لا وجود بيننا لمغربي عدو للمرأة
عبد السلام المساوي
لم يعد الحلال بينا والحرام بينا، بل استشكل على الناس أمر دينهم بفعل تأثير هذه الإيديولوجية الإخوانية ، فلا شك أن مواقع التواصل الاجتماعي فتحت المجال أمام الشيوخ والدعاة للاستخفاف بعقول الناس وإيمانهم بعد أن جعلوا الدين أكثر تعقيدا وتشددا .
فلم يعد أحد يستفتي قلبه، بل يستفتي الدعاة والشيوخ ذوي الخلفية السلفية والإخوانية الذين يوجدون بمواقع التواصل الاجتماعي .
إن معضلة الأمة الإسلامية تكمن في خضوعها الطوعي لوصاية الفقهاء والشيوخ والدعاة على عقولها وقلوبها، أي رضيت لنفسها أن تتنازل عن عقلها وتقبل بأن يفكر الشيخ والفقيه نيابة عنها، فهي تسلم بكل ما يقوله الدعاة والشيوخ باسم الدين وترفض إخضاعه للنقد والمراجعة.
والعيب ليس في الأمة ولكن في الأنظمة السياسية التي حكمتها طيلة 14 قرنا الماضية، والتي حاربت العقل والمنطق والفلسفة ومكنت الفقهاء والشيوخ من عقول وضمائر الناس، حيث يفضل الشخص استفتاء الفقيه بدل الطبيب.
معروف عن التيار السلفي تركيزه على القضايا السخيفة وخاصة تلك التي ترتبط بالغرائز الجنسية.
فما يشغل شيوخ هذا التيار هو المرأة والجنس والأعضاء التناسلية، لهذا نجد شيوخه ودعاته يبدعون في الفتاوى الشاذة، التي تلبي انشغالاتهم الجنسية، فما يراه هؤلاء الشيوخ والدعاة هو عورة الناس.
وشاءت الظروف أن تمتد موجة السلفنة والأخونة لتغزو المغرب وتشغل المواطنين بفتاوى السخافة والشذوذ.
وبالمناسبة نحيي المواطنين الذين يتصدون لمثل هذه الفتاوى بالتنكيت والسخرية ويجعلون الشيوخ إياهم موضوعا للاستهزاء .
ويظهر من المواضيع التي تشغل شيوخ السلفية مدى تمكن عقد الكبت الجنسي منهم وسيطرتها على تفكيرهم وأبصارهم، فهؤلاء لا يرون في المجتمع غير عورات الناس التي جعلوا منها مصدر ” الفتن ” ، إنهم يسقطون شذوذهم وعقدهم الجنسية على الإنسان والجماد معا، كأن يفتي أحدهم بحرمة نوم المرأة بجانب الحائط أو بزناها إذا سبحت في البحر أو المسبح لأن الماء يتسرب إلى فرجها .
لقد شغل ويشغل هؤلاء الشيوخ والدعاة المواطنين بقضايا سخيفة وتافهة بدل الاهتمام بقيم المواطنة والإفتاء في مواضيع تتعلق بتصرف المواطنين في الفضاء العام ورمي النفايات في الشوارع والأماكن العمومية أو بالغش في المواد ورفع الأسعار …
فهذه المواضيع وغيرها هي التي تفيد في بناء مواطن سوي متشبع بقيم المواطنة، ويحافظ على نظافة الشوارع والبيئة .
فلينظر الشيوخ، إذا كان لا بد من تدخلهم في شؤون الناس، إلى تصرفات هؤلاء المشينة والمضرة بالمجتمع والبيئة معا .
فبدلا من النظر إلى عورة المارة في الشارع فلينظر الشيوخ إلى تصرفات المارة مع إشارات المرور والنفايات. لكن الإيديولوجية السلفية والإخوانية لا تسمح للشيوخ والدعاة بالاهتمام بقيم المواطنة وتربية الأجيال عليها .
إن الشيوخ إياهم لا ينظرون بعقولهم وضمائرهم ولكن بغرائزهم وأعضائهم التناسلية،والذين يحتقرون المرأة هم
الإرهابيون، الداعشيون، شيوخ الفقه التكفيري، أصحاب الدمار الذي ينزل من بين شفاههم قبل أن يسقط في روع أتباعهم، ليتحول إلى لهيب يحرق الأخضر واليابس وما بينهما أينما حل وارتحل. المتسببون في الدمع المتختر على شفاه الفتيات اللواتي قتلن تحت زخات الرجم الجبان، الذين يئدون حياة النساء تحت الخرق التي غطتهن من أخمص القدمين إلى غرة الرأس.
الذين يدعون إلى تحطيم الآثار الفنية وتكسير الآلات الموسيقية وخنق الغناء المخنوق في حناجر الشباب التواق للحرية.
الذين يحفزون الشباب على الانتحار، على تهزيء العلم وصناع المعرفة، على تبرير ضرب النساء والتفنن فيه، على منعهن من السياقة ” درءا ” لأفاعيل الشيطان الذي لا يعشعش إلا في وجدانهم المكفهر، على قتل المخالفين واحتقار معتنقي الديانات المخالفة، على تحريم الغناء والموسيقى، على ترهيب الشباب من الحياة ويتلاعبون بمشاعر الناس وبفطرتهم الدينية لتنميطهم في شكل رعايا تحت سطوة شيوخ التكفير والموت.
نواجهكم ساخرين متهكمين، ونواجهكم بلغة الإبداع المترجمة لألم الإنسان وجرح الوجود، أنتم من دعاة الخراب والدمار ، شيوخ الحقد والإرهاب…
من المسؤول عن إهدار الأرواح التي حصدها الموت على حين غرة وفي غفلة من أصحابها؟
تفتون كأنكم ترجمان الله على الأرض، لا يفهمه إلا أنتم ولا يشرح كلامه إلا أمثالكم.
ولم تسألوا أنفسكم لحظة واحدة عن آثار الفقه الأسود المدمر على السامعين ؟
ذلك الفكر الذي تنشرونه اليوم، الفكر الضال المضل المدمر الكاره المخيف المنهك الممقت الذميم المختل الجديب الممحل القحيط السحت الكريه، المسمى ” فكر التكفير “؟
تكذبون على الدين، وتفتون لنا بغير علم (تقدحون من رؤوسكم) وأنتم تحدثوننا عن لله، والرسول، والصحابة كل مواعظكم تدليس، وفتاواكم كذب، وقصائدكم رقص، ودموعكم نفاق…
متأكدون أن النبوغ المغربي سيدع لنا طريقة ما للتخلص من هذه الكائنات الداعشية وتطهير عقولنا من خرافات وأصنام الفكر القرسطوي، وشبه مؤمنين بأن في نهاية هذه القصة الأليمة أخبارا سارة للغاية، تنهي اتجار شيوخ الفقه الأسود بالدين، وتدخل بنا إلى مغرب ديموقراطي وحداثي، وتنسينا كثير الفظاعات التي كان سببها دعاة الفتنة والتخلف…
حاشا أن يكون هؤلاء الداعشيون ممثلين للدين الإسلامي أو مدافعين عنه، أو حتى منتسبين له…
هؤلاء الذين تطاولوا على المرأة قاطرة الحرية والحداثة والديموقراطية.
هؤلاء قادة الفتنة ورموزها لا تليق بهم غير الصرامة والحزم، فقد خرجوا عن جماعة المسلمين ولا يجب أن ندعهم يخرجون بالبلد من دائرة الأمان إلى جحيم الوباء… الجماعات المتاجرة بديننا وجه لوباء آخر أخطر بكثير من كورونا يتهددنا منذ القديم…
علينا أن نستفيد من المرض الذي عبر ويعبر العالم اليوم، ومثلما تعلمنا جميعا أن النظافة مهمة لقتل أي وباء، يجب أن نستوعب أن تنظيف بلدنا ضروري للقضاء على فيروس العنف والإرهاب، هذا الذي يجعل الدواعش يسيؤون إلى المرأة…
إن التساهل مع هؤلاء الجهلة وهؤلاء الإرهابيون أمر لم يعد ممكنا لذلك وجب الضرب بيد من حديد، إن وباء الجهل والإرهاب أسوأ وأخطر وأشد ضراوة من أي وباء آخر يشتغل العلماء الحقيقيون اليوم على البحث له عن مصل أو لقاح… لقد صبرنا طويلا على هاته الجهالة المستشرية في قومنا، والتي تسللت إلى بيوتنا وأضاعت ذوق أبنائنا وبناتنا، وها هو اليوم هذا الوباء المرعب المسمى كورونا يعطينا فرصة التخلص منها إلى الأبد، والتخلص من آثارها الوخيمة والمدمرة…
إن المغرب يحضن شعبا طيب الأخلاق والأعراق، وأن هذا الشعب يحب الجمال، شعب متفتح ومنفتح، متسامح ويومن بإنسانية المرأة وفعاليتها.
الذين يحرضون على الكراهية والتمييز والعنف ضد النساء والفتيات وعلى الحد من حريتهن بالفضاء العام ظلاميون وإرهابيون، أعداء الوطن وأعداء الشعب، أعداء الورد والجمال، هؤلاء المجرمون لا يهمهم الوطن، لا يهمهم أبناء وبنات هذا الوطن، هؤلاء المجرمون يتاجرون بالدين، هؤلاء المجرمون ينشرون الجهل ويزرعون الموت، هؤلاء المجرمون يزرعون الفتنة والرعب، هؤلاء المجرمون يزرعون الحقد والكراهية، هؤلاء المجرمون أعداء الإنسانية، هؤلاء المجرمون خطرهم أخطر من جائحة كورونا، من هنا وجب تطهير هذا البلد من الخطرين.
متأكد أنه لا وجود بيننا لمغربي عدو للمرأة.
الكاتب : عبد السلام المساوي - بتاريخ : 07/10/2022

