادة الوطنية بكل مقوماتها لجعلها تابعة له، ولم لا أن تصبح ولاية فرنسية، سعى وعمل «الاستعماريون» على تمزيق وحدة الوطن المغاربي الكبير بتحويله إلى «دويلات» ليتيسر خلق بؤر للتوتروالابتزاز وتيسير التحكم…
إن الأرشيفين الفرنسي والإسباني الرسميين وثقا الوضعية السياسية والإدارية والميدانية والخرائطية بشمال إفريقيا قبل الحركة الاستعمارية وأثناءها، واعتبارا إلى أننا نناضل كدولة وشعب من أجل وطننا ومصالح شعوب شمال إفريقيا ونترافع أمام المنظمات الدولية، لابد أن نؤكد على حقنا في التوصل بالأرشيف الوثائقي، الذي تحتجزه المصالح المختصة بفرنسا وإسبانيا وإيطاليا وبريطانيا وتركيا، والذي يوثق كل الأدلة الدامغة المتكاملة مع التاريخ المغربي والمدون بأمهات كتب التاريخ منذ قرون عديدة، بل وعلى الأمم المتحدة أيضا أن تطالب بها لإغناء معلوماتها وتحصين وتيسير عدالة قراراتها…
إن التآمر العدواني ظهرت إرهاصاته منذ أوائل الستينيات، والذي كان وراءه “طغمة”من حكام الجزائر الذين مارسوا الإقصاء والاستئصال لكل من يخالفهم من القياديين الكبار لجيش التحرير الجزائري الذي تأسس عمليا فوق الأراضي المغربية، ويحاربون كل من يؤيد التكامل مع المغرب الذي كان هو الأخ الأكبر الوفي المدعم والخادم والمساند لإخوته بكل شمال إفريقيا .. كما تبنوا سياسة شيطنة الجيران بعقلية موروثة عن الاستعمار غاياتها الاستيلاء على الأراضي المغربية الشرقية التي أقدم النظام العسكري/السياسي على اقتطاعها وضمها للجزائر بعد ” استقلالها ” !؟، فبعد إقصائهما الممنهج للوطنيين والمجاهدين الصادقين وهيمنة لوبي” العسكر الاستعماري ” غلبهم الطمع ليفكروا ويخططوا ويعملوا من أجل الضم النهائي للشرق المغربي لدولتهم الجديدة مع سعيهم “الكولونيالي” لانتزاع الصحراء المغربية كاملة لفائدتهم أو للتحكم فيها بخلق وصناعة كيان وهمي توظفه في المؤامرات وتنفيذ الهجمات الإرهابية وتأليب الرأي العام الدولي ضد المغرب!
وفي ظل هذه الملابسات الماجنة وقع “الحمل” المتوهم مما جعل الجارة الشرقية تتخيل أن يكبر بطنها ليمتد حتى يلامس مياه المحيط الأطلسي مما سييسر لها التحكم في موريتانيا وتونس وحتى ليبيا ليصبحوا قوة قرصانية مهيمنة على شمال إفريقيا ومطوقة للمغرب العظيم الذي قهر القوى الاستعمارية بوحدته وجهاده وصموده ووفائه لمقدساته، إنهم يريدون أن يعوضوا الفراغ المهول في تاريخ الحكم بالجزائر، ذلك أنهم وأشباههم لم يمارسوا لقرون خلت السيادة على ” الأرض” التي بسط فيها الأتراك / العثمانيون أيديهم وحكموها(من عام 1519 حتى عام 1830.) ليحتلها الاستعمار الفرنسي من (1830 حتى 1962)، ليأتي دور الكولونيالين العسكر الذين ألغوا وتنكروا لكل العهود والمواثيق التي ربطتهم مع حركة المقاومة وجيش التحرير المغربي والملك الراحل محمد الخامس …
ولضمان استمرار لعبتهم الاستعمارية مارسوا كل أنواع الضغط والابتزاز والكيد والتآمر مع ورثة وحملة الفكر الاستعماري بالغرب الأوروبي فأخبروا العالم بأنهم يحملون جنينا في بطن أرض ليست لهم أصلا، وأنهم يرعونه ويتبنونه للاستيلاء على أراضي الصحراء المغربية، فمنوا أنفسهم وغرتهم الأماني بأن حملهم سيولد فانتظروا منذ السبعينيات إلى يومه فغرقوا في وهمهم وكذبهم، فأيقن من يملك ذرة من عقل أن عند عصابة الحكم بجارتنا الشرقية -كما يقال شعبيا – الرَّاگدْ أو الرَّاقْدْ الذي اختلف الناس والفقهاء القدماء في تعريفه بأنه الجنين الذي يتجاوز 10 أشهر في بطن أمه وذهب بعضهم إلى القول بسنتين ومنهم من قال ب4 سنوات !؟ وهم بالجزائر يحصون سرا ثم جهرا عدد سنوات وليس أشهر رقود جنينهم الوهمي، التي تجاوزت ( 46 سنة) ؟؟!!
إن ارادة الشعب والدولة المغربية لن تتزحزح عن الحفاظ على وحدتها الترابية ولن تيأس من بناء المغرب الكبير، ونقول لحكام الجارة الشرقية: راجعوا الوثائق المتوفرة لديكم في انتظار توصلكم بالأرشيف الفرنسي، وعالجوا أنفسكم وتأكدوا بأن حلمكم وحملكم وهميان لن يتحققا مادامت السماوات والأرض تضم الشعب المغربي وكل الخيرين والشرفاء في شمال إفريقيا ومن العالم، إنه لم يبق لكم إلا أن تخصصوا لهم رسميا أرضا من الجزائر الشمالية على قاعدة أن لا تكون الأرض التي اجتزأها وضمها الاستعمار الفرنسي “لتصبح”جزءا من الجزائر، ولكم آنذاك أن تمنحوهم الاستقلال، أو حكما ذاتيا بأرضكم.
إننا ندعو إخوتنا في دول شمال إفريقيا لنتوجه جميعا نحو بناء المغرب الكبير، الذي تجد فيه كل مكونات شعوبنا بشمال افريقيا آمالها الوحدوية الراقية المشبعة بالأخوة المغاربية والإسلامية والإنسانية والحضارية ..ولنبني اتحادا مغاربيا كقوة اقتصادية وسياسية ومجتمعية تتكامل مع الاتحاد الأوروبي لما فيه مصالح شعوب وأوطان البحر الأبيض المتوسط بامتداد على شط المحيط الأطلسي جنوبا وحتى المشرق العربي .
*الرَّاگدْ أو الرَّاقْدْ باللّغة العَربية والدارجة المغربية هو الجنين النائم الذي تأخرت ولادته ..
الكاتب : مصطفى المتوكل الساحلي - بتاريخ : 10/11/2022

