القمة الأمريكية-الإفريقية

نوفل البعمري

 

شهد المغرب احتضان القمة الأمريكية الإفريقية التي جمعت رجال ونساء الأعمال الأفارقة والأمريكيين لمناقشة سبل الاستثمار في القارة الإفريقية، خاصة مع ما تتيحه من مؤهلات طبيعية، بشرية وفرص استثمارية كبيرة كتلك التي يوفرها المغرب، البلد المحتضن لهذه التظاهرة الكبيرة في نسختها 14 حاملة شعار «بناء المستقبل معا» بمبادرة من «مجلس شركات إفريقيا» طيلة أيام 20-23يوليوز 2022.
أهمية انعقاد هذه القمة الكبيرة بالمغرب «مراكش» هي أنها ستتيح فرصا استثمارية ذات بعد ثلاثي موجهة نحو المستقبل طرفاها الأساسيان الولايات المتحدة الأمريكية وإفريقيا ثم المغرب كطرف ثالث، المحتضن لكل الرأسمال الأمريكي والإفريقي، بحيث تمثل هذه القمة فرصة للمغرب ليكون هو المحتضن لكل التحركات الاقتصادية من وإلى إفريقيا مما سيعزز موقعه الاستراتيجي ليس فقط مع الولايات المتحدة الأمريكية بل مع أوروبا كذلك، مما سيُحول المغرب لقطب اقتصادي كبير محتضن لكل الحركية التجارية من وإلى إفريقيا، خاصة مع المواضيع التي نوقشت في هذه القمة من أمن غذائي، وصحة وانتقال الطاقي، وبنى تحتية، وتكامل اقتصادي وصناعي وغيرها من المواضيع التي احتضنتها هذه القمة، سواء في الموائد المستديرة أو جلسات الحوار المفتوحة، التي احتضنت كل هذا النقاش الذي يصب في تعزيز الدور الريادي للمغرب، خاصة وأن هذه القمة تحظى برعاية ملكية سامية، مما يجعل من التحرك المغربي كمحور ارتكاز بين إفريقيا والولايات المتحدة الأمريكية ذي بعد استراتيجي يقوده الملك بنفسه مما يضمن له كل إمكانيات النجاح، خاصة وأن المغرب هو البلد الإفريقي الوحيد الذي سبق أن أبرم اتفاقية تجارة حرة مع الولايات المتحدة الأمريكية مما يجعله ويؤهله ليكون هو الرائد والقائد لمستقبل العلاقة الإفريقية الأمريكية اقتصاديا، وسياسيا أيضا، نظرا للوضع المتقدم الذي يحظى به المغرب في السياسة الخارجية الأمريكية.
إن هذه القمة التي تتطلع للمستقبل من أجل أن تحظى إفريقيا بكل الفرص الاستثمارية للمساهمة في تنميتها، هي وإن كانت قد طوت شيئا اسمه مشاركة الجمهورية الوهمية في مثل هذه القمم التي تحتضنها إفريقيا، إذ لم يطرح للنقاش هذا الموضوع مما يكون معه المغرب قد أنهى رسميا مع مشاركة هذا الكيان الوهمي في الأنشطة الإفريقية تعزيزا لفكرة تجميد تواجده في الاتحاد الإفريقي، فإن هذه القمة عززت من الاعتراف الدولي بمغربية الصحراء إذ أن هذه الأقاليم الصحراوية الجنوبية ستكون ضمن المستقبل الذي ناقشته القمة، وضمن المناطق المعنية بفرص الاستثمار الريادي، خاصة في مجال الطاقة البديلة، وستتعزز مدن مثل الداخلة والعيون كمدن ذات ارتكاز عالمي تشكل من حضور الأقاليم الصحراوية الجنوبية في مستقبل المنطقة إفريقيا وعالميا باعتبارهما لم يعودا فقط واجهة للعمل الديبلوماسي بل أيضا واجهة اقتصادية، ومحطة أساسية من محطات تنقل الرأسمال الأجنبي سواء كان غربيا أو إفريقيا.
هذه القمة التي احتضنتها مراكش، ليست مناسبة للنقاش، بل كانت مناسبة لتعزيز وتأكيد الحضور المغربي كبلد قائد لإفريقيا، وبلد موثوق به من طرف الولايات المتحدة الأمريكية التي اعتبرته هو المخاطب عند محاورتها لإفريقيا، والعكس كذلك صحيح، هذه الدينامية الاقتصادية والدبلوماسية التي يشهدها المغرب، هي تجسيد للتوجه المغربي الاستراتيجي وللدور الذي يقوم به إفريقيا، قاريا، في تعزيز ريادتها، وتقدمها.

الكاتب : نوفل البعمري - بتاريخ : 25/07/2022