بنيونس المرزوكي ….لن تغادرنا فأنت في بؤرة وجودنا
عبد السلام المساوي
رفيقي …صديقي …حبيبي
لن أرثيك بل أرثي نفسي
كنت أنت
وجودي بعدك عدم
لن أرثيك بل أرثي أناي
كنت تسكنني دائما وستبقى
أنت الصديق والرفيق والأستاذ والمعلم
أنت المعنى
أنت الإنسان
أنت أعلى وأسمى من الفناء
كنت وستبقى عنوان الصدق والتواضع والابتسامة
لم تنافس أحدا على ” مساحة ” أو ” تفاحة ”
كنت قائدا للفكر والمنهجية
كاتب مبدع
إعلامي متميز
أستاذ أسطوري
فقيه دستوري
قانوني وحقوقي
فنان، مسرح، موسيقى ، غناء ، سينما
قائد سياسي
قيدوم اليسار بجهة الشرق
رمز
حكيم مؤمن بالقيم السارية الكونية
كنت معلما…
كنت معنا دومًا وستظل معنا دائمًا.
لن نتركك تغادر، فأنت في بؤرة وجودنا.
لا أريد أن أتذكر،
لأنني لا أريد أن أنسى
ولا أريد أن أنسى
لأن الوجود أبقى
حتى في الغياب.
بنيونس صنو وجود متعدد
وجود في الأعماق
وجود في الأماكن
وجود في الساحات
الضيقة والفسيحة
بنيونس المبادرات التي كثيرًا ما أثارت فضول تساؤلات عميقة
هو وحده يملك كيمياء الربط بين الواقع
كما يراه
كما يتمناه
كما يعمل من أجله
بكل وقواه
وبين تلك المبادرات
الكثيرة في لحظات
حساسة من نضالنا
المشترك
لن أقول وداعًا بنيونس
لأنك لا تودع
أنت ترحب دومًا
أنت لا تودع أبدًا
أنت باق هنا بنيونس
أنت في بؤرة وجودنا
جميعًا
في قلب كل رفيق
في قلب كل صديق
في قلب كل حبيب
في قلب كل طالب …أستاذ الأجيال
أنت باق بنيونس
كبيرًا
كما كنت كبيرًا
شهما كما كنت
مخلصًا كما كنت
ولم تبرح
أنت هنا
وانت اليوم لم تفعل إلا أن حلقت الى مثواك في البراري المزهرة لذاكرة الوطن، وهي التي تصون برفق وفرح، حيوات أمثالك من مولدي التدفق في المجرى العظيم للأمل في أوصال وطن يقاوم الارتداد ويراوغ المطبات …ويمضي بهدوء وثبات وبعزم نحو الامتلاء بالكرامة لمواطنيه…
بنيونس المرزوقي ممتد في المشترك المديد والعميق بيننا…
بنيونس المرزوقي..سيحفظ لك الوطن أنك كنت من أبنائه الأوفياء له، وقد بذلت من أجل تقدمه الكثير من الجهد بكفاءة نضالية …لذلك لن تذهب بعيدا تحت التراب، لأنك ستذهب بعيدا فوق التراب …
بنيونس المرزوقي….ذكراك ستزهر وتولد أبدا نفحات الأمل في التقدم نحو حلمك بالوطن الزاخر بالكرامة لمواطنيه…
جمعنا النضال بأحلام يسارية رومانسية…
جمعنا التعايش الصوفي والمشاركة الوجدانية في التماهي مع أغاني ناس الغيوان، لمشاهب، جيل جيلالة، مارسيل خليفة ، فؤاد نجم والشيخ إمام….جمعنا الحلم الجميل …
مناضل هادئ …حكيم ….إنسان…معلم
عندما يتكلم يفرض عليك الإنصات، يتكلم وهو يفكر، يمقت الانفعالات الطفولية والاندفاعات الحماسية…
كان عميقا وواعيا…كان مثقفا …كان وقورا …
لم يعد بنيونس جبوج على قيد الحياة …
ولن يقاسمنا الهواء المثخن بالغياب …
توقف الرجل عن التأمل في الأجواء …
وحمل همومه في سكون إلى مثوى السكون ..
لن ينازع أحدا في الزحمة …
تاركا الكلمات يتيمة ؛
تاركا الثقافة والمسرح والإعلام والقانون الدستوري؛
تاركا المحاضرات حزينة ؛
تاركا حزب الاتحاد الاشتراكي ؛
تاركا الأهل والأحباب ؛
تاركا الفكر والتفكير ؛
تاركا جبهة النضال من أجل ” الخبز والديموقراطية والوطن ” تشرح قلة اليد ؛
تاركا النخب لتستمتع بخيباتها …هاربة إلى تخصصها الجديد …
وهو التفوق الحقيقي في إحصاء الرزايا …
مات الرفيق الذي صاغ رفقة أخاذة في شخصيته …
بين الصرامة المبدئية والقدرة على استيعاب الرأي الآخر …
الجذب في اتجاه تخليق الحوار هي طاقة بنيونس المرزوقي …
في منازلة معاول الهدم وجرافات الاقتلاع …
لن أهيم في سرد مناقب أستاذ مناضل تقدمه فضائله …
أحرفي هذه هي في حاجة إلى شحنة من الشجاعة للاقتراب من قامة مهابة في حضورها وغيابها…
لا ينكر …حتى الذين اختلفوا مع بنيونس المرزوقي …مهاراته الجذابة في دفاعه الدائم عن توطين المشروع اليساري داخل منظومة إنسانية متعددة الصراحات …
قوة المشروع في تحديد صراحة الهوية غير المتعالية على معطيات المجتمع …
قوة جديرة بالاختراق الناعم …
محمولة على ذهنية ثقافية صادقة ترفض الإلغاء …لذلك كان يفضل أن يعنون المسار ب ” معركة الكلمة ” …
وهي معركة مكثفة بالخصوبة …
اختار سليل شمس جرادة ممارسة السياسة بدون مساحيق …
لم يبحث عن بطولة يوما ولا عن ” مقعد ” …
لم ينعت أحدا بسوء في غمرة الانقسامات والانضمامات والتوترات …
لم يخن أحدا….
لم يشتبك مع أحد …
ولم يفبرك دسيسة …
بنيونس العزيز …
ذهب الراحل إلى نادي الكبرياء في التاريخ …
الصفاء في التاريخ هو القمة والرفعة …
رحم الله بنيونس المرزوقي
الكاتب : عبد السلام المساوي - بتاريخ : 11/12/2024