«فُرق» المنتخب الوطني

العربي رياض

لاعبون بأقمصة معنونة بالتحدي، كانت خطتهم الصمت والواقعية، يعرفون بأن على عاتقهم أن يملؤوا سفر جيل بخط ذهبي يظل منقوشا إلى الأبد، بعثا للأمل والثقة للأجيال القادمة، لاعبون لا نجم وسطهم، النجم كان هو الانتصار، النجومية كانت لروح الفريق، واعون بأنهم يصنعون نجومية بلد يستحق أن يكون في الصفوف الأمامية بين الأمم في كل المجالات، أو لم يقل المدرب الركراكي، إنه يجب أن نثق في أنفسنا فنحن بلد فيه أطر عليا وكفاءات تناطح أقرانها في باقي الأقطار، كلمات المدرب كانت تظهر مجسدة في أداء اللاعبين الذين تخلصوا من الأنانية والشوفينية، معتبرين أنفسهم في معركة يجب أن تنتهي بالنصر، والنصر لا يتحقق إلا بالتلاحم، أعتقده درسا وصل إلى كل الشباب العربي..
الفريق الثاني كان متكونا من أمهات اللاعبين وأسرهم، وجود الأسرة بالقرب من اللاعبين لم يكن للاستجمام، لم يكن للتباهي، بل كان للشحن وتسهيل التواصل لأبناء ترعرعوا في أقطار أخرى، وكان يجب تذليل أي عقبة أمامهم، ليحسوا بما يصنعونه وما هي انتظارات بلدهم منهم، أعتقد جازما بأنه بالإضافة لما يقوم به الطاقم المشرف على المنتخب، والمدرب وليد، فإن لأسر اللاعبين فضل في رفع معنوياتهم وكانت هذه الأسر تحس بأنها في مهمة، لأن المغاربة ينتظرون من أقدام أبنائها الشيء الكثير.
الفريق الثالث، هو الفريق الكبير، أي الجمهور، أروع ما كان في اللعبة هو الثقة التي كانت عند الجمهور وكذا ما أظهره من نضج، في تفاصيل إبداعات الدعم والتشجيع، جمل راقية، هتافات بعبق إنساني يحترم الكون وسكانه، وينتصر لفلسفة روح الرياضة ككل، التي تمتح من نبذ التمييز والمنفتحة طولا وعرضا على احترام الآخر، لم يجرح هذا الجمهور أي لاعب، وكان واعيا بثقل الضغط والتحدي، متفهما أن للانتصار مجهودات خاصة قاعدتها الأساسية الصبر وكسب الثقة .
ملايين المغاربة خرجوا للشوارع تعبيرا عن الفرح واحتفالا بما حققه الأبناء وما صنعوه لجيل بأكمله، تتقدمهم النساء، وهذا أمر رائع، والأروع أن الخروج كان منتظما، كان غاية في الرقي والشموخ، لم تسجل ولو فلتة واحدة كالتخريب أوغيره من أنواع الشغب، الكل واع بأن البلد فرح وبأن وطنهم يستحق أكثر من فرح واحد .
ملك البلاد وسط المواطنين يحمل راية كالجميع، يحتفل وسطهم بسلاسة بالغة، وهو مشهد غاية في التأمل بأبعاد كبيرة وعميقة، ودرس من دروس هذا الفريق الذي يطلق عليه سكان الكرة الأرضية المغرب، نعم المغرب، فريق بكل ما يحمله المصطلح من معان نبيلة…

الكاتب : العربي رياض - بتاريخ : 08/12/2022