تنديد المجتمع المدني وقلقه من عنف الشرطة خلال المظاهرات بفرنسا

احتجاجات النقابات الأخيرة بفرنسا والتظاهرات المنظمة في إطار التعبئة بفرنسا احتجاجا على إصلاح نظام التقاعد، شهدت أعمال شغب ترافقت مع ممارسات عنيفة للشرطة في الأيام الأخيرة على ما أفادت عدة منظمات للدفاع عن حقوق الإنسان. ولم يقتصر الأمر على المنظمات الفرنسية. فقد وجهت مفوضة حقوق الإنسان في مجلس أوروبا دنيا مياتوفيتش الاتهام نفسه إلى عنف الشرطة الفرنسية تجاه المتظاهرين.
وقالت «أعمال العنف المتفرقة لبعض المتظاهرين أو أفعال أخرى مدانة ارتكبها آخرون خلال التظاهر، لا تبرر الاستخدام المفرط للقوة من قبل عناصر تابعين للدولة. هذه الأعمال لا تكفي كذلك لحرمان متظاهرين سلميين من التمتع بحرية التجمع».
هذا العنف المفرط للقوات العمومية ضد المتظاهرين، ذكر الفرنسيين بنفس العنف الذي مورس ضد متظاهري السترات الصفراء في سنتي 2018 و2019.
نفس الصدامات العنيفة تكررت، يوم السبت الماضي، بين محتجين وقوات الأمن حول مخزون مياه متنازع عليه قيد التشييد في وسط غرب فرنسا، حيث احتشد الآلاف على الرغم من حظر التجمع، وانتهى باصطدامات عنيفة خلفت عددا كبيرا من الجرحى لدى الجانبين.
المنظمات غير الحكومية كانت لهجتها لاذعة أكثر تجاه عنف القوات العمومية.
وقال رئيس رابطة حقوق الإنسان باتريك بودوان «الانجراف الاستبدادي للدولة الفرنسية وإضفاء الطابع العنفي على العلاقات بواسطة الشرطة وأعمال العنف على أنواعها والإفلات من العقاب تشكل كلها فضيحة مدوية». يقول متوجها إلى الحكومة الفرنسية.
واتهمت الرابطة السلطات بالمساس «بحق المواطنين في الاحتجاج من خلال الاستخدام غير المتناسب والخطر للقوة».
وانتقدت منظمة هيومن رايتس ووتش من جهتها «الاحتواء التعسفي للحشود وتكتيكات مكافحة الشغب».
ورأى وزير الداخلية الفرنسي جيرالد دارمانان أن الشرطة اكتفت بالتحرك لمواجهة «المنحى المتطرف» الذي سلكه «المخربون» المنضوون في صفوف «اليسار المتطرف» الذين يندسون بين المتظاهرين لإثارة أعمال شغب.
ورأى مراسلو وكالة فرانس برس الكثير من الشباب الملثمين يضرمون النار في حاويات نفايات ويحطمون واجهات محلات ويلقون حجارة أو مفرقعات باتجاه القوى الأمنية.
وقالت السلطات إن نحو 1500 «مخرب» أعضاء في ما يسمى «بلاك بلوك» وهي مجموعات مخربين متطرفة، اندسوا ضمن موكب الاحتجاج في باريس الخميس. وأصيب 441 شرطيا ودركيا بجروح خلال تظاهرات الخميس في كل أرجاء فرنسا.
وأشار الوزير إلى أن 11 تحقيقا بوشر في حق عناصر في الشرطة. وأوضح «قد يكون عناصر في الشرطة أو الدرك غالبا ما يشعرون بالانهاك، ارتكبوا على صعيد فردي ممارسات قد تتعارض مع ما تعلموه» مشددا في الوقت ذاته على العمل «الرائع» للقوى الأمنية «لتجنب وقوع أي قتيل».
وأوقف أكثر من 450 شخصا خلال يوم التظاهرات الأعنف منذ بدء حركة الاحتجاج على إصلاح نظام التقاعد الذي يرفع سن التقاعد من 62 إلى 64 عاما.
منذ تمرير المشروع من دون تصويت في البرلمان الأسبوع الماضي، تنتشر أشرطة مصورة عبر وسائل التواصل الاجتماعي تظهر عناصر من الشرطة الفرنسية يدفعون متظاهرين أو ينهالون عليهم بالضرب.
وقالت بينيديكت جانرو مديرة هيومن رايتش ووتش في فرنسا «يبدو أن السلطات الفرنسية لم تستخلص العبر ولم تراجع سياساتها وممارساتها في احتواء الحشود» منذ تظاهرات السترات الصفراء في 2018 و2019 الذي يقارن التحرك الحالي بها.
وفتحت النيابة العامة في باريس ثلاثة تحقيقات على الأقل بشبهة العنف من جانب شخص يتمتع بسلطة رسمية في الفترة الأخيرة على ما أفاد مصدر مطلع على الملف.
وتوجد عدد من القضايا أمام القضاء الفرنسي تتهم الشرطة بالعنف المفرط ينتظر البت فيها.وتفيد تقارير لمجموعات تعنى بالدفاع عن حقوق الإنسان أن الشرطة قد تكون تسببت بالحاق إصابة برجل ما اضطر الأطباء إلى بتر إحدى خصيتيه.
وقال قائد شرطة باريس لوران نونيز خلال الأسبوع الحالي إن القوى الأمنية لا تتدخل إلا عند تشكل مجموعات «بنية ارتكاب أعمال عنف». وأضاف أن هناك تحقيقات للبت في هذه القضايا.
والجميع ينتظر تظاهرة الثلاثاء المقبل بفرنسا على إصلاح نظام التقاعد الذي يرفع سن التقاعد من 62 إلى 64 عاما.
وتميز التظاهر المستمر والاحتجاجات التي تستمر منذ شهرين بفرنسا بالعنف في التظاهرات الأخيرة منذ أن مررت الحكومة مشروع تعديل نظام التقاعد من دون تصويت في البرلمان مستندة إلى مادة في الدستور يعتبرها كثيرون «إنكارا للديموقراطية»، ليقينها من أنه لن يحصل على موافقة الأغلبية في الجمعية الوطنية على الرغم من مناقشته منذ شهور.