بالفصيح … توظيف الرياضة ضد الشعوب

يونس مجاهد
ليس غريبا أن تتحول رياضة كرة القدم، لدى بعض الدول، إلى مجال لتصريف مواقف وتموقعات سياسية، فقد لجأت العديد من الديكتاتوريات إلى استغلال هذه اللعبة لتلميع الصورة لدى شعوبها، حصل هذا بشكل فاضح في إسبانيا تحت حكم الجنرال فرانكو، حيث عمل على توظيف انتصارات الفرق الإسبانية، وخاصة ريال مدريد، في شحن الشعور الشوفيني، وإلهاء شعب هذا البلد عن مشاكله الحقيقية.
في الأرجنتين، نجح الديكتاتور، خورخي رافاييل فيديلا، الذي قاد انقلابا ضد إيزابيل بيرون، في تنظيم كأس العالم لكرة القدم، سنة 1978، في بلاده، وسط حملة دولية لمقاطعة هذه التظاهرة الكروية، شارك فيها مئات المثقفين في العالم، معتبرين أن المشاركة فيها هي عبارة عن تزكية الانقلاب، من جهته تعاقد نظام فيديلا مع شركة أمريكية لتلميع صورته، وقد فاز المنتخب الأرجنتيني بهذه الكأس، التي نزلت بردا وسلاما على قلب السلطة آنذاك، وتعاملت معها كما لو كانت من إنجازها.
العلاقة بين الرياضة، وخاصة كرة القدم، والسلطة، ليست جديدة، حيث يتم توظيفها، بتفاوت من طرف الحكومات، غير أنه لدى بعض الدول تتخذ هذه الظاهرة أبعادا قصوى، كما يحصل اليوم لدى نظام الجزائر، الذي أصبح منتخبه الوطني في كرة القدم، أداة لإلهاء شعب هذا البلد عن مشاكله والصعوبات الاقتصادية اليومية، التي يعيش في ظلها.
فبالإضافة إلى استقبال اللاعب البلايلي من طرف مسؤولي الدولة الجزائرية، بمن فيهم رئيس أركان الجيش، سعيد شنقريحة، عندما فاز منتخب هذا البلد بكأس العرب، يواصل رئيس هذه الدولة كتابة تدوينات حول منتخب بلاده، تارة للتشجيع والتحريض، وأخرى لتضميد «الجراح» بعد الفشل، وكأن كرة القدم ليست لعبة، بل معركة سياسية وعسكرية. كما تتخصص وسائل إعلام جزائرية في شحن الجمهور، وصل إلى حد ترويج أن منتخب هذا البلد كان ضحية السحر، عندما أقصي من كأس إفريقيا المنظمة حاليا في الكاميرون.
وإذا كان هذا طبيعي من طرف طغمة عسكرية، تحكم الجزائر بالحديد والنار، فإن المؤسف هو أن تجر وراءها في هذه السياسة، صحافيين وصحافة ووسائل إعلام، تحول كرة القدم، من لعبة هدفها الرئيسي، التنافس الرياضي الشريف، إلى أداة لزرع الأحقاد بين الشعوب وتنمية مشاعر الشوفينية والكراهية، في الوقت الذي من المفترض فيه أن تكون الصحافة وسيلة للتصدي لمثل هذه الممارسات المقيتة، بل عليها أن تقوم بدورها ومسؤوليتها الاجتماعية، في فضح التوظيف السياسي للرياضة، ضد الشعوب.
الكاتب : يونس مجاهد - بتاريخ : 24/01/2022