من العاصمة .. الجهوية والإنسان أولا 

محمد الطالبي

تعكس احتجاجات سكان الحوز، التي نظمت بالرباط طلبا للإنصاف، تراكمات تاريخية من الشعور بالتهميش والظلم الاجتماعي الذي طال هذه المنطقة، خاصة في ما يتعلق بالتنمية والتوزيع العادل للموارد. فالحوز، برغم ما يمتلكه من إمكانيات طبيعية وسياحية، ظل يعاني من ضعف في البنى التحتية وغياب استراتيجيات تنموية مستدامة تشمل السكان بشكل مباشر.
المطالبة بإنصاف الحوز ليست مجرد صرخة حقوقية، بل هي رسالة تعبر عن تطلع هؤلاء السكان إلى الاعتراف بأهميتهم ودورهم في النسيج الوطني. السياق التاريخي الذي يصفه البعض بـ»الظلم التاريخي» يرتبط بإحساس السكان بتجاهل مطالبهم لفترة طويلة، مما دفعهم اليوم إلى البحث عن حلول ملموسة تضع حداً لهذه المعاناة، خاصة بعد الزلزال الذي كشف بشكل أكثر وضوحاً عن هشاشة المنطقة.
وزير الداخلية عبد الوافي لفتيت سبق وقدم شروحات حول المنجز من أجل ترميم الجرح الاجتماعي والانساني والمادي، وقال قولته المأثورة التي تسير في اتجاه تغليب منطق ألا يضيع مواطن في حق مستحق، وهي معادلة تغلب منطق الانتصار لمن يستحقون، وتقتضي ضرورة تنزيلها محليا والحرص أشد الحرص عليها كأساس.
إن هذا الأمر يتطلب، أيضا، الإسراع رغم الصعوبات الموضوعية في طي صفحة هذا الزلزال ومخلفاته، وتشجيع الحوار في عين المكان، ومعه الحلول دون نسيان أن الزلزال ترك مآسي نفسية تصل حد الجنون لدى أفراد فقدوا كل أحبتهم وأسرهم، وهو ما لا يعوض حتما بالمال بل بعطف الوطن.
على السلطات أن تتعامل مع هذه الاحتجاجات بجدية، وبأسلوب يعكس فهماً عميقاً للمطالب. كما يجب أن يكون الحوار مع السكان وممثليهم مدخلاً رئيسياً لمعالجة الإشكاليات، مع وضع خطة إنعاش وتنمية اقتصادية واجتماعية تأخذ بعين الاعتبار الانسان.
. المطالب التي يرفعها سكان الحوز هي فرصة لإعادة صياغة العقد الاجتماعي بين الدولة والمجتمع، حيث يتم الإنصاف الفعلي وإعادة الاعتبار لهذه المناطق التي ظلت على هامش الاهتمام لسنوات طويلة. كما أن فتح مجال الحديث عن الجهوية الموسعة قد يكون مدخلا جديا وفعالا لدراسة تقسيم يجيب عن دور الإنسان كهدف للتنمية خارج الأجندات الانتخابية للحكومة، لأن التراب والمواطن من أجلهما تؤسس الأوطان .

الكاتب : محمد الطالبي - بتاريخ : 28/12/2024