في زمن التحولات… الاتحاد يرفع شعار المرحلة ويخوض معركتها

نورالدين زوبدي

في زمن التحولات الكبرى، لا تكفي الشعارات ما لم تُترجم إلى اختيارات سياسية واضحة والتزامات ميدانية مسؤولة. هكذا اختار الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية أن يجعل من شعار «مغرب صاعد اقتصاديًا،… اجتماعيًا ….ومؤسساتيًا» عنوانًا لمؤتمره الثاني عشر، ومرجعيةً لمرحلة جديدة في مسار الفعل السياسي الجاد والمواطن.
هذا الشعار ليس ترفًا لغويًا، ولا تكرارًا لمفردات مستهلكة، بل هو قراءة واعية للحظة الوطنية الراهنة، وتفاعل مباشر مع التحديات المطروحة على البلاد. إنه دعوة إلى الانخراط الجماعي في مشروع تنموي جديد، أكثر عدلاً، أكثر نجاعة، وأكثر التصاقًا بحاجات المواطن المغربي في كل الجهات والمجالات.
لقد تم التأكيد، في أكثر من مناسبة، على أن المغرب لا يمكن أن يقبل الاستمرار بمنطق السرعتين؛ حيث تنعم بعض الجهات بثمار النمو، بينما تعاني جهات أخرى من التهميش البنيوي. هذا الواقع يفرض الاستمرار، بل التسريع، في إنجاز المشاريع الاستراتيجية الكبرى، كرافعة لتقليص الفوارق المجالية، وتحقيق العدالة الترابية والاجتماعية، بما يضمن تنمية مندمجة تشمل الجميع.
«المغرب الصاعد» هو، في جوهره، رؤية تتقاطع مع المشروع الاشتراكي الديمقراطي الذي يتبناه الاتحاد، والذي يرفض التفاوتات المجالية، ويمنح الأولوية للقطاعات الاجتماعية باعتبارها العمود الفقري لأي تنمية حقيقية. تعليم جيد، صحة متاحة، سكن كريم، شغل منتج، حماية اجتماعية شاملة… كلها مرتكزات لبناء مجتمع متماسك ومواطن حر وفاعل.
اقتصاديًا، يدعو هذا التصور إلى اقتصاد منتج ومُهيكل، يُولّد الثروة ويوزّعها بعدالة، ويدفع نحو الاستثمار في القطاعات ذات القيمة المضافة، بما يخدم السيادة الوطنية ويُعزّز التوازن المجالي.
أما مؤسساتيًا، فإن مغربًا صاعدًا لا يمكن أن يتحقق إلا عبر مؤسسات قوية، منتخبة وشفافة، وقضاء مستقل، وأحزاب مسؤولة، قادرة على تأطير المواطنين، واستيعاب تطورات المجتمع، والدفاع عن تكافؤ الفرص ومبادئ دولة القانون.
من هذا المنطلق، لم يكن اختيار شعار المؤتمر قرارًا ارتجاليًا، بل تجسيدًا لانخراط واعٍ في المسار الوطني، وتفاعلًا إيجابيًا مع الأفق الذي يطمح إليه الشعب المغربي.
ويعكس هذا الشعار بوضوح أن الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية حزب منخرط في نبض التحولات التي تعرفها الساحة الوطنية، متفاعل مع تحديات اللحظة، بعيد كل البعد عن الجمود والانغلاق داخل أفكار متجاوزة أو مواقع معزولة. بل إنه يشكل امتدادًا حيًا لهموم المجتمع وتطلعات قواه الحية، لأنه وُلد من رحم الشعب، وسيظل وفيًا لهمومه، وحاملًا لقضاياه، ومعبرًا عن تطلعاته نحو مغرب أكثر عدلاً وتقدمًا.
إنه تعبير عن إرادة جماعية حية، تؤمن بأن مستقبل المغرب لا يُبنى إلا بمشاركة كل القوى السياسية والاجتماعية والاقتصادية، في انسجام مع الإرادة الملكية التي ما فتئت تدعو إلى تعبئة شاملة من أجل تحقيق الإقلاع التنموي، وترسيخ العدالة، وتثبيت دولة المؤسسات.
«مغرب صاعد» ليس مجرد طموح، بل أفقٌ مشتركٌ نرسمه معًا، بالإرادة ذاتها والرؤية ذاتها، من موقعنا كقوة تقدمية ملتزمة بمصير هذا الوطن.

الكاتب : نورالدين زوبدي - بتاريخ : 15/10/2025