في صلب النقاش المفتوح بخصوص الورقة السياسية والاقتصادية والاجتماعية .. شعار المؤتمر …. الاختيار الموفق

عادل الأزعر
لقد اختار الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية شعار مؤتمره الثاني عشر المنعقد ببوزنيقة أيام 17-18-19 أكتوبر2025 بمركز الشباب والرياضة « «مغرب صاعد اقتصاديا …اجتماعيا… ومؤسساتيا»، وهو تفاعل جيد مع الراهن السياسي المغربي وبالخصوص مع ما جاء في الخطاب الملكي بمناسبة افتتاح الدورة الأولى من السنة التشريعية الخامسة من الولاية التشريعية الحادية عشرة، يوم الجمعة 10 أكتوبر 2025.
شعار المؤتمر …البعد الرمزي والاستراتيجي
الساهرين على عقد المؤتمر الحزبي الثاني عشر من قيادة حزبية، ولجنة تحضيرية، الذين التقطوا الإشارة السياسية والتوجه العام للدولة في المرحلة القادمة من خلال ما جاء في الخطاب الملكي حول «مغرب صاعد» كان اختيارهم موفق ومتزامن مع هذه المحطة التنظيمية والسياسية الهامة التي يعيشها الحزب الذي يعتبر من أكبر وأعرق الأحزاب المغربية، حيت يجتمع المؤتمرون والمؤتمرات من مختلف ربوع المملكة وبتعدد قطاعاتهم الحزبية لمناقشة القضايا الاجتماعية والاقتصادية والسياسية ….التي جاءت بها مشاريع الأوراق المعدة من طرف اللجنة التحضيرية، والتي على المؤتمرين والمؤتمرات وهو يناقشونها ويتداولون بشأنها، أن يعملوا على تقديم الاقتراحات والبدائل الممكنة للسياسات العمومية، بناء على رؤية استشرافية لمغرب صاعد، وأن يستحضروا هذا التوجه الاستراتيجي وكما جاء في نص الخطاب الملكي» توجها استراتيجيا، يجب على جميع الفاعلين الالتزام به ، ورهانا مصيريا».
الورقة السياسية ….خارطة الطريق النضالي
لقد قام أعضاء لجنة مشروع الورقة السياسية بمجهود كبير، إذ جاءت الورقة السياسية بمجموعة من الأفكار والمقترحات المرتبطة بتجاوز مرحلة التغول السياسي التي رهنت العمل السياسي والبرلماني والمحلي خلال هذه المرحلة، مرتبطة أساسا بتفعيل روح دستور 2011 وانتصارا للبعد الديمقراطي والحقوقي والمؤسساتي، الذي جاءت به الوثيقة الدستورية، والتي كان لحزبنا دور مهم في بلورتها على جانب العديد من الفاعلين، و»ذلك لتجديد الفعل السياسي الذي يتماشى مع مرجعية الاتحاد الاشتراكي التي تؤمن بأن الوطن أولا ودائما» حسب مشروع الأرضية السياسية.
التأطير الحزبي والتقطيع الانتخابي
إن مشروع الورقة السياسية في النقطة المتعلقة بالتقطيع الانتخابي طالبت بإعادة النظر في المنظومة الانتخابية وخاصة من زاوية أسلوب الاقتراع، إذ دعوة الحزب إلى اعتماد نمط الاقتراع الفردي بالنسبة للجماعات والمقاطعات، مع مجموعة من الملاحظات التقنية، تجد سندها حسب نص الوثيقة في أن دستور 2011 في فصله السابع، جعل الأحزاب السياسية تعمل على تأطير المواطنات والمواطنين وتكوينهم السياسي، وعلى تعزيز انخراطهم في الحياة الوطنية، وفي تدبير الشأن العام. لكن، كيف يمكن أن يتأتى ذلك للأحزاب السياسية التي لا تمتلك سلطة قرب المنتخب من المواطنات والمواطنين، مادام أن نظام اللائحة يباعد بينهم؟
ومادام الحزب الذي يوجد في المعارضة قد وضع تصوره المتقدم لتأطير المواطنين والتقرب منهم ودفعهم في الانخراط، وهو تجاوب مع خطاب الملك ل10/10/2025 أمام البرلمان « ينبغي إعطاء عناية خاصة، لتأطير المواطنين» فالضرورة النضالية تتطلب منا الترافع على المطلب أمام مختلف المؤسسات المجتمعية لإحراج الحكومة التي تشتغل بألية الأعيان، والتي لا تفتح دكاكينها السياسية إلا مع بداية الحملات الانتخابية.
آلية التقييم، الدولة الاجتماعية ..المغرب الصاعد
لقد جاء دستور 2011 بمجموعة من المكتسبات الدستورية والقانونية والسياسية التي عززت من عمل البرلمان المغربي، والتي حاولت الرفع من كفاءته ومردوديته، ومن بين هذه المكتسبات الفصل 70 من الدستور المغربي الذي ينص على « يمارس البرلمان السلطة التشريعية، يصوت على القوانين، ويراقب عمل الحكومة، ويقيم السياسات العمومية»، وتقييم السياسات العمومية لم تتطرق إليه الوثيقة ضمن المهام المنوطة بالعمل البرلماني بل جاءت في جزء منه بتقييم الدولة الاجتماعية، وهو ما يفقده قوته الدستورية والسياسية لأن آلية تقييم السياسات العمومية للبرلمان هي الكفيلة بالوقوف القانوني والعلمي والموضوعي على الاختلالات التي يعرفها تنفيذ المشاريع ذات البعد الاجتماعي والاقتصادي، والتي تميز الدولة الاجتماعية، فالتقييم يكون من طرف البرلمان أولا، وثانيا من طرف المواطنين في إطار المواطنة التشاركية، والتي تعمل على قياس أثر السياسات العمومية على الفئات المعنية، المستهدفة من هذه السياسات، ومعرفة مدى تحقيقها للأهداف والبحث عن العوامل التي حالت دون تحقيق النتائج المرجوة.
وقد أشار جلالة الملك إلى آلية التقييم في إطار تقديره للمجهودات التي يقوم بها أعضاء البرلمان « وهي مناسبة للتعبير لكم ، عن تقديرنا للعمل الذي تقومون به، سواء في مجال التشريع، أو مراقبة العمل الحكومي، أو في تقييم السياسات العمومية»، وربطها جلالته بضرورة تغيير العقليات وبالنتائج، وكما جاء في الخطاب الملكي» فالتحول الكبير، الذي نسعى إلى تحقيقه على مستوى التنمية الترابية، يتطلب تغييرا ملموسا في العقليات، وفي طريقة العمل، وترسيخا حقيقيا لثقافة النتائج؛ وذلك بناء على معطيات ميدانية دقيقة».
كما نص الفصل 101 من الدستور على « تُخصص جلسة سنوية من قبل البرلمان لمناقشة السياسات العمومية وتقييمها.» وما يجب القيام به للانتصار لروح الدستور هو أن تعطى للبرلمان الوسائل والآليات القانونية واللوجستيكية والموارد البشرية اللازمة لتفعيل دوره الدستوري في تقييم السياسات العمومية .
التدبير العمومي …. المكتسب الدستوري
ومحدودية الممارسة
لقد جاء الدستور المغربي بمجموعة من المبادئ المرتبطة بالتدبير الجديد المعتمد على النتائج والكفاءة والنزاهة والحكامة الجيدة وربط المسؤولية بالمحاسبة، والوصول للمعلومة وقوانين مرتبطة بالمرفق العام، وأنشأ لذلك مؤسسات دستورية جديدة للحكامة الجيدة للاستشارة والبحث والدراسة أو تلك المسؤولة عن المراقبة المالية والمحاسبة القضائية،
وأصبحت الميزانية العامة للدولة تعتمد في تصورها مشاريع نجاعة الأداء التي تتضمن البرامج والمخططات الاستراتيجية والبرامج والمشاريع المرتبطة بالأهداف النتائج ودراسة الأثر، وعلى المؤشرات المحددة سلفا، كما بدأ المغرب يعتمد على وضع الميزانية المتعددة السنوات، وعلى مدبرين للمشاريع متعاقدين، كما تعتمد الدولة في تدبيرها المالي على التعاقد الأفقي والعمودي لتدبير أنجع للموارد وللنفقات والمداخيل، لتسهيل الوصول إلى الخدمات والرفع من جودتها وبشكل شفاف، ومحايد، وغيرها من القيم والمبادئ التي جاء بها دستور 2011.
وعلى الحزب في هده النقطة أن يعي جيدا خطورة التوظيف الانتخابوي الضيق، في تعيين بعض مديري المشاريع لخدمة التغول الحكومي، وفي ترؤس بعض المؤسسات العمومية باعتبار الكفاءة والتجربة، والحال أن كثير من هده التعاقدات لا تخدم الدولة والمجتمع، بقدر ما تخدم فئة أقلية توظف هذه القدرات بطرق غير مشروعة للفوز بالانتخابات……كما يجب الانتباه واليقضة من بعض العقليات المحافظة على مصالحها والتي تتعامل بانتقائية مع المشاريع الاستراتيجة للدولة، بما يخدم مصالحها الضيقة، وهو ما يعرقل الاستثمار العمومي ويضيع الجهد والطاقات.
وكما جاء في خطاب الملك « وفي هذا الصدد، ندعو الجميع، كل من موقعه، إلى محاربة كل الممارسات، التي تضيع الوقت والجهد والإمكانات؛ لأنه من غير المقبول التهاون في نجاعة ومردودية الاستثمار العمومي».
الورقة الاقتصادية والاجتماعية من أجل عدالة مجالية واجتماعية
ثمار النمو وتكافئ الفرص
لقد قام أعضاء اللجنة التحضيرية بمجهود مهم في تشخيص الوضعية الاقتصادية والاجتماعية و التعامل بجدية ومسؤولية مع المعطيات الرسمية والإحصاءات التي تقدمها المؤسسات الدستورية حول الوضع الصحي والتعليم والشغل…..وقامو بوضع تصور يستحضر متطلبات السيادة الوطنية الاقتصادية، لكي يعيد الاعتبار للدولة الاجتماعية، وتم اقتراح تدابير بديلة تقوم على أساس توزيع الثروة وتحقيق الانصاف المجالي وتثمين الرأسمال البشري مما يجعل من الاقتصاد أداة للعدالة ومن النمو وسيلة للارتقاء ( حسب الوثيقة المشروع). وهو ما ينسجم مع ما جاء في الخطاب الملكي» كما نعمل على استفادة الجميع، من ثمار النمو، ومن تكافؤ الفرص بين أبناء المغرب الموحد، في مختلف الحقوق، السياسية والاقتصادية والاجتماعية، وغيرها»و في الخطاب الملكي أيضا «فإن توجه المغرب الصاعد، من أجل تحقيق العدالة الاجتماعية والمجالية، يتطلب اليوم ، تعبئة جميع طاقاته.
جيل جديد من برامج التنمية الترابية
وبالنظر للتحديات البنيوية التي يعرفها الاقتصاد الوطني وفي ظل محدودية نتائج النموذج التنموي السابق، حيث يدعو الحزب إلى تقديم تصور شامل يرتكز على العدالة الاجتماعية والمجالية، وكما جاء في خطاب الملك بمناسبة افتتاح البرلمان «الدعوة لجيل جديد من برامج التنمية الترابية……ويتعلق الأمر، على الخصوص، بالقضايا الرئيسية، ذات الأسبقية التي حددناها، وعلى رأسها تشجيع المبادرات المحلية، والأنشطة الاقتصادية، وتوفير فرص الشغل للشباب، والنهوض بقطاعات التعليم والصحة، وبالتأهيل الترابي» . وهنا أعتقد يجب خلق مركزمهتم بالدراسات والأبحاث، لدراسة وتقييم السياسات العمومية ووداسة اثرها على السكان تساعد الحزب في تقديم بدائل متعددة من المشاريع التنموية خصوصا في المناطق التي تعرف الهشاشة، وكذلك المشاريع المرتبطة بالرقمنة والذكاء الاصطناعي بالنسبة لاحتضان الأجيال القادمة وتوفير بيئة تكنولوجية وقانونية وتنموية تساعدهم على تقحيق دواتهم وتوفر فرص الشغل وتسهل عليهم الوصول إلى الخدمات العمومية التي توفرها المرافق العمومية والتي تسهر على تدبيرها الدولة او الخواص ولكن بجودة وبنزاهة وبحيادية وبشفافية وبكفاءة .
الكاتب : عادل الأزعر - بتاريخ : 17/10/2025