ذكرى التحرير
نوفل البعمري
حل يوم 13 نوفمبر ومعه حلت الذكرى الأولى للعملية الأمنية التي قام بها الجيش المغربي في المنطقة العازلة الكركرات. تلك المنطقة التي كانت تفصل بين نقطة العبور والحدود الموريتانية، وكان يتم العمل على محاولة عرقلة انسيابية المرور منها سواء للمسافرين العابرين لها، أو للمركبات و العربات التجارية التي تمر من المعبر الحدودي باعتباره الممر الآمن الوحيد الذي يربط أروبا بإفريقيا، مما جعله يحظى بأهمية تجارية قصوى، نظرا لمردوديته الاقتصادية، خاصة للدولة الموريتانية التي كانت قد تضررت بفعل قطع الطريق، وذلك بمحاولة الاعتصام في الطريق لفرض أمر واقع جديد يفصل المغرب عن موريتانيا، ومن خلالها إفريقيا.
العملية الأمنية العسكرية التي استطاع الجيش أن يقوم بها دون أن يسيل قطرة دم، أو يخلف أية ضحايا، كان للمهندسين العسكريين دور كبير فيها، من خلال إعادة ترميم وإصلاح الطريق بشكل سريع أعاد بشكل قياسي الحركة للمعبر وأمَّن الطريق من جديد، مما أوقف كل أعمال البلطجية التي كان يتم القيام بها.
وقد حققت العملية واحدا من الأهداف الأساسية لاتفاق وقف إطلاق النار، وهو الحفاظ على السلم والأمن بالمنطقة، بل أكثر من ذلك، أسفرت العملية عن حماية أعضاء بعثة المينورسو الذين تعرضوا لكل أشكال الإهانة من طرف بلطجية البوليساريو الذين دفعهم النظام الجزائري لمحاولة إنشاء مخيم ظاهره مدني لكن عمقه مسلح، وذلك بهدف السيطرة عليه لخلق أمر واقع في المنطقة يُحولها لنقطة تمركز للجزائر تحت غطاء البوليساريو، أي منطقة خاضعة للجنرالات الجزائريين بهدف تحقيق ثلاث أهداف كانت دائمة استراتيجية للعسكر، نجمله باختصار أولها البدء بنقل سكان المخميات للمنطقة للتخلص منهم، ودفعهم لخلق واقع جديد للنزاع، ثانيها قطع الطريق وعزل المغرب ومحاصرته شرقا وجنوبا، ثالثهما: تحقيق حلم بومدين بإيجاد منفذ إلى المحيط الأطلسي عن طريق اقتطاع جزء من المغرب وجعله خاضعا للجزائر.
فشل هذه الأهداف الإستراتيجية للجنرالات هو مايفسر الحالة النفسية التي يوجدون عليها اليوم ومنذ هذه العملية، وخروجهم المكشوف لجر المغرب للحرب بعد أن فشلت في القيام بها عن طريق المناولة للمليشيات.
المغرب بتأمينه للمعبر استطاع أن يبعث ثلاث رسائل:
داخليا و لكل الأجيال الصاعدة التي لم تواكب حروب أكتوبر 1973 التي شارك فيها الجيش المغربي، وحرب أمغالا، وكل الأدوار الوطنية التاريخية التي قام بها الجيش المغربي، استطاعت بهذه العملية أن تعيد اكتشاف جيشها واكتشاف حجم قوته، ووطنيته ودوره الكبير في حماية حوزة الوطن، وأن لها جيشا وطنيا قادرا على رد أي عدوان. أي أنه إلى جانب حفاظه على السلم، هو أيضا قوي لمواجهة أي خطر خارجي.
خارجيا استطاع الجيش المغربي أن يحافظ على السلم في المنطقة، ويحافظ على أمن جل المركبات التجارية الدولية، ويعيد حركة المعبر لسابق عهده، ويجعله أكثر أمانا، مما قوى من حجم المعاملات التجارية التي تتم من خلال هذا المعبر، ورفع حجم استفادة دولة موريتانيا من عائداته المالية التي كانت تضررت اقتصاديا من قطع المعبر، وأظهر المغرب جيشه بأنه الجيش الذي يلعب كل أدواره في المنطقة لتأمينها ولتحقيق واحدة من الالتزامات الأساسية للمينورسو.
أمميا استطاع الجيش أن يقوم بدوره كاملا في فرض احترام اتفاق وقف إطلاق النار، وللمهمة الوحيدة التي ظلت البعثة تقوم بها بعد تغير ولايتها المدنية والسياسية بفعل التطور السياسي الذي شهده النزاع وإقرار الأمم المتحدة بمبادرة الحكم الذاتي كحل وحيد وأوحدز وفي مستوى آخر، ناب الجيش عن بعثة المينورسو في تأمين المنطقة بعد أن عجزت عن تحمل مسؤوليتها في الشق العسكري.
العملية الأمنية العسكرية تستحق أن تكون حدثا وطنيا، تحتفي به جل الأجيال ويدرس لدى تلامذتنا لتعرف أهمية الأدوار الوطنية التي يقوم بها جيشهم، وباعتباره حدثا شكل علامة فارقة في الصراع المفتعل حول الصحراء،ك ل ذلك بفضل قيادة الملك باعتباره القائد الأعلى للقوات المسلحة الملكية، وحنكة عناصر الجيش المغربي.