الموت يتهددنا جميعا!
عبد السلام المساوي
جزء كبير من الذي قمنا به منذ شهر مارس الماضي ذهب أدراج الرياح اليوم، ويكفي أن نقول للرأي العام اليوم إن عدد الإصابات والوفيات، منذ بداية شهر غشت وحتى يوم السادس عشر منه، يوازي ما سجلناه في بلادنا منذ شهر مارس حتى نهاية يوليوز، لكي نكتشف الدمار الذي تسبب فيه الاستهتار بالوباء، والاقتناع الخاطئ أن الخطر لم يعد قائما وأننا يمكن أن نخفف من احتياطاتنا تجاه كورونا رغم أن كورونا لم ينقرض بعد…
لنقلها بكل صراحة: جزء من المعركة التي نخسرها هاته الأيام ضد كورونا سببها حديث أناس لا يفهمون ولا يعلمون عن أمور لا يفهمونها ولا يعلمون عنها شيئا.
بسبب هذه الجرأة الجاهلة والتطاول غير العالم على موضوع طبي وعلمي ها نحن اليوم نعود إلى نقطة الصفر لكأننا لم نقم بشيء، وها نحن نجد أنفسنا أمام تهديد العودة إلى حجر قاس وقوي مثل ذلك الذي عشناه منذ أشهر خلت…
خطابات التوعية، التي اشتغلت بشكل متحمس في البدء منذ شهر مارس، والتي لاقت هوى واستجابة في صفوف أغلبية الناس تراجعت إلى الخلف، ومعها تراجع انشغال الناس بالوباء، وازداد وهمهم أنه انقضى وأنه أصبح مجرد ذكرى سيئة فرضت علينا أشهرا ثلاثة من البقاء في منازلنا وكفى…
رأينا علامات كثيرة على استهتار الناس بخطورة المرض، ورأينا تخبطا في التواصل الحكومي كاد يقنع الناس بأن المرض لم يعد له وجود في بلادنا، دون بقية بلدان العالم التي لاتزال تعبر عن خشيتها من الأسوأ.
لذلك تكاثرت علامات التصرفات الطائشة، ومع تكاثرها تكاثرت حالات الإصابات، والأسوأ تكاثرت حالات الوفيات اليومية بشكل خطير ومقلق ومزعج ولا يتقبل صمتا أكثر.
الذين كانوا يقولون لنا إن كورونا لا وجود له يكتشفون مع سقوط هذا العدد الرهيب من الإصابات والوفيات أن جهلهم هو الذي دفعهم إلى ارتكاب أقوال مثل هاته، ويتأكدون بأن القادم لن يكون إلا أصعب…
ويجدر التذكير اليوم بأن في اعتناقنا للتصرفات الصحية السليمة والبسيطة والعادية فرصة إضافية أخرى لنا لكي ننجو ببلادنا وبأنفسنا وأسرنا من تداعيات أمور لا قبل لنا بها على الإطلاق…
نتمنى ألا يكون قد فات الأوان فعلا، ونتمنى أن يتحرك الذكاء المغربي الراغب في البقاء سليما معافى على قيد الحياة لكي يساعد بلدنا على اجتياز هذا المنعرج الخطير بسلام، أو على الأقل، بأقل الأضرار الممكنة.
الكاتب : عبد السلام المساوي - بتاريخ : 18/08/2020