كلمة : الأبناك تفرض قانونها على الحكومة 

محمد الطالبي

أن يصرح وزير في حكومة المغرب أمام النواب بأن الأبناك لا تقبل كضمان إلا عقود البيع ولا تقبل عقود الكراء ولو بعيدة الأمد، فالأمر خطير جدا وتزداد خطورته بمعرفة السياق، فالسيد الوزير الذي كان يتحدث عن الاستثمار وعن قانون مرر بالأغلبية، يعني بالبيع، بيع أراضي الدولة للقطاع الخاص المحلي والدولي لتشجيع الاستثمار لأنه حسب  الوزير فالأبناك لا تقبل عقود الكراء ولو بعيدة المدى .
بما يعني وبالواضح أن الأبناك تفرض قانونها وما علينا، حكومة وأفرادا، إلا الإذعان. فهل الأبناك أضحت خارج مراقبة الحكومة وتفرض شروطها عليها؟ إن عملية تفويت أراضي الدولة للخواص قصد تسهيل الاستثمار عملية سيادية لأن الأرض من مكونات الدولة حتى على المستوى القانوني، والأرض والثروات هي للمستقبل، ولكل الأجيال القادمة،  لأن الأصل استمرارية الوطن والدولة …
خلال يومين، سواء في الجلسة العامة أو اجتماع اللجنة، ظلت المعارضة متشبثة بحماية أملاك الدولة، أي أملاك الشعب ودعم الكراء الطويل الأمد بدل البيع، إلا أن الغريب أن اللجنة- وأعضاء من الأغلبية- كانت متفهمة بأن القانون يعرض أملاك الشعب للضياع، لكنها وبلسانها أيضا ملزمة بالتصويت، بل إن عضوا من الأغلبية قالها «بالفم المليان»: « راحنا مكتفين «، أي مكبلين ومقيدين ومسلسلين، ولا نستطيع تطبيق ما سماه الواقعية التي تفرض إسقاط هذا البند من القانون ..
تساءل البعض « هل نحن نشرع لمصلحة الأبناك ولمصلحة الذين يتعاملون معها من الراغبين في اقتناء الأراضي، أما ضياع ثروة المغاربة وعدم الحرص عليها فلا يصمد أمام أي مبرر».
كان الوزير عاجزا عن التبرير فقط لأن سلطة عددية بالقاعة يبدو أنها موجودة لهذا الغرض تعطيه سلطة القول» تعديل مرفوض» ، القانون صودق عليه رغم الاختلالات الخطيرة داخله وأهمها تفويت الأرض، نعم الأرض لخواص مغاربة وأجانب تحت مسمى تشجيع الاستثمار !
وكان الأحرى بالحكومة، وفي إطار صلاحياتها، فرض شروطها على الأبناك لا أن تخضع الأرض لنزوات الأبناك ولمستثمرين في الأغلب الأعم ولا نعمم، يعمدون إلى إعادة بيع أجود الأراضي التي يقتنونها بأثمنة رمزية من الدولة لأغراض تشجيع قطاعات معينة ومنه السياحة إلى أطراف أخرى وإلى شركات تعود لهم من جهةK ويربحون الملايير من المال العام، فهل والحالة هاته نشجع الاستثمار أم ناهبي الأرض والمال العام ؟
الأمر يتطلب كثيرا من الاحتياطات لأجل حماية ثروة المغاربة ومستقبل الأجيال القادمة وحقها في الوجود !

الكاتب : محمد الطالبي - بتاريخ : 01/08/2024