ليلى الوادي … موت الابتسامة

عبد السلام المساوي

الآن ترحلين، فجأة ترحلين، هل تعبت ؟ !أنت طلقت التعب يوم ولدت، أنت ليلى، ليلانا، ليلى الشبيبة الاتحادية، ترحلين وتتركين أهلك، إخوانك وأخواتك، أصدقاءك وصديقاتك، تائهبن حائرين، الصدمة كبيرة والفاجعة أكبر… نعم لم تموتي ولكن ساهمت في اقتلاع الموت من وطننا …
لما نطقت، لما بدأت الكلام، قلت ” لا ..”لا للصمت ؛ أنا اتحادية…
ترحلين بيولوجيا لتفرضي حضورا أقوى، فأنت الحضور ، بالأمس واليوم وغدا …
وجودك كان له معنى، لم تأت إلى هذا العالم زائرة، لم تكوني مؤقتة، بل أتيت زهرة الوادي …
هل نبكيك ؟ ! وهل البكاء قادر على إطفاء النار التي اشتعل لهيبها في كياننا لحظة علمنا بخبر رحيلك عنا ..لا … لن نبكي لأنك لم تنتهِ بل بدأت، كنت البداية دائما
…ستستمرين، ستخلدين، ستستمرين في كل من يؤمن بالمغرب بلدا حرا وناميا، ديموقراطيا وحداثيا، في كل من عرف أنك كنت تزرعين الابتسامة …
اليوم يتعطل البكاء، لن نودعك ونبكيك، بل نقدر ونعتبر الخسارة التي لحقت الشبيبة الاتحادية…
نعم لم ولن تموتي، تغنيت بالحياة، تغنيت بالحرية وعلمتها لنا أغنية حلوة وجميلة، سنحلم ونحلم، وطني وطن الجميع، وطن الكرامة والعدالة .
مسار مكتوب بالعذاب والألم ، موشوم بابتسامة ليلى…
مسار مكتوب بالألم لكنه موشوم بالعزيمة
القوية، موشوم بالصمود والصلابة، وأخيرا ترحلين، ترحلين عنا، ترحلين فجأة، لن نبكيك، فأنت علمتنا الأمل والتفاؤل…علمتنا الابتسامة وأغنية الوادي…
وداعا ليلى …وداعا للفرحة
تبكي الشبيبة الاتحادية بدموع لا تنتهي …تبكي ليلى الوادي …
تبكي الأمهات، كل الأمهات …تبكي بحرقة البنت/ الملاك ..تبكي ليلى…
يبكي الآباء، كل الآباء …يبكون البنت / الأمل … يبكون ليلى…
تبكي الجميلات، كل الجميلات …تبكي عنوان الجمال ورمز الوفاء…
تبكي الشبيبة الاتحادية اليوم شابة جميلة …شابة بريئة …شابة طاهرة…شابة نظيفة…تبكي الرمز …تبكي الأمل …تبكي المستقبل…أنت الحياة ونحن موتى بعدك …لا جدوى من بقاء تفنى فيه ليلى…
وفجأة ترحلين …ترحلين في غفلة منا …ونحن لا نطيق لك رحيلا …وجداننا بعدك عدم …ترحلين وتتركين لنا الفراغ العاطفي والخواء الإنساني…
لا ابتسامة بعد ابتسامتك
موتك ختم كل الابتسامات …
الأحلام خرست وكانت بوجودك تنطق…
الفرحة اختفت والبهجة غابت…الحزن يخيم على الوجود بكأبة قاتلة…
بين ابتسامتك وبكاء أهلك وأحبائك، نشهد الدنيا ألا ملاكا إلا أنت…
كنت نغمة الحياة …أنشودة الوجود…لحن الخلود… وردة كل الفصول… صوت البلابل …واليوم أنت وجعنا…أنت نهايتنا…
عزاؤنا واحد …ليلى ماتت …ليلى غابت …وتغيب شمسنا …وتختفي الأيقونة …
الصدمة كبيرة والفاجعة أكبر…
هل نبكيك ؟ ! وهل البكاء قادر على إطفاء النار التي اشتعل لهيبها في كيان أمك وأحبتك…
لا …لن نبكي لأنك لم تموتي …كنت ستستمرين، ستخلدين…ستستمرين جاثمة في قلب أمك… في قلب كل أم …في قلب كل حبيب …في قلب الأحبة والصديقات … في قلب الجميلات، كل الجميلات …في قلب كل من عرف أنك كنت تزرعين الابتسامة …
لست شاعرا مبدعا لأرثيك رثاء نزار قباني لبلقيس، رثاء ابن الرومي لواسطة العقد، رثاء الخنساء لصخر …ولكنني أشهد أنه لو اجتمع هؤلاء كلهم وغيرهم من الشعراء والشاعرات لن يستطيعوا وصف ألم أمك ومأساة أهلك…
اليوم يتعطل البكاء ..لن نودعك ونبكيك، بل نقدر ونعتبر الخسارة التي لحقتنا جميعا…
نعم لم ولن تموتي…فأنت رمز الحياة …أنت أغنية حلوة وجميلة …
بألم الإنسان وجرح الوجود، نطلب من الله عز وجل أن يرزق أمك الصبر والسلوان، ونطلب لك الرحمة يا عصفورة الجنة…
يا زهرة الوادي …يا ليلانا
كنت معنا دومًا وستظلين معنا دائمًا.
لن نتركك تغادرين، فأنت في بؤرة وجودنا.
لا أريد أن أتذكر،
لأنني لا أريد أن أنسى
ولا أريد أن أنسى
لأن الوجود أبقى
حتى في الغياب.
ليلى صنو وجود متعدد
وجود في الأعماق
وجود في الأماكن
وجود في الساحات
الضيقة والفسيحة
لن أقول وداعًا ليلى
لأنك لا تودعين
أنت ترحبين دومًا
أنت لا تودعين أبدًا
أنت باقية هنا ليلى
أنت في بؤرة وجودنا
جميعًا
في قلب كل رفيق
في قلب كل صديق
وفي قلب كل حبيب
أنت باقية ليلى
كبيرًا
كما كنت كبيرًة
شجاعة كما كنت
مخلصة كما كنت
ولم تبرحي
أنت هنا
وأنت اليوم لم تفعلي إلا أن حلقت إلى مثواك في البراري المزهرة لذاكرة الوطن، وهي التي تصون، برفق وفرح، حيوات أمثالك من مولدي التدفق في المجرى العظيم للأمل في أوصال وطن يقاوم الارتداد ويراوغ المطبات …ويمضي بهدوء وثبات وبعزم نحو الامتلاء بالكرامة لمواطنيه…
ليلى الوادي ممتدة في المشترك المديد والعميق بيننا…
ليلى الوادي، سيحفظ لك الوطن أنك كنت من أبنائه الأوفياء له، وقد بذلت من أجل تقدمه الكثير من الجهد بكفاءة نضالية… لذلك لن تذهبي بعيدا تحت التراب، لأنك ستذهبين بعيدا فوق التراب …
ليلى الوادي…ذكراك ستزهر وتولد أبدا نفحات الأمل في التقدم نحو حلمك بالوطن الزاخر بالكرامة لمواطنيه…

الكاتب : عبد السلام المساوي - بتاريخ : 03/08/2022