من العاصمة : الإبداع ورمضان
محمد الطالبي
يحل رمضان وسط تباشير تهاطلات مطرية مهمة ومرتقبة ستنقذ ما يمكن إنقاذه من الموسم الفلاحي، وستساهم، لا محالة، في توفير فرشة مائية مهمة على أمل إخراج المغرب من وضعية الإجهاد المائي الصعبة التي يوجد فيها بعد سنوات طوال من شح الأمطار والجفاف.
وفي هذا الشهر الفضيل ذي الحمولة الدينية جرت العادة أن تتجند مصالح حماية المستهلكين وأجهزة وزارة الصحة للقيام بحملات جدية لمحاربة الاحتكار والغش في المواد الغذائية وخاصة التي يكثر الطلب عليها في هذا الشهر المبارك، ومنها الفواكه والأسماك واللحوم والبيض والفواكه الجافة والتمور والحليب وغيرها كثير .
إن المراقبة الصارمة ضرورية لضمان الجودة والأسعار ومحاربة الغش حماية ليس فقط لقفة المغاربة ولكن للصحة العامة .
إن الحملات التي نتحدث عنها واجبة وضرورية طيلة العام، لكن في رمضان تزداد الحاجة إليها نظرا لما يسجل فيه من إقبال للأسر المغربية على اقتناء طلبات غذائية خاصة به وبالتالي يرتفع الطلب ويبرز جشع البعض خارج القانون والضوابط ، فرمضان الحالي يأتي عقب الخروج من حالة الطوارئ التي فرضها الفيروس غير المأسوف عليه، والذي كاد يعطل الحركة عالميا .
بالإضافة إلى ذلك لابد من حماية الذوق العام من بعض التفاهة التي تعرفها البرامج التلفزيونية وخاصة في القنوات الرسمية، التي تبث، للأسف، في أوقات الذروة، وهي لا تحمل من الإنتاج إلا الاسم في غياب احترافية حقيقية ولجان فرز واختيار، حيث يضطر المشاهد المغربي إلى تغيير وجهته نحو قنوات أجنبية عربية وغير عربية لأن الشهر يشهد فورة إنتاج لإرضاء الزبناء وفرض إنتاجات رخيصة شكلا ومضمونا .
وإذا كانت الشركات حرة في إنتاجها وتسويقه فما يهمنا هو ما يعرض على الشاشات الممولة من المال العام والإنتاجات الممولة منه كذلك، لذا يجب ألا تمر جودة الإنتاج من عدمها مرور الكرام، ومن واجب الوزارة الوصية أن تشكل لجانا للتتبع والخروج بخلاصات علمية وحقيقية تراقب أولا حجم وقيمة الإنتاج مقارنة مع ما حصل عليه من المال العام، وهنا يأتي دور المجلس الأعلى للحسابات لأن الأمر يتعلق بملايير الدعم العمومي، ثم مراقبة بعدية واتخاذ قرارات قد تصل حد إرجاع الدعم أو تبريره، وفي ذلك حماية ورقابة طبعا، طبقا للقوانين، واحترام حرية الإبداع والفن، وتعدد الأذواق .
فالشعوب لا تعيش فقط بالخبز بل بالإبداع والفن، أيضا، لذا وجب حمايتهما من كل الشوائب والعفن، ورمضان كريم…
الكاتب : محمد الطالبي - بتاريخ : 09/03/2024