في زيارة للسفير الفلسطيني.. وضع صعب وأمل مفقود في السلام مع حكومة نتنياهو
نوفل البعمري
كان لابد من زيارة السفير الفلسطيني بالمغرب، ليس فقط من أجل إعلان التضامن مع الشعب الفلسطيني، بل كذلك للاستماع إلى السفير الذي يقدم تشريحاً قوياً لما آل إليه الوضع في عموم ما تبقى من التراب الفلسطيني المجزأ بين قطاع غزة والضفة الغربية، تشريح لوضع صعب يتداخل فيه الإنساني بالحقوقي بالتاريخي بمستقبل المنطقة وبفقدان الأمل في السلام، هذا السلام الذي بات مستحيلاً مع حكومة نتنياهو اليمينية المتطرفة التي لا تعرف غير صوت المدافع والقنابل وقتل الأطفال واستهداف المدنيين لدفعهم إلى هجرة داخلية من شمال قطاع غزة إلى جنوبه في إطار مشروع كبير هدفه تهجير سكان القطاع نحو صحراء سيناء، وفلسطينيي الضفة نحو الأردن.
الوضع الفلسطيني، اليوم، بات صعباً، مؤلماً، يسائل الضمير الإنساني ومعه كل المنظومة الحقوقية والكونية التي تقف عاجزة أمام أعمال التقتيل الوحشي التي تمارسها آلة الاحتلال الإسرائيلي في حق الشعب الفلسطيني الأعزل، وفي حق المدنيين، هذه المنظومة التي أثبتت اليوم كامل عجزها أمام الآلة العسكرية الإسرائيلية التي لا تقتل المدنيين بل تستهدف أي أمل في السلام وحل الدولتين، هذا الحل الذي كانت جل المكونات الفلسطينية قد قبلت به من أجل الحياة وانتصارها، بالمقابل بات واضحاً أن الحكومة الإسرائيلية تستهدف هذا الحل وتغتال كل فرص للسلام وتغلق كل أبوابه في وجه الشعب الفلسطيني الذي لا يبحث إلا عن العيش بكرامة وعن الحرية.
المغرب قام بدوره ويقوم بدوره الكامل في دعم القضية الفلسطينية، شعبياً عبّر المغاربة عن رفضهم للعدوان الإسرائيلي على الشعب الفلسطيني بقطاع غزة، ورسمياً كان لعاهله مبادرات قوية على المستوى العربي والإسلامي باعتباره أميراً للمؤمنين، وعلى المستوى الأممي من خلال مراسلته للآليات المعنية بحماية الشعب الفلسطيني فضلا عن المواقف التي تم التعبير عنها في عدة مناسبات عربية وإقليمية، وهي كلها مواقف تعكس تبني المغرب للقضية الفلسطينية، وهي مواقف تجد صداها لدى الفلسطينيين سلطة ومكونات وطنية داخل منظمة التحرير الفلسطينية، وهي المكونات الدائمة التذكير بالدور الريادي المغربي في حماية المقدسات الفلسطينية، وفي حماية الشعب الفلسطيني، حماية تحتاج اليوم من كل المكونات أن تعمد إلى المزيد منها وضمانها للمدنيين ووقف العدوان غير المبرر الذي ليس له أي معنى غير الانتقام بشكل أعمى في مشاهد بلغت حد جرائم ضد الإنسانية.
زيارة السفير الفلسطيني، اليوم، تعتبر دعماً معنويا للقضية الفلسطينية ودعماً للشعب الفلسطيني ولمؤسساته التي تتعرض للاستهداف ولمؤامرة خطيرة من أجل هدمها بشكل كُلي، ودفعها نحو الانهيار الكامل وفقدانها السيطرة على ما تبقى من التراب الفلسطيني وإظهارها بمظهر العاجز، رغم أنه إذا ما كان هناك من عجز فالاحتلال هو من تسبب فيه، وهو من دفع إلى تدمير السلطة بالضفة الغربية لإفقادها أية مصداقية أمام الفلسطينيين، وللقول إنه ليس هناك مخاطب رسمي داخل فلسطين، كل ذلك بهدف التحلل من أي التزامات إسرائيلية تجاه المنتظم الدولي، ولهذا خرج نتنياهو في تصريحات لاستهداف السلطة الفلسطينية، هذه الأخيرة تحتاج اليوم هي ومنظمة التحرير إلى الدعم السياسي وإلى الحماية وإلى الحفاظ عليها وحمايتها من أي استهداف سياسي وإعلامي لأنه لا مخرج من المستنقع الذي دفعت إليه إسرائيل القضية الفلسطينية غير دخول مفاوضات سياسية جدية وحل الدولتين.
الكاتب : نوفل البعمري - بتاريخ : 11/12/2023