كلمة : الجدية
محمد الطالبي
دخل البرلمان، بغرفتيه، في عطلة صيفية طويلة تمتد لمدة تزيد عن الشهرين حتى منتصف أكتوبر القادم، وفي الحصيلة انتقادات كبيرة لأداء الغرفتين من المعارضة، وخاصة المعارضة الاتحادية التي وقفت مطولا عند الاختلالات ورصدتها بشكل دقيق، حيث يكاد البرلمان أن يتحول إلى غرفة تسجيل للحكومة، يعتمل فيه إقصاء للمعارضة من لعب أدوارها الدستورية حيث رفضت كل مقترحاتها التشريعية، ولم يتم الرد على أسئلتها الشفهية والكتابية، التي ترقد، في سلام، داخل أدراج وزراء اخنوش، والذي سجل عليه نفسه عدم الحضور في عدة محطات أمام الجهاز الرقابي والتشريعي .
الحكومة، للأسف الشديد، لم تحترم الدستور ومقتضيات النظام الداخلي لمجلس النواب، حيث لم تتجاوب مع جميع المبادرات الرقابية للمعارضة الاتحادية، ولم تجب إلا على أقل من 39% من الأسئلة الكتابية (516 من بين 1324سؤالا استوفى شرط العشرين يوما المنصوص عليها دستوريا)، ولم تتفاعل إيجابا مع أي طلب من طلبات التحدث في موضوع عام وطارئ، ولم تستجب إلا لطلبات ضئيلة من طلبات الاستماع إلى مسؤولي الإدارات والمقاولات العمومية.
حذر الفريق الاشتراكي من أن الحكومة تسعى إلى إضعاف النسق السياسي المغربي عبر ضرب التوازنات ومحاولة إضعاف البرلمان، واعتبر أن ما يقع تهديدا وضربا للتعددية وللديموقراطية، كما أشار، في سياق ضرب المؤسسة البرلمانية، إلى عدم تفعيل ندوة الرؤساء التي ينص النظام الداخلي على اجتماعها أسبوعيا لكنها لم تنعقد إلا مرة واحدة طيلة سنة، وحمل المسؤولية التاريخية في هذا التعطيل لرئيس مجلس النواب، كما أشار إلى تواطؤ ضمني لحصر النقاش البرلماني، حيث تناقش مقترحات القوانين في ظل غياب الحكومة، مؤكدا أن الحكومة الحالية غير معنية ببناء الديمقراطية في بلادنا، لأن أغلب مكوناتها لم تؤد ثمنا من أجلها.
فهل تكون العطلة، ولو أن لا عطلة في السياسة، فرصة لإعادة ترتيب الأوراق والدخول في عهد الجدية والمصداقية، كما ألح عليها جلالة الملك في خطابه الأخير، حيث دعا لأن تكون الجدية كمذهب مغربي في كافة مجالات الحياة، في السياسة والإدارة والقضاء والصحة والتعليم والاقتصاد والاستثمار والدفاع عن القضية الوطنية، مبرزا في هذا الإطار أن الجدية كمنهج متكامل تقتضي ربط ممارسة المسؤولية بالمحاسبة، وإشاعة قيم الحكامة والعمل والاستحقاق وتكافؤ الفرص، والحرص على التنزيل الأمثل للأوراش الكبرى، لاسيما في مجال الاستثمار والحماية الاجتماعية وتدبير الموارد المائية…
الكاتب : محمد الطالبي - بتاريخ : 03/08/2023