«تيكاد9»…خلاصات أساسية

نوفل البعمري

 

ما حدث يوم الجمعة 23 غشت في اجتماع تيكاد9 المتعلق بالقمة اليابانية الإفريقية ليس سوى مشهد من المشاهد الفضائحية للنظام الجزائري، فهذا الأخير انكشفت كل حيله وألاعيبه أمام جل المشاركين في القمة الذين اكتشفوا تسلل عناصر تابعة لتنظيم مليشيات «البوليساريو» إلى قاعة الاجتماعات قصد التقاط الصور لإيهام الرأي العام الجزائري، خاصة وأن العسكر هناك يدفع بولاية جديدة لعبد المجيد تبون واجهة شنقريحة في الحكم، بأنه قد حقق نصراً دبلوماسياً في اليابان، لينكشف سريعاً تسلل هذا العنصر عندما تفطن بعض الحضور فتم التوثيق لأكثر عملية احتيالية تكشف غباء العسكر الجزائري، متمثلة في استخراج عنصر من العناصر المليشياتية يافطة من محفظته مكتوب عليها « الجمهورية الصحراوية» الكيان الوهمي غير المعترف به وغير المرحب به في اليابان.
ليست هذه هي المرة الوحيدة التي يتم فيها القيام بهذا الفعل الفضائحي، فقد سبق أن تم رفض تواجد هذه العناصر في نفس القمة بتاريخ سابق، وفي قمم أخرى يتم فيها محاولة فرض مشاركة هذه العناصر تارة بالتزوير وتارة بالتدليس وأخرى بمحاولة فرض الأمر الواقع، هنا وأمام تكرر هذا الفعل خاصة في القمم التي تنظمها اليابان لابد من تقديم هذه الخلاصات الواضحة:
النظام العسكري الجزائري بات مكشوفاً وعارياً، وأصبحت دبلوماسيته تتحرك بشكل مرضي وبداء اسمه المغرب يبدو ألا شفاء منه إلا بوجود تغيير عميق وجذري داخل بنية هذا النظام، وهو ما لم يحدث ويبدو أنه لن يحدث في المنظور القريب في ظل سطوة العسكر وبطشه بكل محاولات التغيير السلمي، هذا النظام لا يجد أي حرج في التضحية بسمعة الجزائر، وبصورتها، فقط لانتزاع انتصارات وهمية غير حقيقية، وهو ما يجب أن يجعل المغاربة ودبلوماسيتهم أكثر تفطناً وحذراً من تحركات هذا النظام في مختلف القمم المستقبلية، لقطع الطريق أمام أي محاولة تدليسية كالتي تم القيام بها.
لقد أثبتت البوليساريو أنها تنظيم لا يمكنه الاستمرار في التواجد إلا من خلال كفيله، النظام الجزائري، فقد تسللت عناصره لليابان ودخلت قاعة الاجتماعات بصفتها جزءاً من الوفد الدبلوماسي الجزائري، وبجوازات سفر دبلوماسية جزائرية، لأنها تعلم أن اليابان لن ترحب بهم، بالتالي فقد أثبتت هذه الواقعة أن هذا التنظيم ما هو إلا تنظيم ذيلي للعسكر، وألا حل لهذه الوضعية إلا بفضح كفيله الذي يعرقل أي تسوية سياسية للنزاع.
الشاب الذي تدخل لمنع وضع يافطة مزورة مكتوب عليها « الجمهورية الصحراوية» يحتاج التحية والتقدير لأنه تدخل بحس وطني، وكان موفقاً في مرتين، مرة عند تدخله الشجاع لانتزاع اليافطة، التي استخرجها عنصر مليشيات البوليساريو الذي تسلل للقاعة، ليكشف عملية التحايل التي تم القيام بها، ومرة أخرى عندما تدخل عنصر من الوفد الدبلوماسي الجزائري لحماية العنصر المتسلل والدخيل على قاعة الاجتماعات المنتمي للبوليساريو، بحيث لخص هذا المشهد كل شيء، وأكد ألا استمرار لهذا التنظيم ولعناصره دون حماية من العسكر الجزائري.
اليابان أعادت رسميا التذكير بموقفها من تنظيم البوليساريو، بحيث أنها اضطرت، أمام هذا الموقف، للتوضيح بأنها لم تقم باستدعاء هذا التنظيم المليشياتي، وأنها لا تعترف به، وأن تسلل عناصره إلى القاعة لا يعني قبولهم وتغيير موقفها منهم، لقد أعادت اليابان رسميا التذكير بموقفها الثابت من تنظيم انفصالي، مليشياتي، إرهابي ليتحول الحدث من محاولة للنظام الجزائري تسريب صور على أساس أنها انتصار لدبلوماسيته، إلى نكسة جديدة تنضاف إلى سلسلة النكسات الدبلوماسية التي استقبلتها «مرماهم»، وتنقلب «الحفلة» التي كانوا يريدون تسويقها في إعلامهم إلى «مأتم» تم فيه تأبين دبلوماسية العسكر التي لا تُتقن سوى التزوير والتحريف والتدليس.

على المغرب، بعد هذه الواقعة، أن يعيد فتح حوار مع اليابان لكي تُطور موقفها من الملف ككل، وتنتقل به من موقف دعم « الجهود المغربية ذات المصداقية» على أرضية الحكم الذاتي لطي النزاع، إلى موقف أكثر وضوحا فيه دعم واضح لمغربية الصحراء، من خلال إعطاء جرعة إضافية إيجابية لموقفها الحالي تتجه به نحو الإقرار والاعتراف الواضح والعلني بالسيادة المغربية الكاملة على أقاليمه الصحراوية كما فعلت الولايات المتحدة الأمريكية، إسبانيا وفرنسا، وتلتحق بهذه الدول المُعترفة بمغربية الصحراء اعترافاً صريحاً…خاصة أن اليابان تتموقع، على الصعيد الدولي، ضمن هذا المحور الغربي، ومواقفها في عدة قضايا ونزاعات إقليمية تتطابق مع الموقف الغربي، لذلك حان الوقت لليابان بأن تعيد تقييم موقفها من النزاع وتدفعه من حالته الحالية الداعمة للمقترح المغربي إلى وضع تعبر فيه عن اعتراف صريح بمغربية الصحراء وبالسيادة الكاملة للمغرب على هذه الأقاليم.
ما حدث قد يتكرر، ومعه يجب أن تستمر دبلوماسيتنا في اليقظة وفي التدخل بكل الطرق من أجل فضح هذه الممارسات التدليسية ويستمر إسنادها ودعمها من طرف الرأي العام ومساندتها لها في العمل الكبير الذي تقوم به وفقاً للرؤية الاستراتيجية التي وضعها الملك، والتي استطاعت، في ظرف وجيز، تحقيق مكاسب كبيرة لصالح القضية الوطنية، وهي مكاسب يجب تحصينها من خلال التصدي لمثل هذه التلاعبات…بكل الطرق الدبلوماسية وبالتدخلات العفوية التي تعكس حساً وطنياً عالياً كالذي حدث في قمة «تيكاد9».
معركتنا الأساسية يجب أن تنتقل إلى داخل الاتحاد الإفريقي الذي يجب أن ندفع بالنقاش داخله نحو تجميد عضوية البوليساريو بهذا الكيان الإفريقي، فهذا التنظيم أصبح عبئاً على إفريقيا، كما بات يشكل عنصر إحراج لممارسات النظام المتكفل به، ولم يعد له أي مكان داخل هياكل القارة الإفريقية خاصة أن الاتحاد الإفريقي تبنى رسمياً موقف حصرية الأمم المتحدة في تسوية النزاع، بالتالي ما عليه سوى أن يقف موقف الحياد الإيجابي ويعيد البوليساريو إلى الموقف الطبيعي كتنظيم غير دولتي، غير معترف به من الأمم المتحدة، إلى حين تسوية النزاع ليكون منسجماً مع ما هو عليه الوضع داخل الأمم المتحدة التي تتعامل مع البوليساريو كتنظيم «سياسي» وليس ككيان دولتي.

الكاتب : نوفل البعمري - بتاريخ : 26/08/2024