محاربة الفساد كل لا يتجزأ

عبد السلام المساوي

 

الواقع يقول إن عددا من المغاربة يشعرون بعدم الاقتناع حيال الإجراءات والتدابير المتخذة ضد مسؤولين بعينهم، وبدؤوا يتحدثون عن ذلك بصوت مسموع، رغم الاتفاق العام (الذي لا يقبل النقاش)، حول أهمية إطلاق مسلسل منتظم للتصدي لأشكال الفساد والرشوة والاعتداء على المال العام وترتيب الجزاءات المناسبة .
فلا أحد يتحدث عن أكباش فداء أو حملات انتقام وتطهير وتصفية حسابات، وغيرها من «الكليشيات» الأخرى التي تشكك في منظومة الإصلاح والرقابة والزجر وربط المسؤولية بالمحاسبة، لكن الاقتصار على أشخاص بعينهم، دون غيرهم في تراتبية المسؤولية يجعل جميع الأسئلة والتخوفات مشروعة .
فما معنى أن تركز هيئات الرقابة المالية والإدارية، ومنها أساسا المجلس الأعلى والمجالس الجهوية للحسابات، على الجماعات الترابية والمؤسسات التابعة لها، وتخصص وقتا وجهدا كبيرين لملفات التدبير التي يشرف عليها منتخبون، في وقت لا أحد يسمع شيئا (تقريبا) عن مؤسسات عمومية أخرى، تندرج في إطار التعيين.
ولنفترض أن رؤساء جماعات فاسدون وناهبون للمال العام ومتورطون في صفقات عمومية مشبوهة، ألم يكن حريا أن يذهب التحقيق إلى أبعد مدى من ترتيب المسؤوليات في سياق قانوني ورقابي، إذ يستحيل أن يخطو منتخب خطوة واحدة، دون علم مؤسسة الوصاية الإدارية، وسلطة التأشير الممنوحة للولاة والعمال؟
ويمكن أن ندرج عددا بلا حصر من الأمثلة عن عمليات انتقاء، أو توقف عند مستوى معين من التحقيق والمتابعة، في قطاعات أخرى غير المؤسسات المنتخبة، ما يعطي للمواطنين حق طرح الأسئلة.
إن محاربة الفساد كل لا يتجزأ ولا نقبل أن يتوقف المسلسل عند قدم أي أحد مهما كان. ولا نخجل إذا اعتبرنا أن جميع المسؤولين، دون استثناء، فاسدون إلى أن يثبت العكس.
في افتتاح المؤتمر الإقليمي لحزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية – انزكان أيت ملول في يوم الجمعة 5 ماي 2023، يقول الأستاذ إدريس لشكر، الكاتب الأول للحزب «أحمل الحكومة مسؤوليتها الكاملة في محاربة الفساد والمفسدين بعد صدور تقارير في هذا الشأن من لدن المجلس الأعلى للحسابات، وأعلن أن حزب الاتحاد الاشتراكي يتبرأ من أي مفسد ولا يزكيه، وإذا أقرت تلك التقارير وجود أية حالة لدينا فإننا لن ندافع عنها.
ولهذا حان الوقت، لمناقشة الإثراء غير المشروع بجدية لازمة داخل البرلمان واتخاذ إجراء تشريعي حوله لأنه مظهر حقيقي من مظاهر الفساد والارتشاء ونهب المال العام، مع العلم أن هذا المطلب كان ولا يزال من اقتراح الفريق الاشتراكي بمجلس النواب، الذي تقدم به أمام الحكومة، لكن مع الأسف، مع ذلك لم تتجاوب هذه الأخيرة، في الوقت الذي عليها أن تتحمل مسؤوليتها في الأيام القادمة من أجل محاربة الإثراء غير المشروع.
لكن على شرط أن تحارب الفساد أينما وجد، ليس في المؤسسات المنتخبة والغرف المهنية وحدها، بل أيضا في مؤسسات أخرى كالقضاء والإدارة، وبالتالي عليها ألا تبخس قضية الفساد الذي استشرى في جميع المؤسسات بحيث ألا تجعله حكرا فقط على الأحزاب السياسية والمؤسسات المنتخبة، وتستثني في ذلك جميع الإدارات والمؤسسات الأخرى.»

الكاتب : عبد السلام المساوي - بتاريخ : 20/06/2023

التعليقات مغلقة.