الفاتح من ماي والأول من شوال، بين زكاة الفطر ومطالب المساكين والشغيلة والكادحين

مصطفى المتوكل الساحلي

بسبب إلغاء شهر النسيء، الذي هو إجراء حسابي لضمان تثبيت الأشهر القمرية في أزمنتها الموافقة لتسمياتها، أصبحت كل سنة تتأخر سنويا بـ 11 يوما لتتحرك، ومنها رمضان، بدورة على الفصول الأربعة الشمسية مدتها حوالي 33عاما، فحضرنا، ولله الحمد، عيد الفطر بالفاتح من شوال والذي سنه الإسلام، وعيد الشغل / عيد العمال، فاتح ماي، والذي سنه الإنسان بنضالاته وتضحياته واعترفت به دول وأصبح عيدا وعطلة رسمية …فتزامن الاحتفال بالإفطار بعد شهر من الصيام والطاعات والعبادات كأهم شهر روحي بقوة نزول القرآن فيه وباعتباره من أركان الإسلام يتعلم فيه ويجدد الناس قدراتهم على الانضباط وإعادة تقييم الأحداث والممارسات والسلوكات وأعمال ونوايا السنة الماضية، ولتقديم نقد ذاتي بين الإنسان ونفسه وخالقه مع أهمية السعي للتوبة النصوح التي تحث على الإقلاع والامتناع عن تكرار سلبيات وأخطاء وذنوب ومعاصي بما يضمن صلاح الإنسان والمجتمع والوطن، قال الرسول صلى لله عليه وسلم :»الصلوات الخمس، والجمعة إلى الجمعة، ورمضان إلى رمضان مُكَفِّراتٌ لما بينهنَّ إذا اجتُنبَت الكبائر»صحيح مسلم.
ومن المعلوم عندنا في ديننا أنه وبعد تزكية النفس والجسم والعقل بالصيام فإننا نعمد شرعا لنزكي من أموالنا من غالب قوت أهل البلد أو ما يعدله من المال، بعد أن يجوع الفقراء أغلب أيام السنة لانعدام الأكل أو قلته، وهنا يصعب ويتعذر مقارنة وقياس جوع الخصاص والإملاق والبؤس والحرمان والفاقة لاعتبارات متعددة منها اختلال سياسات العدالة الاقتصادية والاجتماعية .. بجوع وعطش الامتناع عن الأكل والشرب لصيام شهر رمضان لمن هم في بُحْبُوحَة ورفاهيَة ورَخاء واغتناء ويسر وثراء …
إن نسبة الكادحين والفقراء بالمجتمعات هي بين حدين يعانون جميعا من الخصاص والحاجة وقلة ذات اليد :
– الحد المتكون من الذين لادخل ولاعمل ولا مورد عيش ولا طاقة لهم ولا قدرة…
– الحد المتشكل من الذين يكدحون ويعانون من صعوبة ظروف العمل وضعف الأجور وغلاء المعيشة و…إلخ،
فما العلاقة الممكن نسجها بين الملفات المطلبية للشغيلة والكادحين في جميع القطاعات، الخاص وشبه العام والعام و..والتي تصوغها قيادات النقابات بعد إخضاعها لجدولة توافق فهمها وقدراتها وخلفياتها المعلنة وغير المعلنة لتدبير تلك الملفات وفق أجندات مؤطريها وسياسييها في علاقة بتوازنات مسطرة مع الحكومات والباطرونا، كما هو متعارف عليه عالميا في ما يطلق عليه الحوار أو الاتفاق الاجتماعي…
فطوال السنة تطالب الشغيلة بمختلف أنواعها وتسمية قطاعاتها بتغيير وتحسين وتسوية ظروف عملهم وأوضاعهم القانونية والمادية والاجتماعية والخدماتية والحقوقية.. وبعد سنة من الملتمسات والكتابات والمطالب والنضالات والوقفات والاحتجاجات والإضرابات، وصمت في فترات الحوار وانتظار الإجابات والقرارات التي قد تكون مقبولة ومتوافق عليها في غالبها، أو معترض عليها لأنها مجتزأة وضعيفة لا تعالج ولا تصحح حتى السياسات الحكومية السابقة التي شهدت تراجعات عن مكتسبات وأصابت في الصميم القدرة الشرائية وظروف العيش بسبب القرارات الاقتصادية التي تسميها الشغيلة والنقابات بأنها لاشعبية، وقد تمر فواتح ماي وسنوات عجاف ولا جواب ولا خبر..
فكيف ستتحسن أوضاعهم والأسعار محررة، وتكلفة ومتطلبات العيش المختلفة من تعليم وصحة وخدمات، تلتهم الأجر كله ومنه الحد الأدنى قبل العشر الأواخر من الشهر التي تكون في رمضان للعتق من النار، وتكون عند الشغيلة بالمزيد من التقشف والالتجاء للقروض وساعات عمل إضافية حرة للوصول إلى توازن مالي صعب التحقق …؟؟
وبما أن الفاتح من ماي كان الأحد 2022، والفاتح من شوال كان يوم الاثنين 1443 هج نتساءل :
– عن العلاقة بين سنة عيد الفطر، الركن الثالث في الإسلام المرتبط بإخراج زكاة الفطر أو الأبدان، ليطهر بها الصائم صومه من الاختلالات التي اعترته والتي تؤدى وتحتسب على كل أفراد الأسرة مع توفر الاستطاعة على إخراجها.. وبطبيعة الحال هي رمزية وقيمتها كبيرة الدلالات والآثار بفلسفتها وحسن تنظيم إخراجها هي وأنواع الزكاة الأخرى على الأموال والزروع والثمار والعروض وزكاة المعادة والركاز وزكاة الأنعام، بتكامل مع التزام الحكومات بعدالة اقتصادية واجتماعية لإخراج الناس من فقرهم وخصاصهم…؟؟
– ونتساءل عن انتظارات جماهير الفقراء والمساكين الكادحين والكادحات وعموم الشغيلة من الحكومات في تصريحها ليلة الفاتح من ماي الموجه للمعنيين والمعنيات، وطوال أيام السنة في علاقة بين الوعود والالتزامات الانتخابية والبرامج الحكومية وفي تصريحها يوم اعتمادها بالبرلمان على ما ستحققه خلال فترة انتدابها..؟؟
إن الواقع يجيب عن كل الأسئلة التي يطرحها المنظرون والمؤيدون للسياسات الحكومية، والمنتقدون والمعارضون لقراراتها والمشككون في قدراتها لتحقيق ما وعدت والتزمت به، فأحوال الفقراء والمساكين شملهم الإحصاء العام للسكان وفصلت أحوالهم وأوضاعهم الدراسات الاجتماعية الرسمية وهذا من المعلوم عند الجميع بالمشاهدة والمعايشة وبالمدن والقرى.
– ولنا أن نتساءل لماذا لم نتمكن طوال عقود عديدة من الحد من الفوارق الطبقية بتوظيف علمي لروح الفلسفة الاجتماعية العادلة التي وضع ضوابطها وآلياتها الإسلام، وبتوظيف لسياسات الحكومات لتلك الروح في وضع مخططاتها وقراراتها وسياساتها بما يدمج الشغيلة والكادحين في عجلة التنمية والرخاء الاجتماعي بتقاسم منتج لآثار الثروة التي تتساءل الدولة والشعب عنها، فلماذا لايجتمع علماؤنا وخبراؤنا وأهل الاختصاص والحكماء من الأحزاب السياسية وخارجها ومن مؤسسات الدولة لوضع سياسة تجيب عن كل التساؤلات والإشكالات والإخفاقات وتضع الحلول والآليات الواجب احترامها وجعلها واقعا إيجابيا ملموسا والتنافس في الحكومات لتدقيق المخططات التفصيلية ولتثمينها وتطويرها والنهوض بها بشفافية وحكامة في تدبير الزمن والثروة العامة والخاصة بعدالة ومساواة للعمل والسير بوطننا ودولتنا في رحاب مجتمع المعرفة وعوالم العلوم والتقدم والرفاهية حتى يكون عيد الفطر وعيد فاتح ماي وكل أيام السنة أعيادا للشعب، بأن لايبقى بيننا من يتوسل لقمة عيش أو علاج أو كسوة أو يبحث عن وساطة لقضاء حاجاته عند الإدارات والمؤسسات…

الكاتب : مصطفى المتوكل الساحلي - بتاريخ : 10/05/2022

التعليقات مغلقة.