الناظور …النادي البحري (كلوب) ينتصر على الدمار
عبد السلام المساوي
شكرا وكالة مارتشيكا على الإصلاحات حد الإبهار، (كلوب) يسترجع سحره وجاذبيته.
ونحن أطفال، ونحن صغار، ونحن مراهقون، ونحن شباب، ونحن كبار وشيوخ …عشقنا (كلوب) مدينتي الحبيبة الناظور.
(كلوب) ليس مجرد مكان كسائر الأمكنة، ليس بناية عادية كغيرها من البنايات، إنه تحفة جمالية، إنه معلمة معمارية، إنه عنوان حسن وجاذبية مدينة الناظور، إنه رصيد ثقافي نباهي به المعالم الثقافية في مدن المغرب ومدن إسبانيا …
(كلوب) الناظور وقف صامدا في وجه قوى الهدم والتدمير بفضل ساكنة الناظور، التي أحبت النادي البحري وبفضل فعاليات المجتمع المدني التي رفضت محو (كلوب) من الوجود…
(كلوب) الناظور معلمة حضرية حضارية، لأسباب متعددة، تعرضت للاغتصاب والتشويه، لكنها ظلت شامخة، مصرة على البقاء، إنها مكون من مكونات كينونة الناظوريات والناظوريين…
(كلوب) الناظور عشقناك، نعشقك، ونعشقك…
كتب الصديق العزيز عبد الرحمان أزرار في نوستالجيا الأمكنة.
مرارا كثيرة حدَّثني والدي، رحمة لله عليه، عن «عام أُوبوري».. العام الذي عَرف فيه «ربحار أمزيان» «marchica» حركة مَدٌ بحري ملحوظ.. غمرت إِثره مياه البحيرة الشط المحاذي لكورنيش الناظور.. جارفة أعدادا كبيرة من سمك الفقراء (البوري)، كان شُبان المدشر ببلدتي المنجمية»لعسارة» يستقلون قطار» وكسان» حاملين قْضبانا حديدية صُنعت خصيصا لصيد ما جاد به البحر، وكانوا يعودون إلى بيوتهم بصيد وفير، في زمن حاجة وعوَز، وضيق حال.
ارتبط هذا الحدث بحدث آخر، لا يزال يشغل فكر واهتمام ساكنة مدينة الناظور، إنه بناء النادي البحري – الكلوب (1947)، التحفة المعمارية «الكولونيالية: التي تميزت عن سواها من البنايات،»المرثية» في تدويناتي النوستالجية المتواضعة، بطابعها الخاص وفرادة معمارها وموقعها على الماء، على شكل سفينة رَاسِية تستعد للإبحار شَمالا، وكأننا بمهندسها يستعجل الرحيل!!؟».. – كما كان حال» نورس» البلدية المتأهب دائما للانطلاق نحو الأفق.
أشرف على إقامة البناية مهندس تتلمذ على يد المعماري الكطلاني الشهير Toni goudi توني گودي، وبالمناسبة فقد أشرف تلاميذ توني كَودي، المهندس العبقري، على إقامة بنايات كثيرة في مدن إسبانية وكلها الآن محمية بقانون حماية الذاكرة الثقافية.
وإذ أحيي،عاليا، فعاليات المجتمع المدني على نفَسِها الطويل وإصرارها وصمودها النضالي الثابت أمام قرارات الهدم والإعدام المتخذة من طرف المسؤولين؟!! (عن الكوارث التي حلت بمدينتي اليتيمة)، فإنني أحب أن أشير إلى أن النادي المَعْلمة فقد الكثير من سحره وإشعاعه منذ زمن غير قريب، منذ كراء البلدية الجزء السفلى من البناية لمواطن مغربي سنة 1979 لمدة 99 سنة!!؟ واستغلال الطابق من طرف جمعية الأعمال الاجتماعية لموظفي البلدية!!؟ولفترة «جمعية البحر الأبيض المتوسط»!!؟.. حيث اُدخلت على البناية(تعديلات!؟) خارجية تمثلت في إحداث سقيفة «بئيسة»، في مقدمة البناية المطلة على «ثايزارث» (بوقانا المياه الزرقاء)، أضرت، في نظري، كثيرا بروح وخصوصية معمار المعلمة…
كان النادي في نهاية الخمسينيات وفترة من الستينيات معْلمة حقيقية تنفرد بها مدينة الناظور، تقصده العائلات الإسبانية التي فضلت المكوث بالمدينة بعد جلاء القوات العسكرية، وكذلك بعض الأُسر الناظورية المتأثرة بنمط الحياة الإسبانية المنفتح، أما بالنسبة لنا، نحن الصغار، فكان النادي «حلما» «واحة» تنبعث من داخلها أنغام موسيقى التانجو والفالس والفلامنكو وكلاسيكيات الأغاني المصرية، وعلى إيقاعها تتمايل أجساد الراقصين، كان الجمال يلِف المكان ويحفه من كل جانب ويضئ الأرجاء، صحيح أنه لم يكن يُسمح لنا بدخول النادي لحداثة سِننا، ولكننا في حضرة هذه الأجواء استضمرنا كثيرا من قِيم الجمال والانفتاح على العالم، وتشبعنا بثقافة الاحتفاء بالحياة قبل أن تغزونا، في غفلة منا، ثقافة الاكفهرار والتجهم والموت…
الكاتب : عبد السلام المساوي - بتاريخ : 22/10/2022