الشرفاء لايرحلون
بوفتاس فريدة
كثيرا ما تداول الناس بيننا أن موت الوالدين يضعك في وضعية يتم غريبة، إذ يلفك الفراغ من كل جانب، وتستشعر العري من كل شيء!
وشاءت الحياة أن تذيقني هذا الشعور الغريب، وأن أتواجد هكذا في متاهة وضعية كان صعبا علي ملء فراغها، والتدثر بما قد يخرج بي من حالة خواء مطلق.
كنت ساعتها، ذاتا مفردة، أما اليوم وأنا أتلقى خبر رحيل المجاهد السي سعيد ٱيت يدر، انتابني نفس الإحساس، السقوط في فراغ، وفي يتم، لكنهما لم يكونا يخصاني أنا وحدي كذات مفردة، بل أظنني شعرت بأن ثمة الكثيرين وضعوا أيديهم/ن على قلوبهم/ن المكلومة يشاركونني نفس المصاب.
الحدث ليس بسيطا، فنحن اليوم كمغاربة شرفاء، نشعر أننا في حاجة إلى مواساة جماعية، وإلى عزاء جماعي، بل وإلى احتضان بعد يتم، ونحن بصدد السقطة التي نهابها، بعد كل ما يصلنا من أخبار عن مفسدين، وما نعيشه من أحداث عمن يتجرأ على أن يعبث بمصلحة الوطن، فيفسد بذلك علينا اعتزازنا به، وبأمجاده وبتضحيات شهدائه وشهيداته، مناضليه ومناضلاته، الذين قدموا الغالي والنفيس من أجل عزته وكرامته.
واليوم، يغادرنا مناضل شهم أخلص ووفى، ومنح وأزجل العطاء، ولم ينبطح يوما لما تأمر به «الغواية «، بعيدا عن المبادئ الصلبة والإيمان الصادق بعدالة قضايا كان فيها يرافع عن وطن وعن شعب، هما اليوم يستعصي عليهما ملء كل هذا الفراغ الذي سيتركه السي سعيد أيت يدر، وقبله شرفاء كانوا في زمن مضى رفاق رحلة محن، وتضحيات، كان دافعها حب الوطن والدفع به إلى تحقق فعلي لحياة كريمة لكل المغاربة.
لأرواحهم الطاهرة سلام، هم الشرفاء الذين لم يرحلوا أبدا، لأنهم/ن سكنوا وعينا الجمعي ورابطوا فيه كأبناء أبرار، أخلصوا للوطن ولقضاياه، ولم ينل من حبهم له أي شيء على مر الزمن.
الكاتب : بوفتاس فريدة - بتاريخ : 08/02/2024