مؤتمرات الاتحاد الاشتراكي: دينامية تنظيمية متجددة من أجل الكرامة والعدالة وبناء الدولة الاجتماعية

سعيد الخطابي *

في ظل أزمات اجتماعية واقتصادية خانقة، ومع ازدياد الفوارق الاجتماعية والمجالية، وتراجع منسوب الثقة في الحكومة الحالية، يواصل حزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية أداء أدواره الوطنية والتاريخية كقوة سياسية تقدمية، حية ومواطنة، تتصدر المشهد بخط نضالي متجدد، وتسعى إلى ترسيخ تعاقد سياسي واجتماعي يضع الإنسان في قلب السياسات العمومية، ويراهن على التنمية المستدامة والعدالة والكرامة.
تنظيم المؤتمرات الإقليمية يعكس إرادة الحزب في تجديد العلاقة مع المجتمع من خلال تعزيز البناء الحزبي القاعدي، وتفعيل دينامية سياسية تهدف إلى الانخراط العميق في قضايا المواطن، وتوسيع آليات التأطير والمشاركة، وإعادة الاعتبار للفعل السياسي باعتباره أداة للتغيير وخدمة الشأن العام.
هذه الدينامية الحزبية النشيطة أصبحت تمثل مسارا نضاليا عميقا من أجل إعادة الوهج للحزب، وتثبيت حضوره التنظيمي والفكري في مختلف الفضاءات السياسية والمجتمعية، وتأكيد إيمانه القوي بأن المدخل الحقيقي للإصلاح والتغيير يكمن في الاشتغال من داخل المؤسسات، عبر تفعيل أدوات الرقابة والتشريع والتأطير، وتعزيز الثقة في العمل الحزبي الجاد والمسؤول.
الحزب، عبر هذه المحطة التنظيمية، يؤكد أن الفعل السياسي ينبع من الحياة اليومية للمواطن، من قضاياه الملحة، من المدرسة والمستشفى والإدارة والشارع…. حضور الاتحاد الاشتراكي ينبني على القرب الميداني، والتفاعل الدائم مع نبض المجتمع، وتمثيل حقيقي لهموم المواطنين، لا على الاستعراض أو الخطاب الموسمي، ولا من فوق المنصات والصالونات الوثيرة.
هذا النفس التنظيمي الجديد يعبر عن رغبة جماعية في استعادة المبادرة، من خلال إعادة بناء الفروع و هيكلة التنظيمات، وتحريك الطاقات الشابة والنسائية، وتوسيع قاعدة المشاركة الديمقراطية، والإنصات للمناضلات والمناضلين باعتبارهم عماد المشروع الاتحادي ومصدر قوته الحقيقية.
الاتحاد الاشتراكي لا يفصل بين الورش التنظيمي والمشروع السياسي، بل يجعل منه رافعة لتجديد تعاقده مع المجتمع على قاعدة العدالة الاجتماعية، والكرامة، والتنمية المتوازنة. فرؤية الحزب أضحت تنبني على تقليص الفوارق، والنهوض بالمجالات المهملة، وتكريس العدالة المجالية باعتبارها مدخلا أساسيا لبناء مغرب منصف ومتوازن.
وفي هذا الإطار، يشدد الحزب على أهمية التدبير الأمثل للموارد، والحكامة الجيدة، والشفافية، وربط المسؤولية بالمحاسبة. فالمصداقية السياسية ترتبط بالنجاعة والفعالية والوضوح في خدمة الصالح العام، انطلاقا من المؤسسات ومن الميدان.
الدولة الاجتماعية، في منظور الحزب، تمثل اختيارا سياديا ومشروع حياة متكامل، ينبني على إعادة توزيع الثروة، وضمان الحق في التعليم، والرعاية الصحية، والحماية الاجتماعية، والشغل الكريم، مع إيلاء الأولوية للفئات الهشة والمجالات التي ظلت لعقود خارج دوائر الإنصاف.
وفي المقابل، تكشف ممارسات الحكومة الحالية ‘ النيوليبرالية ‘عن توجه مقلق نحو احتكار القرار، وتكريس الانغلاق، والإصرار على اعتماد مقاربات فوقية تفتقر إلى الرؤية، وتعتمد منطق التراجع والتقشف، على حساب الكرامة الاجتماعية للمواطنين، وعلى حساب دور الدولة في الرعاية والتوازن.
لقد تحولت هذه الحكومة إلى مصدر احتقان اجتماعي، بعد أن ضربت العمق الاجتماعي للمغاربة، وعطلت الحوار، وأجهزت على ما تبقى من الثقة السياسية، دون أن تقدم أي بدائل واقعية تنقذ البلاد من الانكماش الاقتصادي والتدهور الاجتماعي.
أمام هذا الواقع، يتموقع حزب الاتحاد الاشتراكي كقوة سياسية تقدمية، تقدم البدائل، وتنخرط في معركة استرجاع الثقة، وتشتغل على تفعيل الرقابة الشعبية، كحق وواجب، وكأداة ديمقراطية تحصن القرار العمومي، وتعيد للمواطن دوره كمشارك وفاعل ومسائل.
إن ما يعكس هذه الحيوية الحزبية هو الانخراط اليومي لشبابنا ومناضلينا الاتحاديين في مختلف المحطات التنظيمية والفكرية والإشعاعية، سواء في بعدها السياسي أو الاجتماعي أو القانوني. يتجلى ذلك في الدينامية المتواصلة لمقرات الحزب، وفي الأوراش التأطيرية المفتوحة عبر التراب الوطني، في الحواضر كما في القرى، من خلال التأطير المباشر للمواطنين، ومواكبة نبض المجتمع، والترافع الميداني حول قضايا العدالة والكرامة وحقوق الإنسان.
هذا الحضور اليومي في الميدان يؤكد أن الاتحاد الاشتراكي هو القوة التأطيرية الأولى سياسيا ببلادنا، بحكم حجم المبادرات التي يطلقها، والندوات التي ينظمها، واللقاءات الفكرية التي يواكب بها التحولات الوطنية والدولية، وبحكم حضوره الفاعل داخل المؤسستين التشريعيتين، عبر أداء راق ومتميز للفريق الاشتراكي – المعارضة الاتحادية – الذي يشتغل بمنهجية واقعية ومسؤولة، ترتكز على النقد البناء، والتشريع النوعي، والاقتراحات الجادة.
من خلال هذه المؤتمرات الإقليمية، يعيد الحزب تأكيد التزامه بمسؤولية تاريخية، ويبعث برسالة سياسية واضحة: التغيير لا ينتظر من الفوق، بل يبنى من القاعدة، بالتنظيم والتأطير، وبالالتزام بالميدان، والانحياز لقضايا الناس، من أجل مغرب الكرامة، والمساواة، والتنمية المستدامة.

* الكاتب الإقليمي للحزب بالحسيمة
عضو المجلس الوطني لحزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية

الكاتب : سعيد الخطابي * - بتاريخ : 23/06/2025