ضمير الكنبة الميت: إذا لم تستح، فقل ما شئت
أحمد العاقد
إنها لحيرة ما بعدها حيرة، أن يحاول النهوض من جديد، شخص لفظته أفعاله الخسيسة وجرائمه المدانة قضائيا، بلباسه الأحمر الدال على مزاجيته، وأن يمنح لنفسه التائهة صلاحية تقييم الأحزاب السياسية، وهو الفاشل حتى في تقويم سلوكياته الذاتية.
منافق يظهر غير ما يبطن، بتقاسيم مبتسمة متصنعة تروم إخفاء حالة نفسية تعبر عن مشاعر هي، في واقع الأمر، مناقضة لمشاعره الحقيقية الواعية واللاواعية، وإلا كيف نفسر هذا العداء المطلق والدائم لنفس الشخصيات السياسية؟
يظهر من جديد من استنفد رصيده المتهاوي من القيم المزعومة، يظهر لأنه يخشى الخفاء ويصر على أن يخبط فوق الماء خبط الغريق الذي لا يعرف السباحة. يستيقظ مرة أخرى الساقط من أعلى نرجسيته المريضة، ليتصيد الفرص الضائعة لإعطاء الدروس “السياسية” التي لا يفقه فيها شيئا، فما يجهله أن السياسة ليست مقولات نظرية جاهزة وجامدة، إنما السياسة دربة وممارسة، تجربة وتراكم، تفاعل مستمر مع الواقع والوقائع.
ظهر من جديد بضغط نفسي، يعكس جهدا ذاتيا مفتعلا، يجعل صاحبه مصرا على حبك السرديات المتخيلة والحكايات السياسية التي عفا عنها الزمن السياسي المغربي.
يعتبر الساقط من أعلى نرجسيته أن الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية مخلوق هجين، لا هو من الموالاة ولا هو من المعارضة، ويتندر بكلمة المخلوق. نسي أن المخلوق منة من الله، وأن النساء اللواتي استصغرهن مخلوقات أيضا.
يتحدث عن أصدقاء اتحاديين قدامى، وهو لا يعلم أن الصديقات والأصدقاء في الاتحاد لا فرق بينهن وبينهم في القدم أو الراهنية، مهما كان الاختلاف. ثم حاشا أن يزكي الاتحاديات والاتحاديون، مهما اختلفت بهم السبل، انزلاقاته التي شهد بها العالم.
للذكرى، كان الساقط صاحب الأمر اليومي، ويريد اليوم الانقلاب على صاحبه المرشد الأعلى، يريد أن يستيقظ من سباته العميق المخزي إلى أقصى درجات الخزي.
يتحدث عن سخرية حزب لن يستطيع أن يطوله تضحية وقامة ورمزية، ويتناسى أن النقطة القاتلة للأشخاص والجماعات هي ضرب القيم والمبادئ عرض الحائط، هي دوسها أرضا دون أدنى اعتبار. السخرية المروعة ألا يأخذ الساقط العبرة من جرم ارتكبه، تم توثيقه بالفيديو، مما يعفينا من العودة إلى مشاهده وإباحياته المقرفة وتم تسجيله في التاريخ عبر صك الاتهام الذي لم يسبقه إليه سوى عتاة المرضى الساديين، وفيه نجد “ارتكاب جنايات الاتجار بالبشر، والاستغلال الجنسي، وهتك عرض بالعنف والاغتصاب ومحاولة الاغتصاب، والتحرش الجنسي، واستعمال وسائل للتصوير والتسجيل، وﺟﻠـﺐ واﺳـﺘﺪراج أﺷﺨـﺎص ﻟﻠﺒﻐـﺎء، ﻣﻦ ﺑﻴﻨﻬـﻢ اﻣـﺮأة ﺣﺎﻣـﻞ، …”، كل ذلك مصور في ما يناهز 50 شرﻳﻄًﺎ موثقا.
يتحدث، سخريةً، عن حزب لن يتناسى الساقط أن النقطة القاتلة للأشخاص والجماعات هي ضرب القيم والمبادئ عرض الحائط، هي دوسها أرضا دون أدنى اعتبار. السخرية المروعة والدراما القبيحة ألا يأخذ الساقط العبرة من جرم ارتكبه بأثر مروع مهنيا واجتماعيا.
السخرية تتحول إلى غثيان منساب، حين يتم استحضار صوره وهو يستمتع بألم الضحايا دون أن يرف له جفن. هي الفظاعة من شخص لم يتملك بعمق الأخلاق الواجبة على من يمارس مهنة عظيمة أنجبت كبار السلطة الرابعة، والأفظع أن حجم الدمار النفسي الذي حطم الضحايا لن تمحوه المحاولات اليائسة للنسيان. إن الذين يعرفون ما جرى لم يموتوا بعد، وهم لا يزالون شاهدين على الأذى البليغ للساقط وسبق إصراره وترصده لتحطيم الحياة.
يكفيك خزيا سلوكاتك الشاذة تجاه المرأة المغربية، ودع عنك ملتمس الرقابة الذي لن تفقه في مغازيه السياسية والدستورية أي شيء. والأجدر بك رقابتك على نفسك، أما الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، فأكبر منك ولن تستطيع استيعاب وردته ورمزيته: ماضيا، حالا ومستقبلا.
الضمير الميت، الممدد على الكنبة إياها، ليس بمقدوره إدراك المعنى في الكتابة والسياسة والحياة، فبالأحرى إنتاجه.
الكاتب : أحمد العاقد - بتاريخ : 19/12/2025


