كلمة.. ملف المالي والبؤساء

محمد الطالبي

مازالت ندوب نهاية سنة 2023 تشوه صورة المغرب بفعل تداعيات قضية المواطن المغربي المالي أو تاجر المخدرات العابر للقارات وللتضاريس والإنسان والمؤسسات في المغرب بحكم أن المتورطين المحتملين، الموجودين حتى الآن تحت تصرف القضاء أو رهن تحقيقات قانونية تحت إشراف النيابة العامة، مع احترامنا الشديد لقرينة البراءة، هم مقدمة للائحة ممتدة قادمة حسب التوقعات وحسب حديث الصالونات المغلقة، وحتى حسب بعض الإعلام الداخلي والخارجي .
كل هذا لأن ما وقع ويستمر في الوقوع العام الجاري، أضر بسمعة مؤسسات حزبية وجعلها رهينة ومعها السياسة والانتخابات والوعود والمشاريع والنقاش العمومي لأن تواجد أشخاص كانوا إلى الأمس القريب نكرات يزاولون مهام بسيطة قد تضمن لقمة عيش نظيفة ولكن لا تضمن أن يلج الشخص لائحة «قارون « لأعتى أغنياء الكرة الأرضية في المال ومعه السلطة والجاه .
مقدمات الواقعة مست رجال الأعمال والمال من جميع المستويات، وخاصة ممارسي العمل السياسي وجعلت الجميع سواسية نتيجة خطأ متعمد ومقصود ، وهو ما نشاهده في الإعلام المعادي وحتى في بعض  الإعلام المغربي وفي وسائل التواصل  .
المؤكد أن صورتنا خدشت بل وبجروح غائرة بطعم الغدر والخديعة وبأساليب مافيوزية تحمل بصمات المافيا الدولية لتجار المخدرات التي تحولت إلى العبث بدول وأنظمة عالمية تحدت القوانين والمؤسسات. لكن ورغم حجم الاختراق وحجم التغول فهنا دولتنا قائمة ومؤسساتنا يقظة ولم يتمكن منها الفساد ولم يصبها في مقتل، وهي تواجه كل ذلك بشكل طبيعي لحد الآن، وتتخذ الإجراءات القانونية والمساطر القانونية تسير رسميا بشكل واضح وليس هناك من غض للبصر عن كل شخص ورد اسمه . واللائحة النهائية ربما حبلى بمفاجآت ضخمة وبأسماء لحيتان لن تمر من تحتها ولا من فوقها لأن يد الدولة حية وقادرة على اجتثات الفساد والمفسدين مز هذا البلد الأمين .
أشير فقط إلى مشاهد حية ومثيرة من الانتخابات التشريعية  التي عرفتها بلادنا قبل أكثر من سنتين، وكيف انبعثت بعض الجثث لتنقض بقوة المال وأشياء أخرى على الحياة العامة، وترهن القرار الديمقراطي في  الجماعات الترابية والتشريعية حتى أن حجم القرارات التي مست المنتخبين وأطاحت بتعداد وعديد الأسماء مخيف جدا لأن المفسدين أضحوا يستسهلون الوصول للقرار الديمقراطي الشعبي، وهنا مكمن الخلل حين يتم شراء الذمم علنا ممن المفترض أنهم  الجدار الأول للديمقراطية      بل حماتها والمنافحون عنها، لكن للأسف تحولت الانتخابات إلى سوق نخاسة لشراء الذمم، وبل وشاهدنا العجب العجاب حين استعمل بعضهم جمعيات الرياضة والمشجعين وزج بهم في متاهات السياسة والانتخابات بشكل علني، وبشعارات أحزاب بعينها سبق واخترقت المجال الرياضي على جميع المستويات، حيث هاهي الأيام القاسية تضعنا في مباراة واحدة يتواجه فيها فريقان برئيسين الأول محكوم بسنة سجنا، والآخر يتابع بتهم خطيرة  وهما  عضوان جامعيان نافذان .
ليس الأمر تشفيا في أحد، وليس غرضي الانتقام وإشفاء الغليل، بل فقط القول إن بلدنا يحتاج لكل قواه الحية خاصة الشباب مع أهمية فعل سياسي بشكل مغاير وبإجراءات تفضي إلى تحصين العمليات الديمقراطية لأن المس بحرمة الانتخابات أو استعمال مؤثرات غير قانونية للتحكم في النتائج يجب أن يرقى إلى الخيانة العظمى للوطن والمواطنين المطلوب منهم بدورهم أخذ العبرة مما يجري وجرى في محاولة التحكم في الاستحقاقات .
بلدنا يواجه تحديات الجفاف وشح المياه ومخلفات الكوفيد وغيرها، ومازال يقاوم من أجل قفزة نوعية في كافة مناحي  الحياة نحتاج معها إلى تلاحم واستمرار الجهاد الأكبر في معركة أقوياء النفوس، والقطع مع المسار الذي حاول البؤساء جرنا إليه لنعتبرها عثرة طريق لا غير .

الكاتب : محمد الطالبي - بتاريخ : 04/01/2024