تأملات في تبعات تخصيص 70 هكتارا من الرسم العقاري 4021 د لمنطقة صناعية جديدة خاصة باللوجستيك بجماعة أولاد صالح
د. سهيل المعطي
بناء على شهادة الملكية المسلمة من طرف المحافظة العقارية، فإن ملكية أرض الرسم العقاري عدد 4021 د تعود إلى سلالات العبد السلاميين والعمامرة والعيايسة. ورغم كون هذا العقار عقارا محفظا، فإنه تجدر الإشارة إلى أن السلطات تعتزم اقتطاع 70 هكتارا إضافية بعد اقتطاعات سابقة شملت هذا الرسم من أجل خلق منطقة أولاد صالح الصناعية الحالية، إلا أن الاقتطاع المزمع تنفيذه هذه المرة يروم خلق وإنشاء منطقة لوجستيك جد متطورة قد تضاهي منطقة البرنوصي.
وبناء على ما سبق فإن الأمر يستدعي إبداء وإثارة بعض الإشكاليات التي تشغل بال الساكنة بل تقض مضجعها، ولا بد للسلطات أن تكشف عن نواياها وخططها من أجل المعالجة العادلة لهذا الملف الشائك الذي تشتم منه رائحة نية الاعتداء المادي السافر على حقوق أصحاب الأرض بناءً على ما يتم الترويج له.
صحيح أن الساكنة لا ولن تعترض أبدا وإطلاقا عن جذب استثمارات ورؤوس أموال كبيرة جدا للمنطقة من أجل تطويرها وبالتالي تطوير النسيج الاقتصادي الوطني، لكنها تريد أن تصرخ بصوتها الجهوري أمام السلطات بأنها تنتظر وتطالب بعائدات مالية تعتمد على ما يروج فعلا في سوق العقار وبمقابل عيني (بقع أرضية) يكونان كفيلين بجبر كل الأضرار الناجمة عن توطين منطقة صناعية فوق أرضها خاصة باللوجستيك والتي لا تدخل في خانة المنفعة العامة خلافا لما يتم الترويج له من طرف بعض الجهات التي تتصيد الفرص من أجل السمسرة للحصول على منافع مالية خاصة.
في الحاجة إلى إبراز تفاوت الأضرار وترتيب الآثار
صحيح أن ملكية العقار المحدد في الرسم 4021د تعود للسلالات الثلاثة العبد السلاميين والعيايسة والعمامرة، إلا إن منطقة اللوجستيك لن تكون إلا على بعض أراضي سلالتي العبدالسلاميين والعمامرة ولن تمس إلا تجمعات لمساكن عدد كبير من سلالة العمامرة وبعض قليل من أفراد سلالة العبد السلاميين.
إن الحديث هنا لا يشمل طبعا حق سلالتي العيايسة والعبد السلاميين في أرض الرسم العقاري 4021د والذي هو حق على الشياع.
وبكل الواقعية اللازمة يتوجب هنا الوقوف عند كون التجمعات السكنية لسلالتي العبد السلاميين والعيايسة لن يتم ترحيلها أو إعادة إسكانها على اعتبار أنها بعيدة جدا عن مساحة ال70 هكتارا المحاذية لمنطقة أولاد صالح وبالتالي فان المتضررين الوحيدين من فقدان المساكن والأرض هم عماريون من العمامرة السفلى (أما العمامرة العليا فلن يمسها سوء) وبعض من ذوي حقوق العبد السلاميين في أراضيهم أو مساكنهم أو هما معا.
في الحاجة أيضا إلى تعويض مادي وعيني كفيل بجبر كل الأضرار.
إنه يتعين على السلطات، في هذه الحالة، مقاربة إشكالية التعويض بكل ما تفرضه هذه العملية من جبر الأضرار والخواطر. ومن اللازم علينا كساكنة استنكار جهرا ما يروجه البعض في المقاهي بان ثمن تعويض الأرض سيكون هو 200 درهم للم2 حسب آخر تحديث، ويروجون ظلما وبهتانا بالزعم أن هذه قرارات دوائر عليا وأن تعويض السكن لا يدخل في أجندتها إطلاقا، وفي هذا الأمر [أكل للثوم أو الشوك بفم الآخر] عوض التحلي بالشجاعة والجرأة السياسية ومواجهة الساكنة بكل ما ينتظرها من سيناريوهات مؤلمة كان بالإمكان التخفيف من حدتها بإشراكها في كل ما يهم مستقبلها واستقرارها ومفاوضتها على ثمن بيع أراضيها وتعويض مساكنها ماليا وعينيا خصوصا وأن النواب السلاليين عينتهم السلطة في الوقت الذي تم رفضهم من طرف السلاليين، كما تم تعيين نواب بواسطة عقود عدلية فاقدة لشرعيتها لأن الأشخاص الذين أدلوا بشهادتهم في التعيين ليست لهم الصفة للقيام بهذا الإشهاد من أجل تعيين النواب. والجدير بالإشارة هنا، إلى إن السلاليين يحتفظون بحقهم الكامل بالطعن في شرعية العقدين الذين تم بواسطتهما تعيين نواب العبد السلالميين والعمامرة بلجوئهم إلى المحكمة الجنحية ضد كل من ساهم في إعداد هذين العقدين الفاقدين للشرعية العدلية.
كما نود إثارة انتباه هؤلاء الذين يودون تغليط ذوي الحقوق المشاعة للأرض المراد السطو عليها بطرق ملتوية تحت يافطة المنفعة العامة المنعدمة في هذه النازلة، لنصرخ عاليا أن أرضا سلالية (لغفافرة) في بوسكورة تم تقديم طلب عروض بشأنها بقيمة 1200 درهم للم2، وفي مشروع الناصرية الذي نبت مؤخرا على أرض من الرسم 4021 د يباع فيه المتر مربع ب 8500درهم بعد إدخال أشغال التجهيز.
أليس هذا ضحكا على الذقون؟
ثم ألا يتذكر الضاحكون على الذقون أن اقتطاعا سابقا من نفس العقار تم مقابل 180 درهما للمتر مربع زائد بقع أرضية بمنطقة أولاد صالح استفاد منها الملاك أو ذووحقوقهم الذين تم ضم أراضيهم للمشروع آنذاك مع العلم أن تفويت أرض ال5 هكتارات تم بشكل غير قانوني ولحد الساعة لم يتم تعويض دوي الحقوق بالمال المرصود لهذه العملية، وهذا أمر لن يمر هكذا حتى يسقط في النسيان، وللسلاليين الحق في فتح هذا الملف من جديد وعرضه على كل الجهات التي يرجى منها التدخل لوضع حد للتلاعب بحقوق السلاليين ومصالحهم.
والجدير بالتذكير، فإنه تاريخيا عرفت وتعرف سومة المتر مربع تصاعدا مضطردا في كل الأمكنة والجهات إلا في منطقة أولاد صالح، سبحان الله، حيث تم تفويت أراض طالع حسين بـ 180 درهما في سنة 2000 وفي 2024 يروجون سومة 200 درهم للمتر مربع ل70 هكتار جاءت جنوب البيضاء بحوالي 20 كلم محاذية شرقا للطريق السيار مراكش ومطار محمد الخامس الدولي وشمالا للمنطقة الصناعية التي استقبلت كبريات الشركات المرموقة المتخصصة في الصناعات الغذائية والصيدلانية …إلى جانب تكتل سكاني .
إن ساكنة العمامرة وبعض العبدالسلاميين الذين سيشمل أرضهم مشروع المنطقة الصناعية الجديدة (اللوجستيك) يتمسكون بحقهم الكامل في تعويض مالي فيه مكونات حقيقة السعر أو السعر الحقيقي، باعتماد الأسعار المرجعية التي تم تطبيقها على أراضي الجوار ويتشبثون أيضا ودائما بتعويض عيني عن السكن بالشكل الذي جرى مع ملاك وذوي الحقوق في المرة/العملية السابقة.
كما يتوجب في هذا الإطار التذكير بأمر هام، وتوخيا لمعالجة عادلة لهذا الملف من طرف السلطات، أن يتم تفعيل مسطرة حق امتلاك الأراضي السلالية من طرف فاعل عمومي قد يكون وكالة أو غيرها، عبر إجراء وتطبيق عروض أثمان أو أسعار تكون مستقاة من تقييم السوق وموقع العقار والبنيات التحتية المحيطة به من بلوغ وتجسيد مبادئ الشفافية والمنافسة الواجب توافرهما درءا لكل تمييز محتمل وتفضيل جهة ما على أحسن العروض المقدمة وفي ذلك لجم وكبح لتطلعات الساكنة التي يتيحها لهم قانون المنافسة .
فهل يعقل أن يتم ترحيل الساكنة التي كانت مستقرة هنا منذ زمن بعيد باعتمادها النشاط ألفلاحي عبر الزراعة وتربية المواشي وباشتغال أبنائها بالمنطقة الصناعية حيث مصاريف النقل تكون صفر درهم، وهذه تعتبر في حد ذاتها زيادة في الأجر الذي أصبح يتآكل مع التضخم وارتفاع الأسعار.
إن الساكنة ستجري خبرات حسابية لتقييم وتقويم ممتلكاتها أرضا ومساكن والإدلاء بها لدى من يجب عند الحاجة، كما أن الساكنة لا تستبعد اللجوء إلى الطعن في عقود الإذعان ضد من ستؤول إليه عملية شراء ال70 هكتارا بسومة لا ترقى إلى تطلعات الساكنة، وفي ذلك جبر الأضرار والخواطر جراء اقتلاع عنيف لجذور سلالات عمرت طويلا، وإبعادها عن محيطها العائلي والطبيعي، بنسف أنشطتها من زراعة وتربية مواشي بعد بروز الرغبة والنية للزج بها في شقق البناء الاقتصادي، كما هو الأمر في تجارب شبيهة للترحيل وإعادة الإسكان.
في الأخير، يجب على الساكنة من السلالات الثلاث أن ترفع جدا من منسوبي اليقظة والحذر، وأن تتكتل لإسماع صوتها لدى السلطات والدفاع عن حقوقها الكاملة والمشروعة، وأن يتجند كل أطرها العليا، كل من موقعه، لنشر وفضح كل ما يحاك ضدها والترافع الجيد عن قضيتها.
ولتخرس الأصوات النشاز التي تعتبر نفسها قامة قانونية وهي لا تفرق بين الألف وعصا الراعي، ولا تفقه في أبجديات القانون وحقوق الناس، وتعتنق إقصاء بعض ذوي الحقوق شعيرة دينية تمارسها كل يوم.
الوضع بمنطقة أولاد صالح يلفه التباس وغموض شديدين حيث أبرزت بعض التحريات أن تصميم الهيكلة لا زال في الوكالة الحضرية على ما كان عليه بمنطقة لوجستيك وأخرى للسكن الانفرادي وفيلات في الوقت الذي نجد فيه إن الوكالة الحضرية موقعة على اتفاقية الشراكة إلى جانب خمسة فاعلين من بين العشرة الذين يرتبطون بهذا المشروع الكبير.
كما أبرزت التحريات أن المصالح التقنية للمحافظة العقارية وافقت على أجرأة اقتطاع ال70 هكتارا من الرسم 4021 د بعدما نطقت بالرفض سابقا .
هل يوجد عبث أكثر من هذا ؟
الكاتب : د. سهيل المعطي - بتاريخ : 12/12/2024